من شيا إلى جونسون… ماذا سيتغيّر أميركياً في لبنان؟

جورج حايك
جورج حايك

انتهت مهمة السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا وهي تستعد للمغادرة وتسليم الشعلة إلى السفيرة الجديدة ليزا آن جونسون، ومن البديهي أن تتجه أنظار اللبنانيين إلى هذه النقلة نظراً إلى أهمية الدور السياسي الأميركي في لبنان، وخصوصاً ان المرحلة التي يمر فيها دقيقة جداً، وتشهد تطورات دراماتيكية ولا سيما على صعيد الحرب الصغيرة في الجنوب بين “حزب الله” واسرائيل والضغط الدولي لتطبيق القرار 1701.

من المتوقع أن تغادر شيا لبنان الأسبوع المقبل، وستتسلم جونسون منصبها الجديد في الأسبوع الثاني من كانون الثاني المقبل. وتلفت شخصية لبنانية فاعلة في اللوبي اللبناني في الولايات المتحدة الى أن أن شيا بلا أدنى شك اختبرت السياسة اللبنانية في عمقها وباتت تعرف كواليسها والشخصيات الفاعلة فيها، وقد طبّقت السياسة الأميركية في لبنان تبعاً لارشادات إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب والرئيس الحالي جو بايدن، والجامع المشترك هو مواجهة النفوذ الايراني في لبنان الذي يترجمه فعلياً “حزب الله” عبر هيمنته على الدولة اللبنانية، ومن الواضح أن “الحزب” غالباً ما كان “يشيطن” السفيرة شيا ويهاجمها، إذ كانت مزعجة بالنسبة إليه. وقد نجحت في تطبيق سياسة الدعم للجيش اللبناني بالسلاح والمال، تبعاً للتوجّهات الأميركية التي تراهن على بقاء الجيش صامداً خلال الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها لبنان.

ومن المتوقع أن تنتقل شيا إلى مهمتها الجديدة، لمنصب ممثلة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، وتؤكّد الشخصية السياسية اللبنانية أن هذا الأمر قد ينعكس ايجاباً على لبنان، وخصوصاً أن منصبها الجديد مهم وفاعل، وربما ستساعد لبنان على تطبيق القرارات الدولية انطلاقاً من وجودها في أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن.

أما السفيرة الجديدة ليزا جونسون فهي من مواليد 1967 في ولاية ايوا، ديبلوماسية أميركية، حاصلة على درجة الماجستير في استراتيجية الأمن القومي من الكلية الحربية الوطنية وماجستير في الشؤون الدولية من جامعة كولومبيا، بالاضافة إلى درجة البكالوريوس في العلوم السياسية والاقتصاد من جامعة ستانفورد. وحصلت على العديد من الجوائز تنويهاً بأدائها في وزارة الخارجية، وتتقن الفرنسية والبرتغالية.

وعملت قائمة بالأعمال في جزر البهاما بين عامي 2014 و2017، ثم عيّنت سفيرة للولايات المتحدة في ناميبيا في إفريقيا بين عامي 2018 و2021، وشغلت أيضاً وظيفة مهمة في مكتب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي في بروكسل، وعملت كمسؤولة كبيرة في وزارة الخارجية الأميركية ومجلس الأمن القومي ومكتب نائب الرئيس الأميركي، وأخيراً تولت منصب نائب مساعد وزير الخارجية لمكتب شؤون المخدرات الدولية وإنفاذ القانون.

لكن الشخصية السياسية اللبنانية المقيمة في واشنطن تشير إلى أن جونسون ستكون قائمة بالأعمال في السفارة الأميركية في بيروت إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية لتقدم أوراق اعتمادها له، وتصبح سفيرة رسمية في لبنان.

