مؤشرات انفتاح على هدنة جديدة في غزة وتبادل رهائن ومعتقلين

لبنان الكبير

مع مضي أكثر من شهرين على اندلاع الحرب في غزة، يصدر طرفا النزاع مؤشرات انفتاح على هدنة جديدة بعدما أتاحت هدنة سابقة استمرت أسبوعاً إطلاق سراح رهائن من القطاع، مقابل الافراج عن معتقلين فلسطينيين من السجون الاسرائيلية.

وفي السياق، وصل رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” اسماعيل هنية المقيم في قطر، على رأس وفد اليوم الأربعاء إلى مصر لبحث إقرار هدنة في غزة وتبادل رهائن وأسرى، بعدما أبدت إسرائيل استعداداً في هذا الصدد.

ومن المقرر أن يلتقي خصوصاً رئيس المخابرات المصرية عباس كامل. وأفادت “حماس” في بيان أنه سيجري “مباحثات مع المسؤولين المصريين حول تطورات العدوان الصهيوني على قطاع غزة والعديد من الملفات الأخرى”.

كما ذكر مصدر مقرب من الحركة أن “المباحثات في القاهرة ستتناول مناقشة اقتراحات عديدة منها أفكار تشمل هدنة مؤقتة لمدة أسبوع مقابل إطلاق سراح حماس 40 أسيراً إسرائيلياً من النساء والأطفال والذكور غير العسكريين”.

وأوضح المصدر أن “هذه الهدنة قابلة للتجديد بعد التفاهم حول فئات ومعايير جديدة للتبادل”، مشيراً إلى أن هذه “أفكار نوقشت في مباحثات إسرائيلية قطرية بعلم الادارة الأميركية”.

وكان موقع “أكسيوس” أفاد بأن إسرائيل عرضت عبر قطر التي لعبت دور الوسيط في المفاوضات التي أفضت إلى الهدنة السابقة، وقف القتال لمدة أسبوع على الأقل في إطار صفقة جديدة لاطلاق عشرات الرهائن.

وقبل مغادرته الدوحة، التقى هنية وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان، بحسب الاعلام الإيراني.

من جانبه، ذكر مصدر في حركة “الجهاد الاسلامي” لـ “فرانس برس” أن وفداً برئاسة الأمين العام للحركة زياد النخالة سيتوجه إلى القاهرة مطلع الأسبوع المقبل بدعوة مصرية، “في اطار مباحثات تهدف الى وقف الحرب والعدوان ووقف اطلاق النار وصفقة شاملة للتبادل” مع إسرائيل.

في المقابل، أعلن الرئيس الاسرائيلي إسحق هرتسوغ الثلاثاء أن “إسرائيل مستعدة لهدنة إنسانية جديدة ومساعدة إنسانية إضافية للسماح بإطلاق سراح الرهائن”.

تصويت في مجلس الأمن

وكانت هدنة أولى استمرت من 24 تشرين الثاني وحتى الأول من كانون الأول أتاحت الافراج عن 80 رهينة كانوا محتجزين في قطاع غزة في مقابل 240 من المعتقلين الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية.

وأوضح رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال لقاء مع عائلات الرهائن الثلاثاء أنه أوفد مؤخراً “مرّتين مدير الموساد إلى أوروبا لتنشيط مسار الافراج عن الرهائن” المحتجزين لدى “حماس” وفصائل فلسطينية مسلّحة أخرى، مؤكداً أن “واجبنا هو إعادتهم جميعاً”.

وفي حين تطالب “حماس” بوقف المعارك كشرط مسبق لأي تفاوض في هذا الشأن، شددت حركة “الجهاد الإسلامي” الضغط الثلاثاء بنشرها مقطع فيديو قالت إنّه لرهينتين على قيد الحياة تحتجزهما في غزة، داعية إلى تسوية تسمح لهما بالعودة إلى إسرائيل.

الى ذلك، تتواصل مفاوضات شاقة اليوم الأربعاء في الأمم المتحدة حيث يعجز مجلس الأمن منذ الاثنين عن إصدار قرار يدعو إلى “تعليق” الأعمال القتالية والسماح بوصول المساعدات الانسانية إلى قطاع غزة.

