المسيّرات… حرب إسرائيل اليوم

حسين زياد منصور

هذه الحرب ليست حرب صواريخ، بل حرب مسيّرات، وعدد القتلى والأهداف المصابة بنجاح خير دليل، إن كان في المعركة بين إسرائيل و”حزب الله” أم بينها وبين حركة “حماس”.

إسرائيل تستخدم المسيّرات في لبنان، للتنصت أو التجسس أو التصوير، وحتى للقيام بعمليات قتالية، واستهداف عناصر الحزب المتمركزين عند الحدود، قبل تنفيذهم للعمليات التي يتم الاعلان عنها، وأثناءها وبعدها حتى استهداف قيادات عدة بين صفوفه، والأمر لا يقتصر على لبنان وحسب، بل في سوريا أيضاً. وكانت النتيجة واضحة بالنسبة الى العدد الكبير من القتلى الذي يسقط في صفوف “حزب الله”.

والأمر نفسه تنتهجه إسرائيل في قطاع غزة، وعلى نطاق أوسع أيضاً، اذ تغطي الطائرات من دون طيار أي المسيّرات أجواء القطاع، وتتنوع المهام التي تقوم بها، بين الهجوم وجمع المعلومات والتجسس.

تعد إسرائيل لاعباً أساسيا في الصناعات العسكرية، خصوصاً تلك التي ترتبط بالتطور والذكاء الاصطناعي، وتعد من أهم مصدري هذه الصناعات العسكرية، وهذا المجال قد دخل قطاع المسيّرات، وأصبح عدد منها يقوم بالمهام من دون متابعة من مشغليها ومرسليها، وبحسب العديد من التقارير الأجنبية أبرزها المعهد الملكي للخدمات المتحدة، وهو مؤسسة أبحاث في لندن، فان إسرائيل أصبحت أحد أكبر مشغلي الطائرات المسيرة في منطقة الشرق الأوسط ومُصدرة لها.

الى جانب تصنيعها للمسيّرات، ومع بداية المعارك في غزة منذ 7 تشرين الأول، ازداد طلب الاسرائيليين على المسيّرات، ان كان من الولايات المتحدة الأميركية أو الصين أو أي دولة أخرى تصنعها.

يقول أحد الضباط الاسرائيليين الكبار ان أسطول الطائرات المسيرة المسلحة يضم “هيرون تي. بي”، وهي بحجم طائرة ركاب، من إنتاج شركة إسرائيل للصناعات الجوية المحدودة المملوكة للدولة وطائرات “هيرميس” الأصغر التي تنتجها شركة “إلبيت سيستمز” المحدودة.

وأوضح الضابط أن “هيرون تي. بي” هي الطائرة المسيّرة الأثقل التي تملكها قوات الدفاع الاسرائيلية ويمكنها حمل ذخائر بوزن طن تقريباً.

“هيرون تي. بي”

“هيرون تي. بي” وتعرف أيضاً بأسماء أخرى مثل “إيتان”، “هارون 2” أو “ماحتس 2″، تعد أضخم طائرات الاستطلاع التي تنتجها شركة الصناعات الجوية الاسرائيلية، وهي الأكبر في الترسانة الجوية.

ويمكن لهذه المسيرة التي أدخلت إلى الخدمة في سلاح الجو الاسرائيلي عام 2010 حمل قدر كبير من الأسلحة، كما يمكن تسليحها بصواريخ “جو-أرض” وقنابل موجهة، الى جانب قدرتها على حمل معدات متنوّعة كالرادارات والمجسّات والكاميرات.

ومن المهام التي تقوم بها أيضاً، المهمات الاستطلاعية والمخابراتية على ارتفاع 45 ألف قدم، والبقاء 30 ساعة في الجو بسرعة تتجاوز 400 كيلومتر في الساعة، فضلاً عن تجهيزها بأجهزة “سونار” للكشف عن الغواصات في مناطق عملها.

وتجدر الاشارة الى أن هذه المسيرة يتم توجيهها عن بعد لتلقي قنابل أو تقوم بعمليات استطلاع قبل العودة إلى قاعدتها، ولن تحتوي مثل هذه القنابل على أنظمة دفع تتسبب في ضوضاء أو دخان من حرق الوقود، ما يجعلها تؤدي جميع مهامها في صمت، وتنافس هذه المسيرة الطائرات الأميركية “أم كيو-9 ريبر”.

