جبران بين آينشتاين وسقراط

الراجح
الراجح

يقول الفيلسوف سقراط “كل ما أعرفه أني لا أعرف شيئًا“. ومن هذه القاعدة الفلسفيّة أسَّست كل الجامعات العريقة والمحترمة حول العالم بأسره المناهج الدراسيّة، وجعلت لها مراكز أبحاث لتؤكِّد لكل منتسبيها أنهم لا يعرفون شيئاً. حتى بعد الانتهاء من دراستهم الجامعيّة والتّخرج بأعلى الدرجات، تراهم متواضعين لأنهم يعلمون أنهم لم يصلوا إلى المعرفة الكاملة.

وبالكلام عن سقراط وعن فلسفته في مجال المعرفة، لا بد من سرد هذه الرّواية، بحيث أن أحد تلامذته في حينه قصد الاله أبولو، أحد أهم آلهة اليونان في ذاك الزمان، ليسأله عن الذي يمتلك المعرفة والحكمة، وكان جواب الاله أبولو أنه سقراط لأنه يعرف أنه لا يعرف.

وفي مجال آخر، قال الدكتور محمود عزمي، الممثل الدائم لمصر لدى الأمم المتحدة سنة 1953، عن آينشتاين: “انه أعظم الأحياء في زماننا”. وقال عنه الناقد الأدبي الكبير لويس عوض: “انه أول الخالدين في هذا العصر”. ولكن ماذا قال آينشتاين عن نفسه: “انني فوجئت عندما وجدتهم يعرضون علي رئاسة الدولة في إسرائيل بعد وفاة حاييم وايزمن. أعرف طبعاً أنهم يريدون إسمي وليس جسمي، فهم كانوا في مشكلة بعد غياب شخصيّة معروفة ولامعة مثل وايزمن، لكنني لم أستطع القبول واعتذرت لهم بأسف حقيقي لأنني أعرف نفسي. لست مخلوقاً لكي أرأس دولة. هذا شيء خارج عن كل ما أعرفه، بعيد عن خبرتي. يضاف إلى ذلك، عمري لا يسمح لي ببقية قوة أعطيها لما تعرضونه علي”. تماماً كما فعل عم القائد العليم بكل شيء جبران باسيل؛ وتماماً كما يفعل جبران مغايراً لفلسفة سقراط كونه يعرف أنه يعرف في الدستور الذي تكلمّ عنه مؤخرّاً، والطاقة بكل أنواعها، والهندسة الماليَّة بكل تفاصيلها، وقضايا الجيوش والدفاع، وبناء الكانتونات المستقلة عن المركزية؛ ولا ننسى السياحة والتربية والتعليم، ولا ضرورة لتعداد كل شيء يتعلق بالحياة.

ومثل جبران وعلى خطاه قد نجد الكثيرين. فمنهم وهو على فراش الموت يريد بناء المستقبل! وترى من يجد صعوبة في الحركة يريد ويسعى الى قيادة أي حراك يقود إلى الثورة! وهكذا…

يا سادة هذا العصر أنتم أهم بكثير من سقراط وآينشتاين في العلم والخبرة والشباب طبعاً… فتابعوا!

شارك المقال