المبادرة المصرية بين التنفيذ والاستحالة (١)… القاهرة تعوّل على خبرتها في التواصل والوساطة

زياد سامي عيتاني

أطلقت جمهورية مصر العربية مبادرة لوقف العدوان على غزة، من خلال تسوية طويلة الأمد لوقف الحرب، بعد إتصالات مكثفة مع جميع الدول المعنية، فضلاً عن الفصائل الفلسطينية. وتهدف المبادرة المصرية الى تقريب وجهات النظر بين جميع الأطراف، بعد اتصالات مكثفة مع أطراف الأزمة والاستماع إلى مطالبها.

المبادرة المصرية، التي جرى تعديلها أكثر من مرة، ستكون متدرجة ومتأنية في تنفيذها، عن طريق إرتباطها بثلاث مراحل وهي: هدنة لمدة أسبوعين قابلة للتمديد، ثم يعقد حوار فلسطيني – فلسطيني، وإنهاء الانقسام الداخلي بين الصفوف الفلسطينية، ووقف كامل وشامل لاطلاق النار، ووجود صفقة شاملة لتبادل الأسرى.

  • المرحلة الأولى: تتمثل في وقف القتال لمدة أسبوعين، قابلة للتمديد إلى ثلاثة أو أربعة، تفرج خلالها “حماس” عن جميع المدنيين لديها من النساء والقاصرين وكبار السن، وخصوصاً المرضى. وفي المقابل، ستطلق إسرائيل سراح عدد يٌتفق عليه من الأسرى الفلسطينيين. وخلال هذا الوقت، يتم وقف إطلاق النار في كامل مناطق القطاع، من الجانبين كليهما كما سيُعاد نشر القوات الاسرائيلية بعيداً عن محيط التجمعات السكنية، ويُسمح للمواطنين بالتحرك من الجنوب إلى الشمال، كذلك حركة السيارات والشاحنات، مع تكثيف إدخال المساعدات الإنسانية.
  • المرحلة الثانية: تتمثل في إجراء “محادثة وطنية فلسطينية” برعاية مصر، تهدف إلى إنهاء الانقسام بين الفصائل الفلسطينية، وتؤدي إلى تشكيل حكومة تكنوقراط في الضفة الغربية وقطاع غزة، ستشرف على إعادة إعمار القطاع، وتمهيد الطريق لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية فلسطينية.
  • المرحلة الثالثة: وتشمل وقفاً شاملاً لاطلاق النار، والتفاوض مع “حماس” للإفراج عن الرهائن المجندين لديها، مقابل عدد غير محدد من الأسرى الأمنيين الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية المرتبطين بحركتي “حماس” و”الجهاد الاسلامي”، بما في ذلك أولئك الذين تم اعتقالهم بعد 7 تشرين الأول. وفي هذه المرحلة، تسحب إسرائيل قواتها من مدن قطاع غزة وتسمح لسكانه النازحين من الشمال بالعودة إلى منازلهم.

وتأتي مبادرة مصر في وقت تحاول فيه قيادتها السياسية إستغلال الزخم العالمي حول العدوان على قطاع غزة في حشد رأي عالمي مؤيد لضرورة وضع حل جذري لهذه القضية من خلال تنفيذ حل الدولتين، وفقاً لمقررات الأمم المتحدة. كذلك، فإنها تأتي إنسجاماً مع الموقف المصري الحاسم تجاه ما يحدث فى غزة منذ اللحظة الأولى لعملية 7 تشرين، من خلال تأكيد الرفض التام لتصفية القضية الفلسطينية، وضرورة العمل على حل الدولتين، وأن لا سلام إلا من خلال المسار السياسي والحوار.

ولضمان تنفيذ هذه الرؤية، يجب على إسرائيل وقف جميع أشكال النشاط الجوي الاسرائيلي بما في ذلك المُسيرات وطائرات الاستطلاع، مع تكثيف إدخال المساعدات الانسانية والاغاثية التي تشمل الأدوية والمستلزمات الطبية والمحروقات والأغذية، من دون إستثناء شمال القطاع. فهل حكومة بنيامين نتنياهو على الاستعداد للقبول بالمبادرة المصرية ومندرجاتها؟

وفقاً لمقال نشرته “وول ستريت جورنال” الأميركية، فقد حدد رئيس الوزراء الاسرائيلي ثلاثة شروط مسبقة لإنهاء الحرب في غزة: “تدمير حماس وخروجها من المشهد السياسي الفلسطيني، ونزع سلاح الفصائل الفلسطينية في القطاع، وإستئصال جذور التطرف في المجتمع الفلسطيني”! يعقب مصدر فلسطيني على شروط نتنياهو “المستحيلة” قائلاً: “إن قاعدة الاستسلام أو القتل لقادة المقاومة الفلسطينية التي يريدها نتنياهو غير واردة في العقيدة القتالية لحماس والجهاد وغيرها من الفصائل الموجودة على الأرض”. وأشار إلى أن “الفصائل الفلسطينية إذا لم تحصل على وقف دائم لإطلاق النار، وإنسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق التي إحتلتها من القطاع مقابل تبادل الرهائن، فليس لديها ما تخسره”.

تزامناً، أكد رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في القاهرة ضياء رشوان أن “مصر طرحت إطاراً لمقترح لمحاولة تقريب وجهات النظر بين كل الأطراف المعنية، سعياً وراء حقن الدماء الفلسطينية، ووقف العدوان على غزة، وإعادة السلام والاستقرار الى المنطقة”. وأضاف: “مصر تؤكد أنها لم تتلقَ حتى الآن أي ردود على الاطار المقترح من أي طرف من الأطراف المعنية، وعند ورود الردود من الأطراف المعنية، ستتم بلورة المقترح بصورة مفصلة، وسيتم إعلانه كاملاً للرأي العام المصري والعربي والعالمي”.

لا شك في أن القيادة المصرية أمام دور محوري لإنهاء حرب الإبادة على غزة من جهة، ولتقريب وجهات النظر بين الفصائل الفلسطينية من جهة ثانية، لتؤكد موقعها المركزي والاستراتيجي في المنطقة، خصوصاً وأنها تمتلك خبرة واسعة في مجال الوساطة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، ودائمة التواصل مع جميع الأطراف.

إقرأ ايضاً:

  1. المبادرة المصرية بين التنفيذ والاستحالة (١)… القاهرة تعوّل على خبرتها في التواصل والوساطة
  2. المبادرة المصرية بين التنفيذ والاستحالة (٢)… “حماس” لن تقبل بالهدن المؤقتة
شارك المقال