مستقبل “الحزب” في سوريا

خالد العزي
خالد العزي

“حزب الله” موجود في سوريا، كباقي الأذرع الايرانية الموجودة فيها ضمن مهام خاصة، للحفاظ على نظام بشار الأسد، وتأمين خط حماية طريق “طهران – بغداد – دمشق – بيروت”، وهذا الخط يفتح الحدود أمام الوجود الايراني في المنطقة ويعطي طهران القدرة على الوصول الى المياه الدافئة التي كانت حلماً إيرانياً تاريخياً للوصول إلى المتوسط.

من هنا تكمن أهمية وجود “حزب الله” في سوريا كفصيل مترابط بها ذي خبرات في الحرب وأكثر التصاقاً بالايديولوجية الايرانية أي نظام “ولاية الفقيه”. فدور الحزب يكمن في الحفاظ على هذا الخط الذي يؤمّن له التواصل مع طهران ووصول سلاح ونقل صواريخ وتدريب مقاتلين، كما يؤمن له مصادر مالية مستقلة من خلال التجارة واستخدام ايران والعراق وسوريا كأسواق حرة.

الحزب موجود بطلب إيراني ضمن إستراتيجية السيطرة والنفوذ في الدول العربية التي تقع تحت سيطرة ايران، وقرار الخروج أو البقاء في دمشق هو بيد طهران وحدها، على الرغم من خطابات الأمين العام السيد حسن نصر الله الأخيرة التي أشار فيها الى أن كل طرف من أطراف المقاومة له حرية القرار والتصرف من دون الخضوع لطهران. لكن الحزب يعرف جيداً أن الاستراتيجية الايرانية هي التي تحدد الرؤية والأهداف للفصائل عموماً، على الرغم من أن الحزب قدم العديد من الشهداء والجرحى في الحرب السورية، إلا أنه لا يزال يعتبر أن مهمته كانت استباقية في الدفاع عن المقدسات المذهبية وعن لبنان. لكنه بالفعل يدافع عن الخط الذي يربط المنطقة بطهران، وهو موجود في المناطق القريبة للجولان السوري المحتل لأن التهديد الايراني للعدو الاسرائيلي يكمن في الضغط واستفزاز أميركا لتحقيق حوافز وتحسين شروط طهران التفاوضية معها وليس فتح جبهات للحروب التي قد تؤدي الى الخسائر.

اما لجهة الخروج من سوريا، فان الحزب لا يرى داعياً لهذا الخروج ولا تزال قواته منتشرة في مناطق سيطرته من الجولان حتى القلمون مروراً بدمشق وحلب ودير الزور. وبالتالي، أصبح الحزب يحتل نفوذاً واسعاً داخل سوريا لأنه حمى النظام الحالي ولن يخرج منها بصورة عادية الا بعد اعادة ترتيب البيت السوري مجدداً، ليكون شريكاً فاعلاً في هذه التركيبة السورية القادمة (النظام)، لأن ذلك يعزز دوره ونفوذه أكثر في لبنان. وبالتالي، هو لا يحتاج إلى العديد الموجود في سوريا لإشراكه في المواجهات الحالية في الجنوب، لأنه يملك أعداداً كبيرة ومستعد للقتال من خلالها ويستطيع تحمل خسائر بشرية كبيرة، وهذا ما نشهده اليوم في هذه المواجهات.

والحزب ليس جيشاً كلاسيكياً يتطلب قوات عسكرية كثيرة للمواجهة، بل يعتمد في حربه على حرب العصابات ضمن مجموعات صغيرة، وفي حال المواجهة المباشرة يعتمد على صواريخ “الكورنيت” والعبوات التفجيرية وعناصر المفاجأة. فالمواجهة التي تدور في سوريا ضد الاسرائيلي قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) وبعده، الحزب والايراني هما جزءان أساسيان منها، والنظام السوري منذ عملية “طوفان الأقصى” في غزة كانت إشاراته واضحة بأنه غير جاهز لأي مواجهة وكأنه أعطى لنفسه استراحة المحارب.

ولم يتطرق الأمين العام للحزب إلى دور النظام السوري في هذه المواجهة، ولا إيران وكأنهما يعتبران أن المواجهة في سوريا هي مع إيران والأذرع فقط والنظام سيكون قريباً من الخط الايراني، لأن ايران لن تسمح للحزب بالخروج من سوريا وقطع طريق الامداد لها (طهران – بيروت) ولا بأي شكل من الأشكال قبل التسوية الشاملة. وهنا يمكن القول إن الجميع يبحث عن صيغة لاعادة ترتيب النفوذ من جديد بما فيها إيران.

وعلى الرغم من هذا التصعيد بين الأطراف المتحاربة، الا أن المنطقة ذاهبة الى تسوية قادمة مع الولايات المتحدة، في المناطق الموجودة فيها إيران لاعادة ترتيبها وسيكون الحزب جزءاً من هذه التسوية التي ستكون إيران وأذرعها في الطليعة. ومن هنا، فان دور الأذرع سيكون محفوظاً في الدول التي تتولى إيران فيها النفوذ في ترتيب العملية السياسية. إذاً، “حزب الله” هو جزء أساسي من هذه المجموعات التي سيعَوم دوره على صعيد لبنان والمنطقة.

لكن طالما أن أبواب التسوية بين الولايات المتحدة وإيران مفتوحة على مصراعيها للوصول إلى حلول وترتيب النفوذ، يبقى السؤال المطروح: هل ستقبل الولايات المتحدة بتعويم دور الدويلات في داخل الدول، أو إعطاء إيران دوراً سياسياً ونفوذاً اقتصادياً مقابل التخلي عن هذه الأذرع في المنطقة؟

شارك المقال