الكتل تؤيد الحريري في رفع الحصانات… والعبرة في الالتزام

هيام طوق
هيام طوق

لا شك أن الرئيس سعد الحريري الذي اقترح خلال مؤتمر صحافي خصصه للتحدث عن جريمة مرفأ بيروت، “تعليق كل المواد الدستورية والقانونية التي تعطي حصانة، أو أصولاً خاصة بالمحاكمات لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء والنواب والقضاة والموظفين وحتى المحامين”، وضع الأطراف السياسية والكتل النيابية أمام خيارين لا ثالث لهما: التنازل عن الحصانة تسهيلاً للعدالة أو الاختباء تحت عباءة هذه الحصانة تهرباً من الحقيقة باستخدام زواريب قانونية والدخول في دهاليز مواد الدستور وثغراتها.

ابن الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي يعلم ما معنى أولياء الدم، قطع الطريق على المزايدين في معرفة الحقيقة وإظهار “تيار المستقبل” على أنه يقف سداً منيعاً في وجه المحقق العدلي، “لهذا السبب لا يزايد علينا أحد بموضوع 4 آب”، إذ أعلن الرئيس الحريري أن “تيار المستقبل” شكل لجنة نيابية لزيارة الكتل و”سنطلب منهم توقيع اقتراحنا لتعليق كل هذه البنود لأنه ما في كبير قدام الحقيقة”.

الرئيس سعد الحريري الذي أراد منذ البداية أن يتساوى الجميع في المثول أمام القضاء لإظهار حقيقة جريمة بحجم انفجار مرفأ بيروت، تحدث عن “جهات متخصصة بتزوير التاريخ تعمل ليلاً ونهاراً، لتقول إن نواب المستقبل تخلوا عن الحقيقة والعدالة وأنهم وقعوا العريضة، وهذا الكلام قمة التضليل وقمة التزوير وقمة الكذب”.

أمام هذا الواقع والتصريح العلني على مرأى اللبنانيين، أراد الرئيس الحريري أن يسمع القاصي والداني، الحليف والخصم أنه وكتلته النيابية سيقودون معركة الوصول إلى العدالة، وأنهم يرفعون الحصانة عنهم قبل غيرهم، حتى إن الرئيس الحريري قال إنه مستعد للمثول أمام المحقق العدلي في حال طلب ذلك. لكن كيف تنظر الكتل النيابية إلى اقتراح الحريري؟ ومن سيوقع على اقتراح ” تيار المستقبل” تعليق بنود الدستور التي تعطي الحصانة؟ وإن رُفعت الحصانة هل ستكون رهن التسويات السياسية؟ أم أنه آن الآوان لأن تأخذ العدالة في لبنان مسارها الصحيح؟ أسئلة توجه بها ” لبنان الكبير” إلى أبرز الكتل النيابية التي أجمعت على أنها مع رفع الحصانات من رأس الهرم إلى أسفله، وان الكتل في المبدأ مع اقتراح الرئيس الحريري تعليق المواد الدستورية التي تعطي الحصانة، وأنهم سيوقعون على اقتراح “المستقبل” بعد الاطلاع عليه مع إمكانية التعديل، لكن العنوان الأساسي في رفع الحصانات، الكل سيسير به تحقيقاً للعدالة. مع العلم أن كل الكتل تنتظر اجتماعاتها الدورية لاتخاذ موقف موحد في الموضوع.

واتصل “لبنان الكبير” بعدد من نواب تكتل “لبنان القوي”، وهو أكبر الكتل النيابية، لمعرفة رأيهم في الموضوع، لكن لم نلق جواباً حيث إن النائب أسعد درغام فضل عدم التحدث قبل سماع ما يقوله رئيس التكتل النائب جبران باسيل كما لفت النائب إدغار معلوف إلى أنه سيكون للكتلة موقف رسمي اليوم في موضوع الحصانات.

ثاني كبرى الكتل النيابية هي “كتلة المستقبل” التي تضم 19 نائباً، والتي بطبيعة الحال ستوقع بكامل أعضائها على اقتراح الرئيس الحريري كما أعلن خلال مؤتمره الصحافي.

كتلة “التنمية والتحرير” وهي ثالث كبرى الكتل النيابية، وتضم 17 نائباً، من بينهم نائبان طلب المحقق العدلي الإذن من مجلس النواب للاستماع إليهما، تنتظر اجتماع الكتلة للخروج بموقف موحد باسم الكتلة، إلا أن النائب محمد خواجة أكد في حديث مع ” لبنان الكبير” انه “مع إلغاء كل الحصانات وليس مع تعليقها بدءاً من رئيس الجمهورية وصولاً إلى أصغر موظف. وهناك كلام تسرب عن الرئيس نبيه بري الذي كان مرحباً بما اقترحه الرئيس الحريري”.

