مرشحو الرئاسة في 2023

محمد شمس الدين

10 جلسات قبل انقضاء العام 2022 وجلسة أوائل العام 2023 كان عنوانها المرشح النائب ميشال معوض يواجه الورقة البيضاء، وقد انتهت هذه الجلسات جميعها بالفشل، بحيث أن أعلى رقم حققه معوض كان 44 صوتاً في الجلسة الخامسة، بينما حصل على 34 صوتاً فقط في الجلسة اليتيمة في 2023 قبل توقف انعقاد الجلسات لـ 5 أشهر وسحب ترشيحه من أجل التقاطع الذي حصل بين المعارضة و”التيار الوطني الحر”.

في الجلسة نفسها حصل عصام خليفة على 7 أصوات، زياد بارود على صوتين، صلاح حنين صوت واحد، وميلاد بو ملهب، الذي اعتبر التصويت له استخفافاً بالانتخابات الرئاسية، صوت واحد.

بعد هذه الجلسة، علّق رئيس مجلس النواب نبيه بري جلسات الانتخاب حتى 25 حزيران الماضي، عقب مبادرة من النائب المستقل غسان سكاف، استطاع فيها أن يجمع المعارضة بأطيافها، للتقاطع مع “التيار الوطني الحر” على اسم الوزير السابق جهاد أزعور، الذي أصبح مرشحاً جدياً يحظى بتأييد واسع من عدة كتل نيابية.

إلا أن هدف سكاف بالوصول إلى انتخاب رئيس، اصطدم بواقع تمسك الثنائي الشيعي برئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، الذي لم يصوّت له إلا مرة واحدة بصوت واحد في كل جلسات الانتخاب السابقة، وفي العام 2023 صوت له مرة ثانية بعدد لا بأس به من الأصوات، بعد التقاطع على أزعور.

تبدو رحلة المرشح جهاد أزعور قصيرة نوعاً ما، فوفق ما كان يتداول من معلومات في حينه، أنه في حال استطاع الحصول على 65 صوتاً من الدورة الأولى، هناك نية لدى المعارضة بتسويقه “رئيساً مع وقف التنفيذ”، ووضع الثنائي الشيعي أمام الأمر الواقع، إلا أن المعارضة لم تتمكن من نيل ما سعت إليه، وحصل أزعور في الجلسة على 59 صوتاً فقط، وعلى الرغم من أنه ليس برقم قليل، لكنه لا ينفع للخطة التي كانت في ذهن المعارضة، علماً أنها لطالما سوّقت أنه لو حصلت دورات متتالية، لكان حتماً أصبح رئيساً.

وبعد هذه الجلسة انتهى المشوار الرئاسي لأزعور، وانتهى معه الزخم الرئاسي في لبنان.

أما فرنجية، فقد تقلبت حظوظه طيلة العام 2023، لا سيما وأن ترشيحه كان مدعوماً من فرنسا في البداية، قبل أن تغيّر من مقاربتها للملف الرئاسي، وقد ظن الجميع أن الرئاسة لفرنجية أصبحت بحكم المحسومة مع الاتفاق السعودي – الايراني، إلا أن هذا الاتفاق وإن كان يشمل لبنان، ليس في رأس أولويات العملاقين.

ومما لا شك فيه أن لفرنجية عدداً كبيراً يؤيد وصوله إلى الرئاسة، بل يبدو ملتزماً معه حتى النهاية، عكس بقية المرشحين، وقد ظهر هذا الأمر في جلسة 15 حزيران الشهيرة، عبر حصوله على 51 صوتاً، إلا أن هذا العدد لا يكفي للاتيان به رئيساً، وهو بحاجة إلى “التيار الوطني الحر”، أو الحزب “التقدمي الاشتراكي” مع بعض المستقلين، ولا يبدو أن أحداً قريب من هذه الأجواء بعد، على الرغم من الصداقة والتقارب بين “الاشتراكي” و”المردة”، ولكن ما يمكن أن يكون لصالح فرنجية، هو بقاؤه مرشحاً، حتى لو لم يحظَ بدعم فرنسي، وسيستمر مرشحاً إلى السنة القادمة.

قبل التحدث عن قائد الجيش جوزيف عون، لا بد من الوقوف عند طرح اسم المدير العام للأمن العام بالوكالة اللواء الياس البيسري، كمرشح للرئاسة مؤخراً، وقيل ان دولة قطر من طرحته، كإحدى مساعيها لحل أزمة الرئاسة في لبنان. وتجدر الاشارة الى أن ليس هناك من اعتراض فج على طرح اسمه، ولكن الأمر لم يأخذ مرحلة الجدية بعد لتتم مناقشته بين القوى السياسية، وربما يحصل تطور ما في العام الجديد يؤدي إلى طرح الاسم رسمياً.

من البيسري ننتقل إلى المرشح الدائم لرئاسة الجمهورية في لبنان، قائد الجيش، الذي أصبح شبه عرف أن كل قائد جيش هو مرشح طبيعي للرئاسة، فعلى الرغم من كل الخلافات بين اللبنانيين، يتفقون على أمر واحد فقط، هو المؤسسة العسكرية، التي يحرص الجميع عليها ويؤيدها. ويحظى العماد جوزيف عون بقبول واسع بين القوى السياسية، وقبول اقليمي ودولي، وله معارض وحيد فعلياً، هو “التيار الوطني الحر”، الذي حاول بشتى الطرق إزاحته من الطريق، وكانت آخر هذه المحاولات، منع التمديد له في قيادة الجيش، إلا أن المحاولة باءت بالفشل، بعد أن أقر التمديد بمشروع قانون في المجلس النيابي، بمشاركة مختلف القوى السياسية، باستثناء التيار نفسه، وحليفه الذي يحاول مراضاته “حزب الله”، علماً أن العلاقة بين الحزب والعماد عون جيدة لدرجة أنه في عيد ميلاد الأخير، عايده رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في “حزب الله” وفيق صفا بالقول: “تهري وتجدد”.

إلا أن حسابات الحزب في ملف التمديد مرتبطة بالحلف مع التيار، الذي اهتز بصورة كبيرة عام 2023، ويسعى الحزب الى ترميم العلاقة.

أما الأسماء الأخرى التي طرحت للرئاسة كالوزير السابق زياد بارود، أو النائب السابق صلاح حنين، أو الدكتور عصام خليفة، فكلها كانت قيد التدوال، إلا أنها لم تصل إلى مرحلة الجدية في الطرح. ومع طغيان حرب غزة على المشهد، يبدو أن الاهتمام بالملف الرئاسي تراجع، بانتظار ما قد يحمل العام الجديد من تطورات ومبادرات، وتدور همسات عن مبادرة للرئيس بري مطلع العام، على أمل أن لا نكون في هذا الوقت من السنة المقبلة، نكتب أيضاً عن جردة حساب مرشحي الرئاسة في العام 2024.

شارك المقال