المبادرة المصرية واليوم التالي

زاهر أبو حمدة

الجميع يريد إنهاء عدوان الاحتلال على غزة، لكن لا أحد يعرف كيف، وذلك لأن حكومة الحرب الاسرائيلية لم تحقق أي انجاز يمكن أن تقدمه إلى جمهورها. أما المقاومة الفلسطينية فلا يمكن خفض سقوفها بعد العدد الكبير من الشهداء وتدمير كل شيء تقريباً في القطاع، فهي تصر على وقف اطلاق النار وانسحاب جيش الاحتلال من غزة قبل الحديث عن غزة أو كيفية إدارة القطاع. في المقابل، الولايات المتحدة تريد توقف الحرب قبل بداية الحملة الانتخابية لجو بايدن، ولا تملك ما تقدمه للأطراف. لذلك أتت المبادرة المصرية لتكون مخرجاً يمكن أن يقبل به الجميع.

دعت القاهرة، حركتي “حماس” و”الجهاد الاسلامي” الى اجتماع. وكذلك يصل وفد من منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة حسين الشيخ إلى مصر بعد الموافقة التامة على المبادرة المصرية حاملاً مبادرة للتهدئة في غزة تتضمن دمج حركة “حماس” في إطار منظمة التحرير الفلسطينية وبحث إمكان تشكيل حكومة وفاق وطني من الفصائل الفلسطينية كافة. وهذه النقطة فيها اختلاف عن المبادرة المصرية التي تطرح حكومة تكنوقراط من مستقلين وليس حكومة وحدة وطنية فصائلية.

صحيح أن المبادرة المصرية عدلت وأصبحت محددة في إطلاق النار وتبادل الأسرى وفقاً لمصادر مصرية، إلا أن تفاصيلها تتألف من ثلاث مراحل:

– تتضمن المرحلة الأولى، بدء هدنة إنسانية لمدة أسبوعين قابلة للتمديد لأسبوعين أو ثلاثة، تطلق خلالها “حماس” سراح 40 من الأسرى الاسرائيليين من فئتي النساء والأطفال (أقل من 18 عاماً)، والذكور من كبار السن خصوصاً المرضى. وفي المقابل، تطلق إسرائيل سراح 120 أسيراً فلسطينياً من الفئتين نفسيهما، ويتم خلالها وقف الأعمال القتالية وتراجع الدبابات، وتدفق المساعدات الغذائية والطبية، والوقود وغاز الطهي لقطاع غزة.

– أما المرحلة الثانية فتتضمن حواراً وطنياً فلسطينياً برعاية مصرية بهدف “إنهاء الانقسام”، وتشكيل حكومة تكنوقراط (مستقلين) تتولى الإشراف على قضايا الاغاثة الانسانية، وملف إعادة إعمار قطاع غزة، والتمهيد لانتخابات عامة ورئاسية فلسطينية.

– في المقابل، تدفع المرحلة الثالثة إلى وقف كلي وشامل لإطلاق النار، وصفقة شاملة لتبادل الأسرى تشمل العسكريين الاسرائيليين كافة لدى “حماس” وحركة “الجهاد”، وفصائل أخرى يتم خلالها الاتفاق على عدد الأسرى الفلسطينيين الذين ستطلق سراحهم إسرائيل بما يشمل ذوي المحكوميات العالية، والذين اعتقلتهم إسرائيل بعد السابع من أكتوبر. وتتضمن المرحلة الأخيرة انسحاباً إسرائيلياً من مدن قطاع غزة، وتمكين النازحين من العودة إلى مناطقهم في غزة وشمال القطاع.

وفي هذا الاطار، تؤكد مصادر فلسطينية أن “حركتي حماس والجهاد الاسلامي لم تردا على المبادرة حتى الآن بالرفض أو القبول، وطلبتا وقتاً لتقديم بعض التعديلات”. وكذلك الطرف الاسرائيلي لم يرد، وأصبحت تفاصيل المبادرة على طاولة الكابينت لمناقشتها.

ويشير مصدر مصري، الى أن “المخابرات العامة تعمل على جمع الفصائل الفلسطينية في القاهرة خلال الأيام المقبلة، ومقابلة الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع قناة مصرية كانت لتمهيد هذا الأمر”. في حين يلفت المصدر نفسه، إلى أن “ما يتم تناوله بشأن مقترح مصري لوقف إطلاق النار في قطاع غزة هو مقترح أولي وستتم بلورة موقف متكامل عقب حصول مصر على موافقة الأطراف كافة”. ولعل ما يميز المبادرة المصرية، أنها تسعى الى وقف القتل والتدمير ودخول المساعدات كخطوة أولية، وحكم الفلسطينيين للقطاع كخطوة نهائية. وهذا ما يرفضه بنيامين نتنياهو، فهو لا يقبل بالسلطة الفلسطينية أو أي طرف فلسطيني ويريد البقاء في غزة والسيطرة الأمنية عليها. وهو ما يتنبه إليه الفلسطينيون والمصريون، لذلك أتت المبادرة المصرية لتناقض المخططات الاسرائيلية لناحية أنها تؤكد “من يحكم غزة هم الفلسطينيون وليس أي طرف آخر”.

شارك المقال