غزة: العلاقات الأميركية – الاسرائيلية على مفترق طرق

حسناء بو حرفوش

تكتسب التصريحات الأخيرة للرئيس الأميركي جو بايدن أهمية كبيرة نظراً الى أنها تشير إلى أن العلاقات الأميركية – الاسرائيلية على مفترق طرق. وكان بايدن قد حذر من أن إسرائيل بدأت تفقد الدعم الدولي لهجومها بسبب قصفها “العشوائي” على غزة. وجاءت تصريحات بايدن في حفل لجمع التبرعات في 12 كانون الأول، لتعكس جانباً من المحاولات الأميركية لممارسة المزيد من الضغط على إسرائيل لكبح جماح الحرب وتجنب مقتل المزيد من المدنيين.

وربط تحليل لدافيد تاونلي في موقع “The Conversation”، هذا الموقف بالضغوط المتزايدة لتغيير سياسة الادارة الأميركية تجاه إسرائيل، مع الاشارة إلى برود في العلاقة بين بايدن ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو حتى قبل الهجوم. ويعاني الموقف الأميركي من الانقسام وفقاً لاستطلاع حديث أجرته شبكة “سي بي إس” وشركة أبحاث السوق “يوجوف”. وهذا جزء من الصورة التي تشير إلى أن العلاقة طويلة الأمد بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والمواقف تجاهها، تمر في فترة انتقالية.

المواقف من السياسة الأميركية

وفي الاستطلاع الذي شمل أكثر من 2000 أميركي، وافق 39% فقط ممن شملهم الاستطلاع على محاولات بايدن للتوسط في السلام في الشرق الأوسط، بانخفاض طفيف عن أكتوبر/تشرين الأول. ولكن هناك انقسام واضح على طول الخطوط الحزبية، بحيث يوافق 63% من الديموقراطيين على سياسة بايدن في إسرائيل وغزة، بينما يعتقد 22% فقط من الجمهوريين أن نهج بايدن صحيح. كما أن حوالي 55% ممن يعتبرون أنفسهم ليبراليين يدعمون بايدن أيضاً، بينما يعتقد 23% من المحافظين فقط أن بايدن تصرف بصورة صحيحة.

ويعتقد حوالي 41% أن الولايات المتحدة تقدم لاسرائيل ما يكفي من الدعم، ويرى31% أن هذا الدعم أكثر من اللازم. ويعتبر 28% فقط أنه كان ينبغي لاسرائيل أن تحظى بدعم أكبر من الولايات المتحدة. ويعتقد نحو 48% من الجمهوريين أن الولايات المتحدة لم تقدم الدعم الكافي. كما يواجه دعم بايدن لاسرائيل عوائق في الكونغرس. وفي أوائل ديسمبر/كانون الأول، منع مجلس الشيوخ مشروع قانون تمويل رئيس يهدف إلى دعم كل من أوكرانيا وإسرائيل. كان التصويت بأغلبية 49 صوتاً مقابل 51 نتيجة لتصويت كل الجمهوريين ضد تقديم دعم بقيمة 111 مليار دولار (88.6 مليار جنيه إسترليني)، منها 60 مليار دولار مخصصة لأوكرانيا، ما لم يدرج بايدن قوانين أكثر صرامة بشأن الحدود والهجرة الأميركية.

وفي مقال في صحيفة “واشنطن بوست”، كتب فان هولين أن الاسرائيليين على الرغم من أنهم يشنون حرباً وصفها بـ”المبررة”، لدى الولايات المتحدة “التزام تجاه الشعب الأميركي بضمان توافق الدعم مع المصالح والقيم الأميركية والقانون الدولي الانساني”. وكانت هناك أيضاً دعوات من داخل الولايات المتحدة لاعادة تقويم علاقتها باسرائيل، وانتقادات للتكتيكات العسكرية الاسرائيلية. وقال توماس فريدمان في الصحيفة نفسها: إن محاولات نتنياهو لتعزيز العلاقات بين إسرائيل والأحزاب اليمينية المتطرفة الأوروبية يجب أن تثير قلق إدارة بايدن، على سبيل المثال.

وفي حال استمر العنف والسياسة العدوانية التي تنتهجها إسرائيل تجاه غزة، من المؤكد أن الأصوات المطالبة بوقف إطلاق النار سترتفع بصورة متزايدة في الولايات المتحدة وخارجها. وعلى الرغم من أن الشراكة الاسرائيلية – الأميركية قوية ومهمة لأهداف الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، يدرك بايدن رغبة البعض داخل حزبه في الاستمرار بالتنديد بالقوة المفرطة لاسرائيل، وربما بوضع مسافة أكبر بين حكومته وحكومة نتنياهو”.

شارك المقال