“هولوكوست” غزة بالأرقام: خارج الخدمة!

جورج حايك
جورج حايك

من الصعب توقّف عدّاد مآسي الحرب التي يتعرّض لها قطاع غزة منذ 4 أشهر، لأن الأرقام تشهد كل يوم تصاعداً على صعيد الضحايا والجرحى والمشرّدين والمهجّرين والدمار وفقدان أدنى مقوّمات العيش هناك. فالقطاع يتعرّض لـ “هولوكوست” أو ما يسمّى “حرب إبادة”، بصرف النظر عن المسبّب أكانت حركة “حماس” بعمليتها العسكرية التي أطلق عليها إسم “طوفان الأقصى” أو اسرائيل التي لا تميّز في عملياتها العسكرية بين مسلّحين ومدنيين أبرياء!

ولا شك في أن الأرقام عن الكوارث التي ألمّت بغزة تصيب القارئ بالذهول، ويلفت مسؤول رفيع في وكالة الأمم المتحدة لاغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى “أونروا” الى أن عدد الضحايا في غزة بلغ حتى اليوم أكثر من 23 ألف ضحية، أي أن 200 شخص كانوا يُقتلون كل يوم خلال هذه الحرب، ولا يميّز هذا الرقم بين المقاتلين والمدنيين، لكن ما يقدّر بنحو 70% منهم من النساء (6200 امرأة) والأطفال (8000 طفل)، بالاضافة إلى 59,000 جريح. ويؤكد المسؤول في “الأونروا” أن آخر التقارير تشير إلى أن هناك 8000 شخص في عداد المفقودين، ومن المرجح أن يكون معظمهم قد لقي حتفه.

أما النازحون فيقدّر عددهم بـ 1.9 مليون شخص، وهؤلاء نزحوا داخلياً أي داخل قطاع غزة، وهذا يعني 85% من السكان.

ويُحدد المسؤول أن حوالي 1.4 مليون شخص لجأوا إلى مرافق “الأونروا”، ويقيم معظم الباقين مع الأصدقاء أو العائلة أو الغرباء، أو ينامون في العراء. ويعيش الآن حوالي مليون شخص – نصف سكان غزة – في منطقة رفح الحدودية الجنوبية وما حولها. وكان يعيش هناك حوالي 280 ألف شخص قبل بدء الحرب. وتشير تقديرات إلى عدم السماح إلا لنحو 1100 شخص بمغادرة غزة عبر معبر رفح إلى مصر.

أما الأضرار المادية والدمار، فطالت حوالي 65,000 وحدة سكنية وتضرر 290 ألف منزل، وهذا يعني أن حوالي نصف مليون شخص ليس لديهم منزل يعودون إليه.

واستناداً إلى تحليل بيانات الأقمار الصناعية، يعتبر المسؤول الرفيع في “الأونروا” أن حوالي ثلثي جميع المباني في شمال غزة قد دمرت، وحوالي ربعها في منطقة جنوب خان يونس. وعلى صعيد كامل القطاع، دمر حوالي 33٪ من المباني. ويستطرد أن معدل الدمار كان أسوأ من تدمير حلب في سوريا أو القصف الروسي على ماريوبول. من جهة أخرى، زوّدت منظمة الصحة العالمية وكالة الاغاثة بتقرير يشير إلى أن 25 من أصل 36 مستشفى أصبحت غير صالحة للعمل تماماً، مع انخفاض الأسرّة من 3500 إلى 1200 وسط احتياجات متزايدة بصورة كبيرة. وما زاد الطين بلّة أن عدد القتلى من الطواقم الطبية تجاوز الـ300 ضحية.

كما تعرّض نظام التعليم في غزة أيضاً لأضرار بالغة: فقد دُمّرت 104 مدارس أو تعرضت لأضرار جسيمة. في المجمل، تضرر حوالي 70% من المباني المدرسية، والمباني التي لا تزال قائمة تُستخدم إلى حد كبير لإيواء النازحين داخلياً.

والأكثر رعباً وفظاعة أن ليس هناك سوى حمام واحد لكل 4500 شخص ومرحاض واحد لكل 220 شخصاً. ويؤكد المسؤول أن هذه الظروف تجعل انتشار المرض مشكلة ملحة للغاية: على سبيل المثال، أبلغت منظمة الصحة العالمية في 21 كانون الأول الفائت، عن أكثر من 100 ألف حالة إسهال منذ منتصف تشرين الأول، نصفها بين الأطفال دون سن الخامسة. وتتوقّع منظمة الصحة العالمية أن يتجاوز عدد الوفيات الناجمة عن الأمراض في نهاية المطاف أولئك الذين قتلوا مباشرة بسبب الأعمال العسكرية.

من جهة أخرى، قُتل 142 من العاملين في “الأونروا”، بينما تضرر 128 من مباني المنظمة. ويشير تقرير لبرنامج الأغذية العالمي الى أن حوالي واحدة من كل أربع أسر معرضة بالفعل لخطر المجاعة، ويواجه جميع السكان نقصاً في الغذاء قد يؤدي إلى سوء التغذية، بالاضافة الى انقطاع المياه والكهرباء والأضرار البيئية الهائلة من تلوث ماء وهواء وتربة وتغذية.

ويكشف المسؤول الرفيع أن لا حلول سياسية في الأفق وفق تقديرات الأمم المتحدة، ولا وقف لاطلاق النار جدياً، وإن كان من المتوقع التوقّف لهدنة على الأقل لتبادل الأسرى خلال هذه السنة، لكن لا شيء سوف يعلو فوق صوت المدفع. فالحرب مستمرة في سنة 2024، ما يعني أن الخسائر على كل الصعد قد تتضاعف مرتين وثلاثة وأكثر!

شارك المقال