السياسة والقضاء في لبنان يغتالان أمل شعبان

حسين زياد منصور

كان لافتاً القرار الصادر عن الهيئة الاتهامية في بيروت بفسخ قرار تخلية سبيل رئيسة دائرة الامتحانات وأمينة سرّ لجنة المعادلات ما قبل التعليم الجامعي في وزارة التربية أمل شعبان. لهذا القرار دلالات عدة أبرزها براءة شعبان من كل ما نسب اليها، فلو كان لدى قاضي التحقيق في بيروت أسعد بيرم شك في تورطها لما اتخذ القرار بإخلاء سبيلها، بل كان ليمضي في ما بدأ به كي تحصل على القصاص والعقاب. القاضي بيرم اتخذ قراره بإخلاء سبيل شعبان بعد الاستماع الى افادة شهود من دائرة المعادلات ومن وزارة التربية عززت براءتها. ويتضح من ذلك أن القضية بأكملها تلفيق تهمة لإبعاد شعبان عن منصبها.

لماذا كل هذا الهجوم؟

من يعرف أمل شعبان، فهو على دراية تامة بأنها نظيفة الكف، ولا ترضى بكل ما يثار حولها، اذ سبق وكشفت عن أسماء أشخاص متورطين في عمليات تزوير، وهذا ما أدى الى توقيف عدد من مزوّري الشهادات والسماسرة والموظفين. وكانت قد رفعت أيضاً كتباً بموظفين لشكوك في تلقي إكراميات.

وهنا يجب لفت الانتباه الى أن جميع الموظفين الذي استمع إليهم القاضي بيرم شهدوا بكفاءة شعبان ونظافة كفها ورفضها القاطع لتمرير أي معاملة غير قانونية، وأكدوا أنها ترفض أن يقبل الموظفون أية هدايا أو اكراميات.

حتى الموظف المدعو رودي باسيم، الذي اعترف بأنه ينجز المعاملات لقاء 300 دولار أميركي، يعطي منها 250 لشعبان، عاد وتراجع عن أقواله عند المواجهة معها، اذ لا مهرب من قول الحقيقة والاعتراف بها. كما اعترف بقيامها بطرد أشخاص لشكوكها في وجود شبهات حولهم.

إذاً، الموضوع بأكمله لإزاحة شعبان من موقعها بسبب عرقلتها كل التحركات والأفعال الفاسدة والمخالفة للقانون، لأنها لم تكن تتساهل في تمرير المعادلات من دون تدقيق، خصوصاً معادلات الطلاب العراقيين، وهنا بيت القصيد.

العراق يضغط

من المعلوم أن عدد الطلاب العراقيين في لبنان كبير جداً، وقدموا طلباتهم الى وزارة التربية من أجل معادلة شهاداتهم لاكمال دراستهم في الجامعات اللبنانية، وهو ما تسبّب في وقوع إشكالات نتيجة عددهم الكبير. لذلك، قامت شعبان بتنظيم هذا الأمر من خلال لوائح بأسماء الطلاب يتم إنجازها. هذه اللوائح فتحت الباب كي يتدخل الكثير من الأشخاص لفرض أسماء، منها لا تستحق، وذلك تحت حجج عدة، وتشكيل ضغط على الموظفين في لجنة المعادلات.

العراقيون يضغطون لتمرير الملفات والمعادلات بسرعة، اذ انهم يريدون حصول جميع من تسجلوا على المعادلات لنيل شهاداتهم.

لماذا كل هذا الضغط؟ لأن من بين هؤلاء “الطلاب” سياسيين ومسؤولين وأمنيين. لذلك الضغط على تسهيل هذه المعاملات وتمريرها من دون التدقيق فيها يعني استبدال شعبان.

من هذا المنطلق، يأتي تأخير تسريح شعبان والابقاء عليها كي يقوم وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي بتعيين شخص آخر مكانها لرئاسة لجنة المعادلات، ويلبي الرغبات والاملاءات من دون تدقيق أو تأدية الواجب المهني، أي عكس ما كانت تقوم به شعبان.

الانصياع اللبناني والخوف من العراقيين يأتي بعد تهديداتهم بوقف التعامل مع الجامعات في لبنان.

الحقيقة الواضحة

في الخلاصة، الهجوم على شعبان والاساءة اليها هو لتحييدها عن موقعها، والضغط أيضاً على وزارة التربية من خلال هذا الملف. طبعاً من دون نسيان الضغوط السياسية على الوزارة لاستبدالها وتسيير المعادلات “مكارمة” من بعض الشخصيات اللبنانية ان كانت سياسية أو غيرها للعراقيين، حفاظاً على مصالحها الشخصية.

أمل شعبان بريئة، وضحية التزامها بالقانون وتطبيقه في عملها. اتهامها بتقاضي رشاوى مالية مقابل معادلة شهادات لطلاب عراقيين لم يكن مستنداً الى دليل، بل على العكس، جميع من تم الاستماع اليهم أكدوا عدم تورطها في هذا الملف.

تجدر الاشارة الى أن عدداً من الموقوفين والمتورطين في هذا الملف قاموا بالوشاية زوراً على عدد من الموظفين، ولكن تبينت فيما بعد شهادة زورهم.

لكن قضية أمل شعبان توصف بالفضيحة لأن الحقيقة واضحة وضوح الشمس، والاستمرار في توقيفها دليل على الاستنسابية وتلبية مصالح شخصية لدى البعض.

شارك المقال