وشدد النائب قاسم هاشم على “أننا مع رفع الحصانات خصوصاً في هذه الظروف بعيدا عن أي مزايدات أو محاولة استثمار في الإطار السياسي. لا حصانة إلا للقانون والدستور حتى المتهمين من كتلتنا كانا أبديا استعدادهما للمثول أمام المحقق العدلي”.

أما كتلة “الجمهورية القوية”، والتي تضم 15 نائباً، هي أيضاً بانتظار اجتماعها الدوري للخروج بموقف موحد، لكن النائب عماد واكيم شدد على أن “القوات مع أسرع طريقة لحسن سير العدالة. نحن مع رفع الحصانات من رأس الهرم إلى أسفله لأنه أمام هكذا جريمة لا يوجد كبير”، مشيراً إلى “أننا في المبدأ سنوقع على اقتراح المستقبل، لكن إذا كان هناك أي تفصيل سنطرح تعديله للإسراع في إظهار الحقيقة. نحن مع رفع الحصانات اليوم قبل الغد، ولا يجوز أن تدوم طريق العدالة طويلاً”.

ولناحية كتلة “الوفاء للمقاومة” التي تضم 13 نائباً، وهي حليف ” التيار الوطني الحر”، بانتظار الاجتماع لتحديد موقفها، لكن النائب أنور جمعة أوضح “أننا قدمنا 3 اقتراحات قوانين وسقطت، حتى إن البعض خرج من البرلمان اعتراضاً. الآن القانون المختص بالمحاسبة والذي يعمل به هو المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. أي شيء آخر يجري عبر البرلمان والتشريع”، لافتاً إلى “أننا نعطي رأينا في المجلس النيابي في حال تم تقديم اقتراح قانون يقضي برفع الحصانات بدءاً برأس الهرم”.

ولفت إلى أنه “عند إحقاق الحق نرى من يتخلف ومن لا يتخلف ومن يزايد ومن يستفيد من فرص معينة ومن يغير مواقفه بين ليلة وضحاها بحسب المصلحة. موقفنا معروف قدمنا اقتراح قانون من أجل المحاسبة وليس من أجل التضييع والتمييع”.

إقرأ أيضاً: الفرزلي لـ”لبنان الكبير”: الحصانات سترفع

وأشار أمين سر كتلة “اللقاء الديمقراطي” النائب هادي أبو الحسن حيث تضم الكتلة 9 نواب إلى “أننا أول من نادى برفع الحصانات عن كل المسؤولين بدءاً من رأس الهرم وصولاً إلى أصغر موظف. اليوم أهم رؤساء العالم يمثلون أمام القضاء العادي، فلماذا لدينا كثرة المحاكم الخاصة؟ ولماذا توجد الحصانات على المسؤولين تحديداً في قضية مثل قضية المرفأ؟”، مؤكداً أن “موقف الحريري يتلاقى مع مطلبنا، لكن لنا الحق أن نقول إنه يجب أن لا تتحول هذه المسألة إلى إشكالية دستورية يحاول البعض أن يدخل من خلالها إلى تعديل الدستور ووضع الشروط لإعاقة الوصول إلى الحقيقة”.

في المحصلة، فإن مختلف الكتل النيابية تؤيد الرئيس سعد الحريري في اقتراحاته مع بعض التباين في وجهات النظر لناحية التطبيق، لكن تبقى العبرة في التنفيذ، مع الإشارة إلى أن طلب رفع الحصانة يقدّم إلى رئيس المجلس النيابي الذي بدوره يدعو هيئة مكتب المجلس ولجنة الإدارة والعدل إلى جلسة مشتركة لدرس الطلب، وعلى هذه الهيئة تقديم تقرير بشأنه في مهلة أقصاها أسبوعان، وإذا لم تقدمه خلال هذه المهلة، وجب على رئيس مجلس النواب إعلام المجلس في أول جلسة يعقدها، وللمجلس أن يقرر منح الهيئة المشتركة مهلة إضافية بالقدر الذي يراه كافياً أو وضع يده على الطلب والبت به مباشرةً، وعندما يباشر المجلس البحث في طلب رفع الحصانة تستمر المناقشة حتى البت نهائياً بالموضوع.

شارك المقال