ضغط غربي لتطبيق الـ 1701 بما يناسب إسرائيل

رواند بو ضرغم

يعيد التاريخ نفسه، ولكن على بقعة جغرافية مختلفة.

ففي حرب 2006 على لبنان، وبعد مجزرة قانا، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري: “أوقفوا إطلاق النار بشكل فوري وتراجعوا الى حدود الخط الأزرق”، وليبحث ديبلوماسيو العالم بعدها معنا في الحل السياسي.

أما في حرب 2023 على غزة، فقال رئيس حركة “حماس” يحيى السنوار إن “كتائب القسام” هشّمت جيش الاحتلال، وإنها لن تخضع لشروطه، فلا تبادل للأسرى قبل وقف إطلاق نار فوري.

وما بين عامي 2006 و2023، حكم القرار الأممي رقم 1701 المنطقة الحدودية، والذي هشّمه العدو الاسرائيلي بخروق برية وبحرية وجوية متكررة. غير أن عملية “طوفان الأقصى” فتحت الجبهة الجنوبية مساندة لغزة، وكشف نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم أن الوفود الديبلوماسية الأجنبية تسأل عما إذا كانت المقاومة ستبقى على الحدود مباشرة أم أن هناك حلولاً معينة؟ في إشارة الى جعل منطقة جنوب الليطاني منطقة خالية من السلاح والمسلحين، أي تعديل البند المتعلق بالوجود المسلح بموافقة الحكومة. جواب “حزب الله” وفق ما أعلنه الشيخ قاسم: “أوقفوا العدوان على غزة قبل أي سؤال”.

حرص الغرب على الاستقرار، ليس حرصاً على استقرار لبنان واستجابة لرافضي الحرب في الداخل اللبناني، إنما من باب الحرص على استقرار مستوطني شمال فلسطين المحتلة القَلِق بعد السابع من تشرين، بحيث أن الجبهة الشمالية لاسرائيل تشكل من وجهة نظره مخاطر أكبر على الكيان الاسرائيلي وعلى استقراره وعلى الوجود الاسرائيلي المدني والعسكري في المناطق الشمالية الحدودية.

وفي ظل الحشد الدولي العسكري الغربي الداعم للعمليات العسكرية الاسرائيلية ما بعد 7 تشرين، فُتحت شهية الاسرائيلي على معالجة مخاطر هذه الجبهة على الكيان، انطلاقاً من حالة الدعم القائمة والتغطية الدولية المفتوحة، وإبراز مستوى الخوف والقلق من تنامي قدرات المقاومة و”حزب الله على هذه الجبهة، التي تكتسب خصوصية مختلفة عن غزة، اذ انها جبهة لها امتداداتها ولها القدرة على التحرك في مساحات أوسع ولها احتضان سياسي ومادي واعلامي أوسع، ولها خطوطها أيضاً مع سوريا ومع ايران، وعناصر تأثير في ساحات أخرى مختلفة… لذلك بدأ النقاش اليوم حول كيفية تفسير تطبيق القرار 1701 بما يخدم مصلحة إسرائيل وتحقيق هذا الأمن للاسرائيليين.

يرد الرئيس نبيه بري على سؤال الديبلوماسية الغربية الناشطة، وتحديداً الأميركي والفرنسي بسؤال: هل إن إسرائيل التزمت تطبيق القرار 1701 طوال سبعة عشر عاماً؟

وتضيف مصادر مطلعة على موقف بري لموقع “لبنان الكبير” ان الجواب اللبناني على الحراك الديبلوماسي الحالي هو أن على اسرائيل أن تلتزم حرفياً بهذا الاتفاق، الذي يمنعها من تسجيل الخروق البرية والبحرية والجوية ويلزمها الانسحاب من الأراضي المحتلة، والنقاط الـ13 التي تتجاوز فيها اسرائيل الحدود المرسومة، انطلاقاً من النقطة المركزية في رأس الناقورة المعروفة بـ b1 وصولاً الى تثبيت الانسحاب من منطقة الغجر ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

فالمرحلة المقبلة إذاً، ستشهد نقاشاً مفتوحاً حول هذا القرار، والمسار واضح وفق ما رسمه الرئيس بري، بحيث أن الموقف اللبناني سيكون مرحِّباً بتطبيقه بالكامل، ولكن لا يمكن أن يكون من جانب واحد. وجهة النظر اللبنانية واضحة بأن صاحبة القرار والسلطة هي الدولة اللبنانية والجيش اللبناني، ولهما فقط الحق في تقرير ما يجب أن يكون عليه الوضع في منطقة جنوبي الليطاني انطلاقاً من نص القرار نفسه. لذلك، فإن المناورة الديبلوماسية الجديدة لا يُمكن أن تُفرض على لبنان ولا يُمكن أن يُسحب أبناء الجنوب من مناطقهم تحت ذريعة أنهم عناصر مقاومة، كما أن ما لم يستطع الاسرائيلي أن يفرضه في حرب تموز عام 2006، لن يستطيع أن يفرضه عام 2023 بقواعد إشتباك يخاف الاسرائيلي أن تتفلت لتلامس حرباً شاملة.

شارك المقال