نتنياهو ألغى فلسطين قبل أسبوعين من الطوفان… لا أمر واقع يفرض على غزة

محمد شمس الدين

اليوم الثاني بعد الحرب، هو العنوان الكبير الذي يؤرق الولايات المتحدة، ولا تعرف اسرائيل شكله، بحيث تصر الادارة الأميركية على حسم شكل قطاع غزة بعد إنهاء اسرائيل مهمتها التي تعنونها بـ “القضاء على حركة حماس”، وقد اعتقدت إدارة الرئيس جو بايدن أن الحل يكمن في تولي السلطة الفلسطينية حكم القطاع بعد الحرب، معتبرة أنه ليس حلاً مثالياً لكنه أفضل الخيارات، وسط رفض أميركي لانشاء منطقة عازلة في غزة.

إلا أن اسرائيل منغمسة في اليوم، وفي تحقيق انتقامها من غزة، ولا تفكر في ما بعد الحرب، مبدية عدم ثقتها بالسلطة الفلسطينية، التي ترفض هي نفسها أن تعود إلى غزة على “ظهر دبابة اسرائيلية”، كما صرح قياديوها في عدد من المناسبات.

وبغض النظر عن الآراء المتضاربة بين الكيان الاسرائيلي والادارة الأميركية، هل يمكن فعلياً فرض حل على الفلسطينيين؟ هل استطاعت أميركا عبر التاريخ فرض حل بقوة الأمر الواقع على الشعوب في حروبها؟

قد تكون أفغانستان المثال الأكبر على عدم قدرة الولايات المتحدة على فرض الأمر الواقع على الشعوب، فعلى الرغم من مرور ثلاثة عقود من الحرب عليها، عادت حركة “طالبان” لتحكم أفغانستان فور انسحاب القوات الأميركية من المنطقة، بل ان الادارة الأميركية بدأت بمنحى للتعامل مع الحركة بصفتها السلطة الشرعية في البلاد.

الأمر نفسه حصل في لبنان، فبعد الاجتياح الاسرائيلي عام 1982، لم تتمكن اسرائيل من فرض الأمر الواقع عليه، واضطرت الى الانسحاب من العاصمة بيروت حتى الجنوب، بعد أيام فقط من الاجتياح، وبعد ثلاث سنوات فرض عليها التراجع من نصف الجنوب إلى ما عرف بالشريط الحدودي تحت ضربات المقاومة، وبقيت تستمر في التراجع حتى التحرير عام 2000.

وعندما اشتعلت الحرب عام 2006، لم تستطع اسرائيل فرض أي أمر واقع على لبنان، وفُرض عليها التفاوض الذي أوصل إلى القرار الدولي 1701، وعلى الرغم من هذا القرار، لم تتمكن من لجم فصائل المقاومة، وإبعادها عن الحدود، وذلك مرده الأساس إلى تأييد شريحة كبيرة من اللبنانيين الخيار المقاوم، الأمر الذي انعكس في السياسة، وأعطى شرعية رسمية للمقاومة عبر بيانات الحكومات المتعاقبة، ما يعني بصورة واضحة فشل فكرة ما بعد الحرب.

أما في غزة فيتوقع أن يكون الأمر مماثلاً، وتقول مصادر قريبة من محور الممانعة لموقع “لبنان الكبير”: “حتى لو تمكنت اسرائيل من احتلال كل غزة، فهي لن تستطيع فرض أمر واقع على الفلسطينيين لا يريدونه، وأصلاً عملية طوفان الأقصى هي للتصدي لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية التي كان يحاول تنفيذها الكيان الاسرائيلي، ولعله يجدر التذكير بأن رئيس الكيان بنيامين نتنياهو قبل عملية الطوفان بحوالي أسبوعين، رفع صورة خريطة في الأمم المتحدة في نيوورك تمثل الشرق الأوسط الجديد، ولا ذكر لفلسطين فيها، وقال حينها انه لا يجب إعطاء الفلسطينيين حق الاعتراض على معاهدات السلام الجديدة مع الدول العربية، واعتبر أن جهود اسرائيل في السلام فشلت في السابق لأنها كانت مستندة إلى فكرة يراها خاطئة أنه إذا لم يتم التوصل الى سلام مع الفلسطينيين فلن تطبع الدول العربية مع اسرائيل، وبعدها حصل الطوفان ونسف كل أفكار نتنياهو الفاشية”.

وتضيف المصادر: “الفلسطينيون والعرب، حاولوا منذ احتلال فلسطين عام 1948، إلى إيجاد سلام مع الكيان، جوبهوا دائماً برفض اسرائيلي، وبتهرب من كل المعاهدات والاتفاقات تحت حجج واهية، ولذلك مهما عاثت آلة الحرب الاسرائيلية دماراً اليوم، فلن تستطيع فرض أمر واقع في غزة، حتى لو احتلتها، ستنظم المقاومة تشكيلاتها مجدداً، وتعود العمليات ضد الكيان الاسرائيلي، وسيكون هناك طوفان جديد، طالما أن الشعب المظلوم لا يشارك في تقرير مصيره”.

وتؤكد المصادر أن “هذا الكيان لا يفهم إلا لغة النار، ولن يكون هناك سلام في المنطقة قبل اقتلاعه منها، أو على الأقل اقتلاع الفكر الاستعماري العنصري منه”.

شارك المقال