وتوضح الشخصية اللبنانية أن جونسون على الرغم من أنها ديبلوماسية إلا أن خلفيتها أمنية، نظراً إلى اختصاصها في الاستراتيجية الأمنية في الكلية الحربية وعملها في الآونة الأخيرة في منصب مدير مكتب INL لافريقيا والشرق الأوسط، ومديرة مجلس الأمن القومي لشؤون الشرق الأوسط، لذلك هي تتمتع بخبرة في مكافحة تجارة المخدرات، والتي يمكن أن تتعلق بدور لبنان كنقطة عبور للكبتاغون غير القانوني الذي يشكل مصدراً مهماً لتمويل القوى المسلحة غير الشرعية في لبنان. ويعتبر أنها ستكون مفيدة جداً في ما يتعلق بالمساعدات للجيش اللبناني، وستُكمل ما بدأته السفيرة شيا على هذا الصعيد، وربما على نحو أشمل وأوسع.

وقد يتساءل كثيرون عن انتماء جونسون السياسي، إلا أن الجواب يبقى مبهماً لأنها عملت تحت إدارة الرئيس باراك أوباما الديموقراطي والرئيس ترامب الجمهوري، والآن اختارها الرئيس بايدن الديموقراطي كسفيرة للولايات المتحدة في لبنان، ولو كانت تحتاج إلى موافقة مجلس الشيوخ.

وترى الشخصية السياسية في اللوبي اللبناني أن سياسة الولايات المتحدة تشهد تغييرات كلّما تغيّرت الادارة الأميركية، ومن المتوقّع أن تبدأ السفيرة جونسون مهمتها في سنة الانتخابات الأميركية التي ستشهد انتخاب إدارة جديدة ليس معروفاً إن كانت ستبقى ديموقراطية أو تنتقل إلى الجمهوريين، لكن ما ينتظرها في لبنان يبدو واضحاً، فهي ستصل إلى بيروت في مطلع السنة الجديدة فيما الحرب محتدمة في قطاع غزة وتنعكس على لبنان بسبب المناوشات بين “حزب الله” واسرائيل جنوباً، وإمكان توسّع الحرب نتيجة تهديدات اسرائيل بتطبيق القرار 1701 بالقوة، إلا أن الدور الديبلوماسي الذي تلعبه الولايات المتحدة لتطبيق القرار الدولي من دون حرب سيكون الشغل الشاغل لجونسون، إضافة إلى ملفات أخرى شائكة كالنشاطات العدائية والمصنّفة ارهابية لـ”حزب الله” والفراغ الرئاسي والوضع الاقتصادي في لبنان، وحتماً الاستمرار في دعم الجيش اللبناني الذي يُعتبر بيضة القبّان في الاستراتيجية السياسة الأميركية في الشرق الأوسط.

وليست جونسون بعيدة عن الواقع الجيو- سياسي في إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط، وفق الشخصية السياسية اللبنانية، فهي مطلعة جداً على أوضاع الدول هناك، ولا سيما لبنان حيث عملت سابقاً في السفارة الأميركية كموظفة بين عامي 2002 و2004 خلال خدمة السفير فنسنت باتل. وتؤكد أنها مُتابعة على نحو لافت لمسألة الفساد لدى الطبقة السياسية اللبنانية، بسبب مهامها السابقة في وزارة الخارجية. ولفتت الشخصية اللبنانية الى أنه كانت هناك لقاءات للبنانيين مع كبار موظفي الخارجية الأميركية ومنهم جونسون لتوضيح الصورة الحقيقية في لبنان، وخصوصاً لجهة أن ليست كل القوى السياسية اللبنانية فاسدة بل ان هناك استثناءات، وبالتالي لا يجوز أن “يذهب الصالح بسبب الطالح”.

من المؤكّد أن السفيرة جونسون ينتظرها عمل كثير في لبنان الغارق في أزماته، علماً أن هواياتها عديدة، أهمها رياضة المشي لمسافات طويلة والغولف والتجديف وقوفاً، لكن ستضطر الى أن تتخلى عن الكثير منها، لأن وقتها سيكون متخماً وخصوصاً في بلد لديها فيه صداقات وعلاقات عديدة.

شارك المقال