الى جانب “هيرون تي. بي”، هناك العديد من المسيّرات التي تنضم الى سلاح الجو الاسرائيلي، ومنها ما هو انتاج إسرائيلي وآخر أميركي وجزء صيني، اذ وصلت خلال الأسابيع الماضية آلاف الطائرات المسيّرة التجارية إلى إسرائيل بحسب “وول ستريت جورنال”، بعضها من شركات أميركية والكثير منها صنعتها شركات صينية وباعتها في الولايات المتحدة، وهذه المسيرات تستخدم في المساعدة خلال عمليات البحث عن الرهائن وجمع معلومات استخباراتية وحماية البلدات الاسرائيلية.

ولم يكن الطلب على المسيرات من عسكريين وأعضاء في الحكومة الاسرائيلية فحسب، بل كان من مواطنين عاديين أيضاً، فمنذ أواخر العام 2010، استخدمت حركة المستوطنين اليمينية مسيرات استطلاع لمراقبة المجتمعات الفلسطينية وترهيبها.

“نوفا 2″ و”سويتش بليد 600″ و”Lanius

ومن المسيرات التي طلبها الاسرائيليون مع بداية “طوفان الأقصى”، من شركة “سكايديو” وهي شركة تقنية أميركية تعمل في إنتاج المسيرات، وتنتج طائرات استطلاع قصيرة المدى تعتمد في تحركها على الذكاء الاصطناعي من دون الحاجة إلى توجيه بشري، وتُستخدم في إجراء مسح ثلاثي الأبعاد للهياكل الهندسية المعقدة مثل المباني بمختلف أنواعها.

الى جانب “سكايديو”، يستخدم جيش الاحتلال طائرات “نوفا 2″، وهي عبارة عن طائرة صغيرة من دون طيار مدعمة بالذكاء الاصطناعي يمكنها رسم خريطة للمباني الداخلية متعددة الطوابق والمجمعات الموجودة تحت الأرض والبحث فيها بذكاء من دون الحاجة إلى مشغل بشري وقادرة على التعرف على الأشياء، بما في ذلك البشر. وهذه الطائرة تنتج عن شركة أميركية وهي Shield AI الناشئة في مجال التكنولوجيا.

اما بالنسبة الى “سويتش بليد 600” الأميركية، فهي الطائرات التي أمّنها الجيش الأميركي للأوكرانيين في حربهم ضد الروس، وتمتلك كاميرا متطورة ويمكنها حمل كمية من المواد المتفجرة، ولديها القدرة على استقبال المعلومات من الطائرات من دون طيار القريبة منها، وتستخدم أيضاً لمهاجمة الأهداف القريبة، ويصل مداها إلى 40 كيلومتراً، وقادرة على الطيران لمدة 40 دقيقة.

وطائرات Lanius هي طائرات صغيرة ذات قدرة بحث وهجوم مشتركة، وتحمل أجهزة استشعار وتقلع للاستكشاف داخل مبنى سكني. ويمكنها أن تحمل أيضاً شحنة متفجرة بحجم قنبلة يدوية وفاعلة للغاية في الأماكن الضيقة.

“هيرمس 450

هذه المسيرة تعرف باسم “زيك”، من تصنيع شركة “إلبيت” الاسرائيلية، وتعتبر ثالث أكبر طائرة مسيرة في جيش الطائرات المسيرة، وتقوم بمهام الهجوم والاستطلاع وجمع المعلومات الاستخباراتية، فهي طائرة تكتيكية مزودة بصواريخ تعمل عن بعد، ويمكن أن تحمل صواريخ متفجرة تزن 150 كيلوغراماً، وقادرة على التحليق والبقاء في الجو لمدة 20 ساعة متواصلة.

“هيرمس 900”

هذه المسيرة تعرف باسم “كوخاف”، وهي من صناعة شركة الطيران الاسرائيلية وتطويرها. وبإمكانها حمل ما يصل إلى 4 صواريخ جو-أرض من طراز “إيه جي إم-114 هيلفاير”، أو صواريخ جو-جو من طراز “إيه آي إم-92 ستينغر” المستخدمة لاعتراض الطائرات والمسيرات.

ومن مميزاتها أيضاً حمل قنابل موجهة بالليزر من نوع “جي بي يو-12 فايفواي”GBU-، وهي التي تستخدم في استهداف مواقع معينة أو اغتيالات أو عمليات نوعية. وتتميز أيضاً بقدرتها على البقاء في الهواء والتحليق في الجو لمدة 40 ساعة متواصلة.

“نيتسوس

مسيرة صغيرة، مصنعة لدى شركة “أيروناوتكس”، وهي شركة إسرائيلية مملوكة لشركة “رافائيل”، أدخلت حديثاً إلى خدمة الجيش الاسرائيلي خلال العدوان على غزة لأداء مهام الاستخبارات، ومرافقة القوات، وتوجيه الهجوم والمساعدة في المناورة.

شارك المقال