وكان من المقرر التصويت على مشروع القرار الاثنين، لكن العملية أرجئت للمرة الثالثة إلى اليوم، فيما يبحث أعضاء المجلس عن صيغة تسمح لهم بتجنب مواجهة طريق مسدود جديد، بعد “فيتو” أميركي سابق. وبعدما كان النص يدعو في نسخته الأصلية إلى “وقف عاجل ودائم للأعمال الحربية”، بات يكتفي بالدعوة إلى “تعليق” المعارك.

أزمة إنسانية 

وجهات نظر

ميدانياً، واصل الجيش الاسرائيلي قصفه وعملياته البرية في غزة، على الرغم من ضغوط دولية تلحّ على حماية المدنيين في القطاع الفلسطيني المحاصر.

وأفادت مصادر في حكومة “حماس” اليوم الأربعاء عن قصف إسرائيلي على رفح وخان يونس (جنوب) ودير البلح (وسط) تسبب في سقوط 11 قتيلاً على الأقل بحسب تقديرات أولية.

وأعلن الجيش الاسرائيلي أنه “يوسع نطاق عملياته ويعمقها” في خان يونس، مشيراً الى العثور على متفجرات في مركز طبي في الشجاعية في ضواحي مدينة غزة، وتدمير أنفاق لـ “حماس” وقتل كوادر في الحركة في عمليات نفّذها مؤخراً.

وأفاد الجيش اليوم عن مقتل جندي، ما يرفع حصيلة القتلى في صفوفه منذ بدء العمليات البرية في غزة في 27 تشرين الأول إلى 133 عسكرياً.

ويعاني القطاع الخاضع لحصار إسرائيلي مطبق منذ التاسع من تشرين الأول، من أزمة إنسانية خطيرة إذ باتت معظم مستشفياته خارج الخدمة فيما نزح نحو 1,9 مليون نسمة، أي 85 في المئة من سكانه، من شمال القطاع إلى جنوبه هرباً من الدمار والقصف، وفق الأمم المتحدة.

وأفاد تقرير لمكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للأمم المتحدة صدر اليوم أن نصف سكان القطاع يعانون من الجوع الشديد أو الحاد وأن 90% منهم يحرمون بانتظام من الطعام ليوم كامل.

وعلى الرغم من دخول 127 شاحنة مساعدات وبضائع إلى القطاع الثلاثاء من خلال معبري رفح مع مصر وكرم أبو سالم في شمال إسرائيل، إلا أن هذه الامدادات لا تكفي إطلاقاً لتلبية أبسط حاجات السكان. وذكر التقرير أن 10% فقط من المواد الغذائية الضرورية حالياً دخلت إلى قطاع غزة خلال الأيام الـ70 الأخيرة.

وحذر متحدث باسم “اليونيسف” الثلاثاء من أنه “بدون مياه الشرب والطعام والمرافق الصحية التي لا يوفرها سوى وقف إطلاق نار إنساني، فإن وفيات الأطفال نتيجة الأمراض قد تتخطى عدد الذين قتلوا في القصف”.

“لا ماء ولا طعام”

وفي رفح، المدينة الواقعة على الحدود مع مصر والتي يحتشد فيها عشرات آلاف النازحين الفارين من الشمال، قال نزار شاهين الفتى البالغ 15 عاماً لوكالة “فرانس برس”: “لا نعرف إلى أين نذهب ولا يوجد شيء لنأكل أو نشرب… لا شيء”.

ويتزايد القلق من اتّساع نطاق النزاع في الشرق الأوسط. ففي شمال إسرائيل على الحدود مع لبنان، أصيب عنصران من جنود الاحتياط بجروح طفيفة في إطلاق نار من جنوب لبنان، بحسب ما أعلن الجيش الاسرائيلي الذي أكّد أنّه قصف مواقع لـ “حزب الله”.

وفي اليمن، توعد الحوثيون المدعومون من إيران بمواصلة هجماتهم على السفن التجارية في البحر الأحمر “دعماً لغزة”.

وحذر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الثلاثاء من أن هذه الهجمات “تهدد التدفق الحر للتجارة وتعرض البحارة الأبرياء للخطر”، خلال اجتماع عبر الفيديو مع وزراء وممثلين من 43 دولة بالاضافة إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، “لمناقشة التهديد المتزايد لأمن الملاحة في البحر الأحمر”.

شارك المقال