المبادرة المصرية بين التنفيذ والاستحالة (٢)… “حماس” لن تقبل بالهدن المؤقتة

زياد سامي عيتاني

إرتكزت المبادرة المصرية لوقف العدوان على قطاع غزة، بصورة أساسية على توحيد الصف الفلسطيني، تمهيداً للذهاب معاً الى أي ترتيبات تتعلق بالقضية الفلسطينية. وتنطلق المبادرة المصرية باعتبار القاهرة الطرف الأجدر والأكثر إدراكاً لتفاصيل القضية ومفاتيحها، والأقدر على قراءة الملف، وواقع كل طرف من الأطراف الى جانب امتلاك الاتصالات مع الأطراف الفاعلة والقوى الاقليمية والدولية.

وعلى الرغم من أن مصر لم تتلقَ رداً من الأطراف، لكنها تراعي فى مبادراتها الاستماع إلى كل الآراء والاتصال بالجميع. وعليه، فإن القاهرة تشهد منذ أيام حركة إتصالات واسعة مع مختلف الفصائل الفلسطينية للتباحث في بنود المبادرة، ولتأسيس أرضية صلبة تهدف إلى توحيد القرار الفلسطيني. وفي هذا الاطار، وصل وفد من حركة “حماس” إلى العاصمة المصرية القاهرة يوم الجمعة الماضي لتقديم ملاحظاته بشأن المبادرة المصرية التي تنص على وقف لاطلاق النار ينهي العدوان الاسرائيلي على غزة. وسبق لوفدين منفصلين من حركتي “حماس” والجهاد” أن إلتقيا سابقاً مسؤولين مصريين، قبل أن تكشف القاهرة عن مبادرتها.

وتأتي زيارة وفد “حماس” الى القاهرة، وسط تأكيد الحركة رفضها أي صفقة لا تؤدي الى انهاء العدوان، خصوصاً مع تزايد الضغط الداخلي على حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لحل ملف الأسرى. وأكد مسؤول في حركة “حماس”، أن لدى فصائل المقاومة جملة من النقاط والملاحظات بشأن تبادل الأسرى والأعداد المقابلة للأسرى الفلسطينيين للإفراج عنهم، وضمانات الانسحاب العسكري بصورة كاملة من القطاع. وأشار المسؤول الى أن هذه الملاحظات تتعلق خصوصاً بـ”طرائق عمليات التبادل المرتقبة، وبعدد الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم وبالحصول على ضمانات من أجل انسحاب عسكري إسرائيلي كامل من قطاع غزة”. بدوره، أكد القيادي في حركة “حماس” أسامة حمدان أن الحركة “منفتحة على أي أفكار أو مقترحات لوقف العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة بصورة كاملة ونهائية”، مجدداً القول: “الاحتلال لن يرى أسراه لدى المقاومة أحياء إلا بعد وقف شامل للعدوان”. فـ “حماس” لا تريد أن تعقد إتفاقاً جديداً مع إسرائيل، لا يحقق لها مكاسب سياسية واضحة، خصوصاً في ظل حديث مسؤولين إسرائيليين عن أن الحرب ستستمر أشهراً أخرى، وأن لا أفق لوقفها ما لم تحقق الهدف المعلن من ورائها والمتمثل في تفكيك “حماس”.

وترى “حماس” أن اتفاق الهدن القصيرة وما يتبعه من إطلاق مجموعات جديدة من المحتجزين مكاسب لحكومة نتنياهو ويمنحها فرصة لتهدئة الغضب الشعبي والدعوة إلى وقف الحرب لإنقاذ الرهائن، في المقابل ستخسر “حماس” أحد أهم أوراقها بتسليم المحتجزين على دفعات من دون تحقيق وقف الحرب، وخصوصاً إطلاق سراح قيادات فلسطينية مهمة، وهو المكسب الذي تسعى إلى تحقيقه للتغطية على فاتورة الحرب الباهظة.

بإنتظار نتائج مباحثات وفد “حماس” في القاهرة، بالتأكيد فان الحركة تتعاطى بمسؤولية مع المبادرة المصرية لإدراكها أن الموقع الجغرافي والسياسي لمصر يشكل بوابة الحل، ما يجعلها مهتمة بالمبادرة ومناقشة تفاصيلها.

إقرأ ايضاً:

  1. المبادرة المصرية بين التنفيذ والاستحالة (١)… القاهرة تعوّل على خبرتها في التواصل والوساطة
  2. المبادرة المصرية بين التنفيذ والاستحالة (٢)… “حماس” لن تقبل بالهدن المؤقتة
شارك المقال