القتال يحتدم في غزة رغم الضغوط على إسرائيل من حلفائها

لبنان الكبير

زاد حلفاء إسرائيل ضغوطهم على الدولة العبرية من أجل وقف إطلاق النار في قطاع غزة المحاصر الذي دمّرته الحرب، بينما تواصلت عمليات القصف الجوي والقتال البري بين الجيش الإسرائيلي وحركة “حماس” ليل الثلاثاء الأربعاء.

وسجل الجيش الاسرائيلي الثلاثاء أكبر حصيلة قتلى في صفوف عسكرييه منذ بدء الهجوم البري في 27 تشرين الأول في قطاع غزة، مع إعلانه مقتل عشرة جنود. كما أعلن اليوم الأربعاء مقتل 115 جندياً حتى الآن منذ بدء الهجوم البري على قطاع غزة.

ومساء الثلاثاء، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية 153 صوتاً من أصل 193 قراراً غير ملزم يدعو إلى “وقف إطلاق نار إنساني فوري” في غزة حيث تسببت الحرب التي دخلت يومها الثامن والستين، في إغراق مئات الآلاف من الفلسطينيين في وضع إنساني يائس.

وعلى الرغم من ذلك التصويت، تواصل القصف الجوي والقتال البري طوال الليل في أنحاء قطاع غزة، خصوصاً في خان يونس ورفح في الجنوب وفي مدينة غزة في الشمال.

ومساء الثلاثاء، أعلن الجيش استعادة جثتي رهينتين إسرائيليين في قطاع غزة خلال عملية عسكرية. وبحسب الجيش، لا يزال 135 رهينة أحياء أو قتلى في قطاع غزة.

ووفقاً لأحدث حصيلة نشرتها وزارة الصحة التابعة لـ “حماس”، أدّى القصف الاسرائيلي الى مقتل 18412 شخصاً، نحو 70 في المئة منهم نساء وأطفال.

وقال مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) إن العديد من الأشخاص ما زالوا في عداد المفقودين تحت الأنقاض.

وبالاضافة إلى القصف الجوي المدمّر، يشنّ الجيش هجوماً برياً في قطاع غزة تركّز بداية في الشمال حيث سيطر على قطاعات عدة، ثم امتد إلى بقية أنحاء المنطقة.

“معاناة مستمرة”

والثلاثاء، صوّتت إسرائيل والولايات المتحدة ضد القرار الذي تم تبنيه في الأمم المتحدة ولا يدين “حماس”.

وعلى الرغم من دعمه القوي لاسرائيل، انتقد الرئيس الأميركي جو بايدن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لمعارضتها “حل الدولتين” مع الفلسطينيين، وحذّر من خسارة الدعم الدولي لحربها. وأكد في خطابه، أنّ “ليس هناك أيّ شكّ في ضرورة القضاء على حماس”.

وخلال تجمع لجمع تبرّعات لحملته الانتخابية في واشنطن، قال بايدن إنّ إسرائيل تحظى اليوم بدعم “أوروبا” و”معظم دول العالم” بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنّته “حماس” عليها انطلاقاً من غزة، مضيفاً: “لكنّهم (الاسرائيليون) بدأوا يفقدون هذا الدعم بسبب القصف العشوائي الذي يحدث”.

وفي بيان مشترك، أعرب رؤساء وزراء كندا وأستراليا ونيوزيلندا اليوم الأربعاء عن “قلقهم من تقلّص المساحة الأمنية المتوافرة للمدنيين في غزة”. وأضافوا أن “الثمن مقابل هزيمة حماس لا يمكن أن يكون المعاناة المستمرة لجميع المدنيين الفلسطينيين”.

وبعد أكثر من شهرين على اندلاع الحرب في قطاع غزة حيث نزح 85% من السكان البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة، شبّه المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني الوضع في غزة بأنه “جحيم على الأرض”.

