واشنطن تحاول ايجاد مخرج لاسرائيل؟

حسناء بو حرفوش

كيف تنوي إسرائيل الخروج من غزة؟ وفقاً لمقال رأي في صحيفة “واشنطن بوست”، فان “إسرائيل تعرضت لصفعة مؤلمة بحيث تفتقر الى استراتيجية خروج متماسكة من القطاع. وعلى الرغم من سعيها الى هزيمة حماس بصورة حاسمة، لا تزال بعيدة عن تحقيق هدفها بعد نحو ثلاثة أشهر، وذلك لأن مسلحي حماس لا يزالون محصنين في شبكة الأنفاق أسفل غزة. وبالتوازي، يمارس المجتمع الدولي الكثير من الضغوط لوقف إطلاق النار وإنقاذ المدنيين الفلسطينيين.

وتحاول إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مساعدة إسرائيل على توفير طريق الخروج بالتعاون مع حلفائها الرئيسيين. ويكمل وزير الخارجية أنتوني بلينكن جولة في المنطقة يتلقى فيها تعهدات بدعم إعادة بناء غزة بعد الحرب بشرط موافقة إسرائيل على إنشاء دولة فلسطينية في نهاية المطاف. وعلى الرغم من أن معالم المخرج باتت واضحة بعض الشيء لكن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يرفض تقديم الالتزام المطلوب بإقامة دولة فلسطينية. وهذا ما يجمّد اللعبة التي هندستها الولايات المتحدة، بحيث يبدو أن بلينكن عاجز عن دفع نتنياهو الذي ينتهج الحذر بعد صدمة 7 أكتوبر (تشرين الأول)، الى الالتزام بالسيادة الفلسطينية.

وفي الوقت نفسه، تواصل إدارة بايدن العمل لمنع الانزلاق إلى حرب أوسع نطاقاً – وهذا الأمر يزداد صعوبة أيضاً. وقد تحدث بايدن مع حلفائه الاسرائيليين عن مهاجمة حزب الله في لبنان مباشرة بعد 7 أكتوبر لكن الصواريخ التي أطلقت من لبنان دفعت الى إخلاء المستوطنات الاسرائيلية الشمالية. ويقول المسؤولون الاسرائيليون بصورة قاطعة إن حزب الله في حال لم يقم بإنشاء منطقة عازلة على طول الساحل على الحدود، ستشن إسرائيل هجوماً شاملاً.

فهل تستطيع الديبلوماسية التي تقودها الولايات المتحدة تجنب هذا الصراع الأوسع؟ لقد استكشف المسؤولون الأميركيون كل قناة ممكنة، وحققوا بعض النجاحات. وأشار حزب الله وإيران، عبر وسطاء إلى عدم نية الانخراط في حرب شاملة. لكن إيران ووكلاءها بارعون في ممارسة لعبة مزدوجة. يقول حزب الله إنه مستعد لإجراء محادثات لحل النزاعات الحدودية بين لبنان وإسرائيل عندما يتوقف القتال في غزة، لكنه يواصل إطلاق الصواريخ على شمال إسرائيل. وأطلق الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن، صواريخ على السفن في البحر الأحمر، ما أدى إلى تعطيل طريق بحري عالمي رئيس. ويحذر المسؤولون من إجراء عسكري أميركي ضد الحوثيين في حال لم تتوقف هذه الهجمات، ومن هجوم إسرائيلي ضد لبنان في نهاية المطاف.

وفي نهاية هذا المسار، هناك المواجهة المستعرة بالوكالة منذ 45 عاماً بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة. ربما لا ترغب الحكومة الايرانية في تلك المعركة، لكن فيلق الحرس الثوري الايراني في المنطقة قد يرغب في ذلك. فكيف يمكن نزع فتيل الأزمة قبل أن تتفاقم؟ اتخذت إسرائيل الخطوة الأولى بتقليص عملياتها العسكرية في غزة. وعندما تنتهي عمليات انسحاب القوات الاسرائيلية في أواخر هذا الشهر أو أوائل الشهر المقبل، قد يبقى في غزة ما لا يقل عن ربع قوات الغزو الأولية. وستفرض قوات الإنزال (الكوماندوز) الاسرائيلية حصاراً على الأنفاق ومهاجمة مقاتلي حماس، ولكن الاسرائيليين سيتجنبون الهجمات الشديدة على المناطق المدنية التي أثارت غضب الرأي العام العالمي.

ما بعد الانسحاب الاسرائيلي

تحد آخر تواجهه إسرائيل بحيث سيكون الحفاظ على الهدوء أثناء انسحاب القوات الاسرائيلية بمثابة كابوس. ولا يريد نتنياهو أن تدير السلطة الفلسطينية قطاع غزة بعد الحرب. لذلك، تدرس حكومته خطة للسماح للقادة الفلسطينيين المحليين بإدارة منطقة تلو الأخرى. وهذا أشبه بـ”الروابط” التي رعاها الاسرائيليون في الضفة الغربية في الثمانينيات. ولأن ذلك من شأنه أن يعوق قيام دولة فلسطينية، من المحتمل ألا تتعاون الدول العربية، ما يترك إسرائيل وغزة على الهامش.

فكيف يمكن للولايات المتحدة وحلفائها حل المعضلة؟ من جملة الأمور المشجعة، الاصلاح الحقيقي للسلطة الفلسطينية، مع زعيم جديد قادر على تولي الحكم وحكومة جديدة ملتزمة بمحاربة الفساد وتحسين الخدمات. وبينما تكافح إدارة بايدن لاحتواء تداعيات حرب غزة، تواجه المفارقة نفسها التي طاردت سياسة الشرق الأوسط لمدة نصف قرن: الولايات المتحدة هي القوة الخارجية الوحيدة القوية بما يكفي لتشكيل المنطقة عسكرياً وسياسياً. لكنها لا تستطيع فرض الحلول، ولا تزال حتى الساعة وعلى الرغم من النكسات التي تعرضت لها، الدولة التي لا غنى عنها في الشرق الأوسط. ومع ذلك، فهي أيضاً أسيرة للأحداث التي لا يمكنها السيطرة عليها، وعلى رأسها انعدام الثقة المستمر والصراع الفلسطيني”.

شارك المقال