وزير الدفاع: هذا ما جرى

ليندا مشلب
ليندا مشلب

“لا شيء بيني وبين رئيس الحكومة” هذه هي العبارة التي يستهل بها وزير الدفاع موريس سليم الأجوبة عن كل الاسئلة المتعلقة بالخلاف بينه وبين الرئيس نجيب ميقاتي، ويقص حقيقة ما حصل قبل، أثناء وبعد اللقاء الذي جمعه معه بحضور وزير الثقافة محمد وسام المرتضى في السراي.

أصل الحكاية أن الوزير المرتضى اتصل بسليم وطلب منه موعداً للقاء الذي حصل يوم الأربعاء، أي قبل يوم من اجتماع السراي، وكان الحديث مطولاً وتطرق الى عدة نقاط من بينها العلاقة بين سليم وميقاتي وموضوع التعيينات والعلاقة أيضاً بين قائد الجيش وسليم الذي يقول لـ “لبنان الكبير”: “سألني الوزير المرتضى اذا كنت مستعداً لزيارة ميقاتي، لأنه يرغب في لقائك، فأجبته من الطبيعي أن أزوره، وأنا في السابق عتبت عليه لأنني اعتبرت أن خطأ حصل معي، لكن لا مانع لدي من الزيارة واتفقنا على أن تحصل في اليوم التالي بعد الظهر بسبب ارتباطي بموعد لوزير الدفاع الهولندي. وبالفعل توجهت الى السراي بحسب الموعد الذي حدد الساعة الثالثة، دخلت واستقبلني ميقاتي بود، بعد فترة من القطيعة، وبادرته بالقول انني أتأسف على ما حصل في المرة السابقة لكن الخطأ من جانبكم وليس من عندي، فالرسالة التي تم توجيهها الي مرفوضة بالشكل وبالمضمون، وهذا سبب غضبي وعتبي ولومي الكبير. وقلت له: هذا الكلام لا يوجه الى موريس سليم، فأنا من طرح أن نقوم بسلة تعيينات، خلافاً لرأي كل القوى السياسية، من قائد جيش الى رابع موقع الذي هو رئيس أركان، وما بينهم مؤسسة المفتشية العامة، التي لا علاقة لقائد الجيش بها، والمديرية العامة للادارة التي يرأسها لواء، وهي مؤسسة قائمة بحد ذاتها، ولا علاقة لها أيضاً بقائد الجيش، ولا يحق له مراسلتها الا عبري، والعكس صحيح، فهناك حائط من الباطون بين هاتين المؤسستين وقائد الجيش، ولا مراسلة بينهما الا من خلالي، بحسب فلسفة قانون الدفاع الذي أنشئ عام ١٩٨٣ ويقول انه لا يجوز أن يكون من يحقق حاجات الجيش تحت سلطة من يحدد هذه الحاجات. والمؤسف أن قيادة الجيش حالياً تعتبر أن كل هذه الموسسات تابعة لها، خلافاً لقانون الدفاع الذي يعتبرها مستقلة بحسب النص”.

في الخلاصة، يضيف سليم: “أبلغت ميقاتي سابقاً استعدادي لهذه الأربعة خلافاً لرأي القوى السياسية، لأنني أريد تحصين هذه المؤسسة فكيف ترسل لي هذه الرسالة (في ٢٥ تشرين الثاني) وأنا أهم بالانضمام الى اللقاء التشاوري معك في السراي (قبل دقيقتين)؟ وما أغضبني أكثر أنك أرسلت نسخة عنها الى الوزير الرديف وأنا موجود، والى قائد الجيش، المرؤوس عندي وهي رسالة يفترض أنها سرية، فأجابني بأنها رسالة حث لأن أسبوعاً مرّ ولم تطرح شيئاً، فذكرته بأنه أقر حينها بأنها تحتاج الى تفاهمات لذلك من الطبيعي أن أحتاج الى بعض الوقت لذلك، والرسالة لم تكن سوى لنسف الاتفاق وشكلت اهانة لي، وهذا الكتاب لا يمكن أن يوجه الى شخص مثل موريس سليم. وهذا فحوى العتاب الذي حصل في لقاء السراي”.

ويتابع الوزير سليم: “لا يمكن لأحد تجاوز وزير الدفاع في التعيينات لأنه سيصطدم بالمرسوم، الذي يشرّع التواقيع. نحن دولة داست على القانون من أجل المصالح الخاصة. حتى قانون التمديد مخالف لأن لا مصلحة عامة فيه، ولا يجوز التشريع من أجل شخص أو شخصين، والمس بهيكلية الجيش، وأنا لا زلت أعتبر أن هذا الشخص ليس قائداً للجيش بل مدمر له. وكل هذه الأمور قلتها لميقاتي وانتقدت استعمال المتقاعدين الأبطال في هذه اللعبة، وأنا مع حقوقهم المشروعة، لكن توقيت نزولهم الى الشارع لم يكن صدفة ثم ان أحداً من حرس السراي لم يتحرك لفك الطوق ما يعني غض النظر، لأن كان بدك تشيلها عن ضهرك وتكبها على مجلس النواب. لكن ميقاتي أصر على أن التطويق هو السبب في عدم وصول الوزراء الى الجلسة”.

ويؤكد سليم “خلافي مع قائد الجيش ليس شخصياً انما بسبب تمرده على قانون الدفاع وتخطيه صلاحياتي”.

