المنظومة أتت بمنظوم

مروان سلام
مروان سلام

حين تأتي منظومة السلطة لتعيد تدوير نفسها من دون تأنيب الضمير بتعطيل مسار التأليف تسعة أشهر مع الرئيس الحريري، يأتيك من يقول لك: “إن تكليف ميقاتي من دون تسميتنا وموافقتنا هو دليل إضافي على اننا لسنا الأكثرية، ومن الطبيعي أن نقف موقف المساعد لأننا لا نمارس النكد السياسي”.

هذه الأنواع من التصاريح اصبحت معلبة ومجهزة عند أي مفصل حكومي. فمن حق أي رئيس كتلة أو تيار يقول ما يشاء ويكذب أنّى شاء ومتى يشاء، ولكن لا يحق له ولا يستطيع أن يكذب ويكذب حتى يصدق الكاذب كذبته.

فالمعيار ما اختزنه الشعب اللبناني من هذا العهد طوال فترة حكمه الفارغ بأنه مارس النكد السياسي والنكد التعطيلي والطائفي والمذهبي، مع حقد دفين على كل ما هو انتظام للمؤسسات الدستورية والقضائية، وعلى كل ما يهم مصلحة الشعب اللبناني وبإسمه. فالذي أتى بحكومة حسان دياب غير الميثاقية لم يكن يمارس هذا النكد بأقليته البرلمانية فهذا هراء وافتراء وتضليل، فالأكثرية كانت وما زالت معه، والسلطة معه، والقوة الفائضة بالسلاح الخارج عن الدولة معه، يهبّط به حيطان ويكمن به لهذا ويهدد به ذاك، ويحفر للفتة لهذه الطائفة بإسم هذا السلاح ويفتح معارك مع طائفة أخرى باسم نفس السلاح، لا بل كان يمارس هذا العهد النكد والحقد بأقليته الأخلاقية الوطنية النادرة التي تميز وتفرد بها على مر التاريخ دوناً عن باقي الطبقة السياسية، فغيّب وغاب عن لبنان فرص توافقية كثيرة لإعادة إنتاج سلطة تنفيذية بمعايير مطلوبة محلياً، عربياً ودولياً مهمتها الإصلاح والقضاء على الفساد والتحضير لإنتاج مجلس نيابي جديد يراعي التغيير في زمن التعتير.

ان الذهنية السياسية التي تتحكم بهذا العهد وهذه المنظومة ذهنية بالية عاجزة عن أي تقدم أو تطور للذات، تتماشى مع متطلبات ضرورية فقد الشعب اللبناني معها ادنى مقوماته الحياتية الأقرب إلى الشح والأدنى من المجاعة، في ظل فقدان كل شيء واي شيء حتى الهواء الذي نتنفسه

فمن ينتظر من حكومة الرئيس نجيب ميقاتي  في ظل هذا العهد أن تستخرج العجائب في زمن صهره العجيبة جبران باسيل يكون واهماً، والتاريخ سوف يعيد نفسه في التعطيل والتباكي المضلل على حقوق الطائفة والمذهب، فالمرحلة مرحلة شد عصب طائفي انتخابي والتسابق إلى إنتاج كتل كبيرة وتحالفات جديدة تحاكي الطموح في الاستحقاق الرئاسي القادم والمغلف بأضغاث احلام باسيل وسرابه.

إقرأ أيضاً: عصا أوروبية في اللقلوق… ميقاتي والتشكيل أو العقوبات

خلاصة القول إن من سيقف موقف المساعد بحكومة ميقاتي يفتقر لمساعدة نفسه محلياً، بدءاً من تياره الذي يرأسه والذي أصبح تيارات يتحين ناشطوه وقياديوه أنفسهم انتهاء عهد ميشال عون بشغف كي يتخلصوا من صهره ومن قيادة صغيرة مدعية فاشلة وفارغة.

كما يتعين على باسيل قبل مساعدة حكومة ميقاتي أن يساعد نفسه برفع العقوبات الدولية عنه كونه من بين الشخصيات الفاسدة التي أفسدت كل شيء في لبنان.

إن ما ينتظر هذا العهد والمنظومة كلها هو ما بعد الرابع من آب الذي لن يشبه ما قبله، فمن دمر بيروت على رؤوسنا ستُدَمر منظومته على رأسه ولن يرحمه التاريخ.

شارك المقال