الرابحون والخاسرون في سيناريوهات معركة رأس المؤسسة العسكرية

محمد شمس الدين

اشتعلت النار في ملف الفراغ في قيادة الجيش، وضاعت “طاسة” الحل بين مجلس النواب ومجلس الوزراء، بل ان الحلول نفسها تعددت، فبعدما كان هناك توافق على جلسة نيابية اليوم الخميس، يُطرح فيها مشروع قانون معجل مكرر يقر التمديد سنة لقائد الجيش العماد جوزيف عون والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، بالاضافة إلى قادة أمنيين آخرين، هبط بـ”الباراشوت” عقد جلسة للحكومة يوم غد الجمعة، وظهرت دراسة قانونية دستورية للأمين العام لمجلس الوزراء تسمح بتأجيل تسريح قائد الجيش، على الرغم من معارضة وزير الدفاع موريس سليم، وانتظار “التيار الوطني الحر” على “الكوع” ليقدم طعناً بالقرار.

بالاضافة إلى هذه الطروح، تتم “جوجلة” فكرة تعيين رئيس للأركان، مع تأجيل تسريح قائد الجيش، أو تعيين رئيس للأركان يحل مكان القائد، وطبعاً هناك رأي “التيار الوطني الحر” المعارض الأكبر لبقاء العماد عون على رأس المؤسسة العسكرية، ولديه طرحان، تعيين قائد جديد أصيل مع تعيين المجلس العسكري، أو أن يتسلم الضابط الأعلى رتبة مهام القائد.

في كل هذه الطروح هناك رابحون وخاسرون، ومن يحصل على ما يريده، يسجل هدفاً في مرمى خصومه، فمن يفوز في معركة “تجنب الفراغ في قيادة الجيش”؟

بقاء العماد عون بأي شكل كان هو خسارة لـ “التيار الوطني الحر”، الذي تمادى كثيراً في معركة إطاحته، وهو أمر حذر منه قياديو التيار رئيسهم جبران باسيل، وبالتالي كيفما حصل التمديد أو تأجيل التسريح له، سيكون هدفاً في مرمى التيار، لا سيما في جلسة للحكومة، التي يعتبرها التيار غير شرعية، منذ الخلاف الذي حصل قبل نهاية عهد الرئيس ميشال عون، وهو يدفع بوزرائه الى مقاطعة جلساتها، ويهاجم أي مرسوم يصدر عنها.

وكذلك الخصم التاريخي للتيار، حزب “القوات اللبنانية”، سيسجل خسارة إذا ما تم تأجيل التسريح عبر الحكومة وليس مجلس النواب، وقد استنفر كل قواه السياسية لمواجهة طرح التأجيل بهذه الطريقة، فهو وإن كان سيكسب بقاء العماد عون، إلا أنه سيخسر “البوانتاج” الرئاسي الذي كان يحضر له عبر عدد النواب الذين سيصوّتون لبقائه، وسيسوّق له كمرشح رئاسي يتخطى الـ80 صوتاً وفق حسابات قواتية.

كما أن حضور تكتل “الجمهورية القوية” الجلسات التشريعية هو إعطاء شرعية قواتية لها، بعد أن كان المبدأ “المجلس هيئة ناخبة لانتخاب رئيس للجمهورية، لا يمكنه التشريع”، بل ان مشروع القانون للتمديد لقائد الجيش هو في آخر قائمة المشاريع المطروحة في الجلسة التشريعية، ما يعني أنه لن يكون هناك له وقت في جلسة اليوم الخميس، وإن أقره مجلس الوزراء فلن يطرح في المجلس، كون الأمر من صلاحية الحكومة أولاً، وبالتالي يكون حزب “القوات” أعطى المجلس شرعية التشريع من دون أي شيء في المقابل.

أما إذا حصل التمديد في مجلس النواب، فسيكون “التيار الوطني الحر” أكبر الخاسرين، لأن الطعن في المجلس الدستوري أصعب من مجلس شورى الدولة، بالاضافة إلى ذلك إن حظي القائد بعدد أصوات كبير يؤيد التمديد له، تحديداً أكثر من 65، فهذا يعني أنه المرشح الرئاسي الأوفر حظاً، وسيقدم عندها المجتمع الدولي هذا الترشيح، كتسوية لملف الرئاسة، الأمر الذي يعتبره باسيل كارثة سياسية عليه.

أما في حال تنفيذ واحد من طروح التيار، أي تعيين قائد جديد وانتخاب مجلس عسكري أو تكليف الضابط الأعلى رتبة فيكون التيار حقق فوزاً سياسياً كبيراً، لا سيما أمام خصمه التاريخي “القوات اللبنانية”.

ويبقى سيناريوهان هما فوز خالص للحزب “التقدمي الاشتراكي” الذي لا يخسر فعلياً في أي طرح من الطروح، وفي أسوأ الأحوال يحصل على تعادل سلبي، اذا تم تأجيل تسريح القائد من دون تعيين رئيس للأركان، أما في حال تعيين رئيس للأركان، فيكون “الاشتراكي” رابحاً، وكذلك اذا لم يتم التمديد أو تأجيل التسريح للقائد.

أما الثنائي الشيعي، فيمكن القول انه في كل السيناريوهات رابح، اذ لا مشكلة لديه فعلياً مع العماد عون، حتى لو تم التمديد له في مجلس النواب وحصل على عدد كبير من الأصوات يؤيد ذلك، كون العلاقة بين عون والثنائي جيدة جداً، وأقصى ما يمكن خسارته في جلسة كهذه هو إضعاف الحظوظ الرئاسية لرئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية.

وإذا تم تأجيل التسريح عبر مجلس الوزراء فلن يؤثر ذلك أيضاً على الثنائي، الذي يعتبر أن عمل الحكومة ومجلس النواب شرعي، وإن لم يحصل تأجيل التسريح، وتم تعيين رئيس للأركان أو تسلم الضابط الأعلى رتبة فلن يتأثر أيضاً.

إذاً، في كل الأحوال يمكن القول ان الثنائي الشيعي والحزب “التقدمي الاشتراكي” لن يخسرا في أي من السيناريوهات المطروحة، والخسارة واقعة بين الطرفين المسيحيين عموماً، إلا أن أقل الطروح خسارة لأي أحد هو تعيين رئيس للأركان، الأمر الذي يشكل خسارة مرشح رئاسي محتمل فقط لـ “القوات”، ولا يكلف “التيار الوطني الحر” أي شيء، بل يعتبر تعادلاً سلبياً له.

شارك المقال