خطاب نصر الله… لا نية باشعال حرب شاملة والتفاوض “بشروطنا”

محمد شمس الدين

أطل الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله أمس في حفل تأبيني لأحد كوادر الحزب محمد ياغي، وكانت مناسبة تطرق فيها إلى التطورات في المنطقة ولبنان، بعدما كان أعلن منذ يومين في خطاب الذكرى السنوية لاغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، تأجيل الخوض في تفاصيل الضربة الاسرائيلية في الضاحية إلى خطاب الأمس.

بعد الحديث عن المناسبة، تطرق نصر الله إلى آخر التطورات، من الاغتيال الاسرائيلي لنائب رئيس حركة “حماس” صالح العاروري، إلى الاغتيال الأميركي للقيادي في “الحشد الشعبي” طالب السعيدي، إلى التفجيرات في ايران، مروراً بالجبهة اللبنانية، وختمها بالحديث عن اليمن والحوثيين والبحر الأحمر. وكالعادة فنّد الأحداث، وركز على الجبهة الاسرائيلية متهماً قادتها باخفاء الخسائر الحقيقية في المعركة، إن كان في غزة أو عمليات المقاومة من الجنوب.

وأهم ما ورد في خطاب نصر الله تأكيده الرد على اغتيال العاروري، قائلاً: “عندما يكون الاستـهداف في لبنان في الضاحية الجنوبية نحن لا نستطيع أن نسلم بهذا الخرق الكبير والخطير”. ورأى أن لبنان سيصبح مكشوفاً في حال السكوت عن هذا الاستهداف، مشدداً على “أننا لن نستخدم عبارة في الزمان والمكان المناسب والرد آتٍ حتماً”.

والنقطة الثانية المهمة في الخطاب هي المتعلقة بالمعركة في الجنوب، التي أكد نصر الله أنها تثبت موازين الردع، ملمحاً إلى انتهاء صلاحية قواعد الاشبتاك السابقة. واعتبر “أننا أمام فرصة حقيقية لتحرير كل شبر من أرضنا اللبنانية ومنع العدو من استباحة حدودنا وأجوائنا”.

في النقطة الأولى يمكن القول إن نصر الله أكد لمن يهمه الأمر أن الحزب لا نية لديه بفتح حرب شاملة، مع التشديد على أن من حقه الرد على استهداف الضاحية. ويلفت مصدر مطلع قريب من الممانعة لموقع “لبنان الكبير” إلى أن “هذا الرد قد يكون استهداف تل ابيب وفق معادلة تحدث عنها السيد نصر الله سابقاً، الضاحية مقابل تل أبيب، إلا أنها ستكون ضمن المعادلات التي يثبتها الحزب، وقد يكون عبر مسيرة أو صواريخ، ولكن يمكننا الاستقاء من كلام السيد أن الاستهداف سيكون لنقطة استراتيجية أو عسكرية ما وليس استهدافاً عشوائياً للمنازل، وقد يكون في غير تل أبيب أيضاً، والمؤكد أنها ستكون ضربة موجعة”.

أما عن النقطة الثانية، فيجدر التذكير أولاً بأن الموفد الأميركي آموس هوكشتاين زار لبنان في نهاية آب الماضي قبل اندلاع الحرب، وكان هدف زيارته استطلاعياً لترسيم الحدود البرية، وذلك على خلفية التوترات التي شهدتها الحدود اللبنانية اثر أعمال الجرف الاسرائيلية في كفرشوبا، وانشاء “حزب الله” خيمتين في مزارع شبعا. وأعلن هوكشتاين في حينه خلال لقائه وزير الخارجية عبد الله بوحبيب أنه في صدد تقويم مدى إستعداد الأطراف المعنية لاطلاق مسار الترسيم البري، بعد نجاح الوساطة التي قام بها لإنجاز الحدود البحرية، فيما أعرب بو حبيب عن “جهوزية لبنان لاطلاق هذا المسار، بما يتناسب مع حفظ الحقوق اللبنانية”.

وعاد هوكشتاين بعد الحرب في تشرين الثاني، وأعاد البحث في هذه النقطة، وعرض استعداده للتفاوض مع الاسرائيليين لحل مشكلة النقاط العالقة بين لبنان واسرائيل، ورد “حزب الله” بأن هذا الأمر لا يمكن الحديث عنه إلا بعد انتهاء حرب غزة، وتحدث نصر الله أمس عن “فرصة حقيقية لتحرير كل شبر من أرضنا اللبنانية ومنع العدو من استباحة حدودنا وأجوائنا”، فمن الطبيعي بعد انتهاء أي حرب أن تحصل مفاوضات، ولعل نصر الله يلمح إلى القبول بمفاوضات متعلقة بالحدود اللبنانية بعد الحرب، لاسيما أن هوكشتاين موجود اليوم في تل أبيب، في مساعي لخفض التصعيد وعدم توسع الحرب لتصبح شاملة مع لبنان.

ولا ينفي قريبون من الممانعة استعداد الحزب للتفاوض، إلا أنهم يشددون على أن “التفاوض يتم بشروطنا لا بشروط الاسرائيلي ولا الأميركي، ولا نعتقد أن التفاوض سيحصل قبل نهاية حرب غزة”. وتذكر المصادر بأن الحزب كان منفتحاً على التفاوض خلال حرب تموز 2006، وقد نجح في فرض شروطه، ولا تعتبر أن الـ 1701 يضر بالحزب، فهو يتحدث عن الميليشيات غير الشرعية فعلياً، “أما المقاومة، فهي تأخذ شرعيتها من البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة، التي أعطتها الحق في الدفاع عن لبنان وتحرير أراضيه، والمشكلة ليست من عندنا بل من عند العدو الذي لطالما خرق القرارات الدولية، ويجدر دوماً تذكير البعض في لبنان، بأن الاسرائيلي هو دوماً المعتدي، مهما كانت الظروف المحيطة بأي توتر يحصل”.

شارك المقال