الطعن بقانون التمديد… “الدستوري” يضع في الاعتبار الظروف الاستثنائية

محمد شمس الدين

يوم الجمعة الماضي أقر التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان معاً في مشروع قانون يدمج عدة اقتراحات قوانين قدمه تكتل “الاعتدال الوطني”، فيما سحبت بقية الكتل النيابية قوانينها المقدمة. ويقضي القانون برفع سن التقاعد لرتبتي عماد ولواء لسنة واحدة من تاريخ بلوغه، ما يعني فعلياً بقاء كل من العماد عون واللواء عثمان على رأس مؤسستيهما العسكرية والأمنية.

الخاسر الأكبر في هذا التمديد هو “التيار الوطني الحر”، الذي اعتبرها معركة وجود، حتى أن رئيس الجمهورية السابق ميشال عون صرح بأن التمديد لقائد الجيش لا يمر إلا على جثته، فيما رأى رئيس التيار جبران باسيل في خطاب أمس أن “ما حصل البارحة من تمديد في المجلس النيابي، هو في اطار استمرار المؤامرة، التي لم يتصدّى لها السياسيّون اللبنانيون والحكومات منذ تكلّمنا عنها سنة 2011، والتي خضعوا لها مجدداً البارحة بتمديدهم للسياسات الأمنيّة المعتمدة على الحدود البريّة والبحريّة للبنان. الله يستر مما يحضّر لاحقاً في الداخل، في ظل غض النظر، أو التقصير، أو السكوت أو اخفاء للمعلومات ممّا يمكن أن يكون… و17 تشرين 2019 هي مثال صارخ في هذا المجال”.

وكان التيار أعلن عبر حسابه الرسمي على منصة “اكس” اتجاهه الى الطعن بالقانون بعد اقراره، وكتب: “منظومة تمديد الأزمات، تشتري الوقت بأعلى كلفة لتحمي نفسها ومصالحها. اعتادت التمديد منذ التسعينيات لرؤساء جمهورية، وقادة أجهزة أمنية ومجالس نيابية وحاكم مصرف. كنا ولانزال نعترض على جمهورية التمديد. سواء تمكنا من أن نمنعها أم لا فإننا منسجمون مع مبادئنا واقتناعنا ولأننا كذلك سنطعن بالقانون المفصّل على قياس الشخص احتراماً للمؤسسة. لا تغرينا وعود ولا يخيفنا تهديد، لا من داخل ولا من خارج، وسنبقى حراس الحق والسيادة الوطنية حتى ولو كنا لوحدنا”.

فما هي حظوظ الطعن في المجلس الدستوري؟

الخبير الدستوري سعيد مالك يوضح لـ “لبنان الكبير” أن “القانون الذي أُقر في مجلس النواب كان نتيجة دمج عدة اقتراحات قوانين، وتناول وشمل، اضافة الى قائد الجيش، الألوية والأجهزة كافة. هذا القانون بصيغته التي صدر بها هو شمولي وعمومي يتسم بالشمولية والعمومية، وليس بالشخصانية أو الفردية، وبالتالي أي طعن يمكن أن يقدم بهذا القانون أمام المجلس الدستوري سيرد باعتقادي، لاتسام هذا التشريع بالشمولية والعمومية كما صدر البيان، بالاضافة إلى الظروف الاستثنائية التي سيقدرها المجلس الدستوري وسيستنسبها، كما لا يجب نسيان المصلحة العليا، وهذا مبدأ دستوري يستند إليه المجلس في اطار أحكامه”.

ويعرب مالك عن اعتقاده أن “الطعن بهذا القانون لو عرض على المجلس الدستوري حكماً سيذهب باتجاه رد هذا الطعن للأسباب المبينة آنفاً”.

الطعن هو حق قانوني، ويمكن تقديمه بأي قانون يعتبر أي أحد أنه يجب أن يطعن به، وهناك آلية لتقديم الطعن:

  • يجب أن يتم تقديم مراجعة بالقانون أمام المجلس الدستوري خلال 15 يوماً من تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية.
  • بعد تسجيل المراجعة في القلم يدعو رئيس المجلس الدستوري الأعضاء الى دراسة وقف مفعول النص أساس المراجعة إلى حين البت في الطعن، وفي حال اتخاذ قرار بذلك إلى رؤساء الجمهورية والمجلس والحكومة، وينشر في الجريدة الرسمية.
  • يعين رئيس المجلس مقرراً يصدر تقريره خلال 10 أيام من تعيينه، ويجب أن يشمل التقرير، ملخص الطعن والوقائع والنقاط القانونية والدستورية المطروحة، والحل المقترح، على أن يبقى التقرير سرياً.
  • فور ورود التقرير يبلغ رئيس المجلس نسخاً عنه إلى الأعضاء ويدعوهم إلى جلسة خلال 5 أيام من تاريخ وروده، وتبقى الجلسة مفتوحة إلى أن يصدر القرار.
  • التصويت يكون بأغلبية 7 أعضاء من 10.
  • إذا لم يتفق الأعضاء خلال المهل المحددة يبقى القانون نافذاً ويبلغ رئيس المجلس الدستوري الرؤساء الثلاثة.

إذا عدنا إلى مراجعات المجلس الدستوري سابقاً، نجد أنه لا يأخذ المراجعات المقدمة لديه كنصوص جامدة وحسب، بل يأخذ في الاعتبار الظروف المحيطة بالملف. وترجح القوى السياسية والمراجع الدستورية أنه حتى لو وجدت شائبة قانونية في مكان في القانون الذي أقر، لن يعلق المجلس العمل به نظراً الى الظروف الاستثنائية التي يمر بها البلد، وخطورة الفراغ في المؤسسة العسكرية، وكان قد رد الطعن سابقاً بقانون التمديد للبلديات.

وتجدر الإشارة أن حتى مجلس شورى الدولة، أجل البت بالطعن بحق قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي إلى حين انتظم العمل في البلد، رغم أنه قبل بالطعن، وذلك من أجل المصلحة العليا للبلد، وهذا بشورى الدولة، فكيف بالمجلس الدستوري!

شارك المقال