رسالة نصر الله عن “تحرير أرضنا” موجهة إيجاباً للأميركيين

رواند بو ضرغم

يحافظ الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله على قواعد الاشتباك الخطابي، على الرغم من تخطي العدو الاسرائيلي قواعد الاشتباك والقرار 1701، ضارباً عرض الحائط باستهداف الضاحية الجنوبية لبيروت والسيادة اللبنانية.

ليس في خطاب نصر الله أي تصعيد استثنائي، على الرغم من سقفه العالي في تهديد العدو الاسرائيلي في حال تجرّأ على فتح الحرب على لبنان، وذلك قياساً الى ما كان يتخوف منه بعض اللبنانيين والخارج برمّته، استناداً الى ما قد وعد به ما قبل “طوفان الأقصى” بأن أي عملية اغتيال على أرضه من أي جنسية كانت سيقابلها “حزب الله” برد مباشر، وعليه توقّع اللبنانيون أن الرد على اغتيال القيادي في “حماس” الشيخ صالح العاروري ورفاقه سيكون عنيفاً ومباشراً، الا أن السيد نصر الله وضع الضوابط بأن المقاومة هي من تحدد طبيعة المعركة وظروفها، قائلاً: “إن الرد آت لا محالة، إنما القرار هو للميدان”.

لا يُقيم “حزب الله” وزناً للعدو الاسرائيلي ولا يخشى منه في المعركة العسكرية، إنما ظلم ذوي القربى الداخلي أشد مضاضة عليه من وقع الحسام الصهيوني، بدءاً بخصومه وصولاً الى بعض حلفائه، بحيث إن الخصوم يتّهمونه بتعريض لبنان للخطر، أما حليفه “التيار الوطني الحر” فكشف ظهر المقاومة وبيئتها واستكثر عليها بيان استنكار على استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت من العدو الاسرائيلي. لذلك وقع السيد نصر الله تحت ضغط مزدوج، الأول هو المطالبة الطبيعية فلسطينياً ولبنانياً برد على الاعتداء الاسرائيلي، والثاني قراءة النتائج لأي خطوة يقررها وحجم تأثيرها على المعركة الكبرى وأثمانها، فرفع سقف الخطاب من غير أن يُلزم نفسه بسقف محدد. الا أن هذه الواقعية والسقف المعقول في خطاب نصر الله لا يلغيان الحذر القائم من النوايا الاسرائيلية بالتصعيد، وخصوصاً أن النزاعات الداخلية في حكومة العدو تنذر بإمكان التصعيد العسكري والأمني، فيبقى لبنان في دائرة الخطر إسرائيلياً بانتظار نتائج التحرك الأميركي في ضبط الجنون الاسرائيلي.

أما في الحراك الأميركي الذي لم يستكمله آموس هوكشتاين، فهذا مؤشر إضافي على أن التسوية لم تتضح بعد ولن تنضج، ويقول مصدر قيادي لموقع “لبنان الكبير”: “إن هوكشتاين لم يكن قد طلب تحديد موعد وألغاه، إنما كان يُتوقع أن يزور لبنان بعد إسرائيل ليُفاوض بشأن الحدود، ولكن ما فُهم من عدم طلب أي مواعيد رسمية لهوكشتاين أن حل الملف اللبناني مرتبط بمرحلة ما بعد غزة، وبالتالي فإن الرؤية الاسرائيلية غير واضحة لدى هوكشتاين، لتدفعه باتجاه الحديث مع اللبنانيين في تسوية أو حل أو مشروع تفاهم على الحدود البرية أو أي فك اشتباك أو آليات تطبيق للقرار 1701”.

غير أن الكلام الأهم في خطاب السيد نصر الله كان حديثه أن بعد معركة غزة التركيز سيكون على تحرير أرضنا بدءاً من الـb1 الى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وأن لبنان أمام فرصة تاريخية للتحرير الكامل لكل شبر من أرضنا الجنوبية. يقول مصدر قيادي لموقع “لبنان الكبير”: “إن هذه الرسالة موجهة الى الحراك الغربي وتحديداً الأميركي، بأن حزب الله يمدّ اليد ويترك الباب مفتوحاً للتفاهم على التسوية ما بعد غزة، ويجب أن يتم تلقف هذه الرسالة بإيجابية. الا أن التسوية لم تُصَغ بعد ولا وُضعت أُطُرها، لذلك من المبكر الحديث عن تحقيقها، ولكن هذه الرسالة تبقى ضمن إطار إعلان النوايا، التي تتطلب عملاً لتحقيقها، وهي تخضع في حينه للظروف السياسية والعسكرية والأمنية ومصير غزة ومستقبل فلسطين وواقع الضفة وأمن الحدود. الا أن قيمة هذا الاعلان يتجلى في كونه مؤشراً على أن حزب الله يضع المنطقة في سياق مفتوح على التسوية في المرحلة المقبلة، ولكن ما بعد وقف إطلاق النار في غزة”.

شارك المقال