ويوضح أن الاجتماع تطرق الى التعيينات، اذ طلب ميقاتي من سليم اقتراح أسماء للمراكز الشاغرة المتبقية، وكان جواب وزير الدفاع: البطريرك سبق وقال لا تعيينات في ظل الشغور الرئاسي فما الذي تغير؟ “وبعد التمديد لجوزيف عون انتهى بالنسبة لي مشروع التعيين، لكنني سأدرس هذا الأمر لأجد الحل الأنسب، وقبل ١٥ كانون الثاني سأرد عليك لكن هذا لا يعني أنني سأذهب الى التعيين وهذا الأمر يتوقف على نتيجة دراستي للظروف التي تريد أن تأخذها في الاعتبار وأنا سآخذ موضوع التمديد في الاعتبار أيضاً. وجددت تساؤلي أكثر من مرة: كيف تقولون منذ البداية لا تعيين في ظل الشغور الرئاسي وتصرون على هذا المبدأ ثم بين ليلة وضحاها تريدون تعيين ثلاثة ألوية؟ لماذا أضحي الآن وأتحدى القرار على الرغم من أنني اقترحت عليك في السابق تعيين عماد وثلاثة ألوية؟ ونقاشي منطقي ودستوري ولم أخطئ”.

ويعود سليم الى سبب المشكل الذي حصل بعد الاجتماع، قائلاً: “أنا ذهبت الى السراي لايضاح بعض الأمور ولأنني لا أرفض التواصل وليس للاعتذار كما جاء في البيان، ولقائي برئيس الحكومة كان ودياً وايجابياً واتفقنا على الحكي بعد الأعياد، وقلت له سأجيبك على طلبك”.

وحول ما كتب عن أن وزير الثقافة اصطحبه، يقول سليم: “المرتضى صديق عزيز جداً ولعب دوراً ايجابياً وتربطنا علاقة مودة واحترام، وقد وجه الي دعوة للقاء ميقاتي بناء على طلب الأخير وانضم الينا بعد اللقاء بقليل”.

وبعد البيان، يوضح سليم أنه اتصل بمستشار ميقاتي الاعلامي فارس الجميل محتجاً على البيان الذي استخدم مصطلحين خاطئين: الاصطحاب والاعتذار، فقال له الجميل: ان ميقاتي في اجتماع وهو سيعدل البيان. “وكان جوابي: ماذا ينفع ما دام ما قيل قد قيل وكل وسائل الاعلام استخدمت هذه المصطلحات؟ أبلغ الرئيس أن ما قيل مجافٍ للحقيقة وأنه نسف الاجتماع، وتصريحي بعد اللقاء كان راقياً وصائباً فلماذا البيان؟ وأنا لا أخجل من الاعتذار من أصغر انسان اذا كنت مخطئاً ولكن لم أخطئ، وتجاوزي في التعيين سيكون أكبر مخالفة فاضحة لن أسكت عنها ولن أوقع المرسوم ولن أعترف بأي توقيع في كل المعاملات، وهذا سينعكس شللاً على المستويات كافة والجيش لن يكون بصحة جيدة”.

المستشار الاعلامي لميقاتي يوضح لـ “لبنان الكبير” أن “وزير الدفاع اتصل بي محتجاً على البيان وقال لي: كيف تستخدمون كلمة اصطحبني وكأنني طفل صغير؟ وكان مستاء جداً وطلب أن ننسى عنوانه فحاولت تهدئته ووعدته بتعديل البيان وبالفعل قمت بهذا الأمر، وأكدت له أن ما جاء في البيان ليس عن سوء نية ولا يستهدفه وما بدا هالقد معاليك وتكرم عينك، وأخبرت الرئيس بما حصل وعدلنا البيان ثم اتصلت بالوزير سليم وقرأت له التعديل، فشكرني وانتهى الاتصال على مودة واتفاق، ثم فوجئنا في اليوم التالي بتصريحه الناري”.

ويؤكد الجميل عدم وجود سوء نية في التعاطي معه على الاطلاق واجتماع السراي انتهى على اتفاق بفتح صفحة جديدة، قائلاً: “في كل الأحوال نحن اعتبرنا أن الاتفاق لا يزال قائماً وفهمت من الرئيس ميقاتي أنه سينتظره حتى ١٥ من الشهر المقبل”.

كل هذا الكلام يضعه الوزير المرتضى في خانة جزئيات أصبحت لزوم ما لا يلزم في نطاق مسعى التقريب والتهدئة. ويكشف لـ “لبنان الكبير” أنه عاد والتقى رئيس الحكومة، “وكان الحديث صريحاً ومطولاً وكاد أن ينتهي بالاتصال بوزير الدفاع الذي تحدثت معه لاحقاً وكانت الأجواء ايجابية، وقد أبدى سليم احترامه لمقام رئاسة الحكومة وصلاحياتها، واذا كانت هناك من عبارات استفزته في البيان فقد تمت معالجة الأمر”.

في النهاية أنا مكلف من مجلس الوزراء ورئيس الحكومة يقول المرتضى، “وعلى الهامش عملت على ازالة الشوائب من العلاقات الشخصية وما اعتبر أنه تعرض للمقام، وبإشكالية المراكز الثلاثة الشاغرة. وعقدت لقاءً مطولاً مع الوزير سليم انتهى الى أمر أساسي وهو أن لا شيء شخصياً بينه وبين ميقاتي وعلى هذا الأساس اتفقنا على استئناف التواصل، وأنا أعتبر أن قبلة سليم لميقاتي في رأسه كانت أهم من كل التفاصيل الأخرى”. ويكشف أنه يرتب لقاء آخر بين ميقاتي وسليم سيبحث اقتراحاته بحلول لبعض الاشكاليات حتى المستعصية منها، ولملمة الأمور وحلحلتها بما يشكل منفعة للمصلحة العامة والتعاون والترفع في حالة الحرب هذه التي نعيشها.

شارك المقال