وفي قطاع غزة الذي يخضع لحصار إسرائيلي منذ العام 2007 وحصار كامل منذ التاسع من تشرين الأول، أسفر القصف الأخير عن مقتل أكثر من 50 شخصاً ليل الثلاثاء الأربعاء في مدينة غزة وخان يونس ورفح، وكذلك في النصيرات ودير البلح (وسط)، بحسب وزارة الصحة.

اكتظاظ وأمراض

وبعد الفرار من منازلهم في شمال القطاع ثم من ملاجئهم في خان يونس، انتقل عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى رفح الواقعة في أقصى جنوب القطاع عند الحدود مع مصر وتحوّلت إلى مخيم ضخم للنازحين حيث نصبت مئات الخيام باستخدام أخشاب وأغطية بلاستيكية.

وأشار “أوتشا” الى أن عشرات آلاف النازحين الذين وصلوا إلى رفح “يواجهون ظروفاً كارثية في أماكن مكتظة بالسكان داخل الملاجئ وخارجها (…) كما أن غياب المراحيض يزيد من خطر انتشار الأمراض” خصوصاً عندما تسبب الأمطار فيضانات.

وقال الشاب الفلسطيني إيهاب أبو جوف (23 عاماً): “غمرت المياه كل الخيم. لا نعرف ماذا نفعل. أقسم بالله أن الظروف هنا صعبة جداً”.

وعلى الرغم من وجود هؤلاء النازحين في المكان، يواصل الجيش الاسرائيلي استهداف رفح حيث أسفر قصفان على منزلين عن مقتل 24 شخصاً الثلاثاء، وفق وزارة الصحة التابعة لحركة “حماس”.

“أين الأمن في رفح؟”

وقال توفيق أبو بريق، أحد الناجين بين الأنقاض: “هم (الجيش الاسرائيلي) بأنفسهم قالوا إن الجنوب آمن، رفح آمنة. أين الأمن في رفح؟ كل يوم هناك قصف على رفح”.

وأشار المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس الثلاثاء إلى اقتحام القوات الاسرائيلية مستشفى كمال عدوان في غزة حيث يوجد 65 مريضاً و45 عاملاً صحياً، بعد أيام من الحصار. وكتب على منصة “إكس”: “أنا قلق جداً”.

وأكّدت “حماس” على “تلغرام” أن الجيش الاسرائيلي “اعتقل مدير المستشفى واقتاده إلى جهة مجهولة خارج المستشفى”. إلا أن الجيش الاسرائيلي لم يؤكد ذلك لكنّه يتّهم “حماس” بانتظام باستخدام مستشفيات ومدارس ومساجد منشآت عسكرية، وهو ما تنفيه الحركة.

وبحسب “أوتشا”، دخلت إلى قطاع غزة مئة شاحنة محملة بالمساعدات عبر معبر رفح منذ مساء الاثنين، بالإضافة إلى 120 ألف لتر من الوقود، وهي مساعدات تبقى بحسب المكتب أقل بكثير من الحاجات.

وفي إطار الحصار التي تفرضه على غزة، تتحكّم إسرائيل في دخول المساعدات الدولية إلى القطاع عبر معبر رفح، وبسبب القتال، يصعب نقلها إلى ما بعد رفح.

وقد أعادت الحرب إشعال الجبهة مع “حزب الله” على الحدود الشمالية لاسرائيل وتسببت في اندلاع أعمال عنف في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967 حيث قتلت القوات الاسرائيلية ستة فلسطينيين الثلاثاء بحسب السلطة الفلسطينية.

وفي هذا السياق، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين اليوم الأربعاء إنها “تؤيد” فرض عقوبات على “المتطرفين” من المستوطنين الاسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة، مندّدة أمام البرلمان الأوروبي بـ”تصاعد” أعمال العنف التي يمارسونها والتي اعتبرت أنها تهدد استقرار المنطقة.

شارك المقال