هوكشتاين يحمل تهديداً لا ترسيماً

زياد سامي عيتاني

خلافاً للتوقعات والتحليلات المتعلقة بزيارة كبير مستشاري البيت الأبيض آموس هوكشتاين إلى بيروت، وأنها تحمل “مبادرة” أو على الأقل أفكاراً عامة بشأن دفع المناقشات حول كيفية التوصل إلى تفاهمات من شأنها استعادة الهدوء على طول الحدود اللبنانية مع العدو الاسرائيلي، فإن المبعوث الأميركي نقل ما يمكن وصفه بالتهديدات الاسرائيلية، سمعها من رئيس حكومة تل أبيب بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي، بأن “ليس هناك سوى مدة زمنية قصيرة مقبلة لإيجاد حل ديبلوماسي يمنع نشوب حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله”.

وتزامنت زيارة هوكشتاين مع تصاعد التوتر على طول الحدود الاسرائيلية – اللبنانية بصورة كبيرة، بعد أن أدت غارة إسرائيلية إلى مقتل القائد الميداني وسام الطويل، الذي كان يقود “كتيبة الرضوان” التابعة لـ “حزب الله”. ومنذ ذلك الحين يستمر التوتر بوتيرة متصاعدة بين الجانب الاسرائيلي والحزب، الذي هاجم مقر القيادة الشمالية للجيش الاسرائيلي بطائرات من دون طيار، وفي المقابل شنت إسرائيل العديد من العمليات العدائية تجاه لبنان.

وكان المبعوث الأميركي أكد لنتنياهو نيته بدء مفاوضات غير مباشرة بشأن الحدود البرية مع لبنان، كما شدد على ضرورة “تخفيف حدة العمليات العسكرية” في غزة، وذلك على غرار المفاوضات التي أدت إلى الاتفاق على الحدود البحرية العام الماضي. وأكد مسؤولون إسرائيليون أن “إسرائيل لا تمانع إجراء مفاوضات بشأن الحدود البرية مع لبنان”. وكشف المسؤولون أن هوكشتاين أكد خلال محادثاته في تل أبيب أن الجيش الاسرائيلي بمجرد انتقاله “بشكل كامل إلى عمليات منخفضة الشدة في غزة”، فإن ذلك سيساعد على تهدئة الوضع في لبنان. واقترح أيضاً أن تصدر إسرائيل بياناً عاماً تعلن فيه المرحلة الانتقالية.

وعليه، ركزت مباحثات هوكشتاين مع المسؤولين اللبنانيين على سبل تحقيق تسوية ديبلوماسية تنهي التصعيد على الجبهة الجنوبية، في ظل تحذيرات إسرائيل من أن الوقت ينفد لإيجاد حل ديبلوماسي يمنع نشوب حرب واسعة مع “حزب الله”. ووفق موقع “أكسيوس” الأميركي، تريد إسرائيل أن يتم دفع عناصر “حزب الله” إلى مسافة ستة أميال تقريباً من الحدود كجزء من صفقة ديبلوماسية، وهذه إحدى الرسائل التي حملها كبير مستشاري البيت الأبيض إلى بيروت. وتأتي هذه التهديدات في وقت تتردد فيه معلومات مفادها وجود توجه غربي جديد الى إقامة منطقة منزوعة السلاح، تطال جنوب نهر الليطاني، بحيث تتولى قوات “اليونيفيل” وحدها مسؤولية هذه المنطقة، إضافة إلى إنتشار هذه القوات على “الخط الأزرق” وإبعاد “حزب الله” عن الحدود. وتفيد المعلومات نفسها، وجود رغبة أميركية – فرنسية مشتركة في دفع لبنان نحو توقيع إتفاق ترسيم بري مع إسرائيل، بحيث تبقى المسارات العاملة على خط الوصول إلى اتفاق في هذا الشأن موزعة بين باريس وواشنطن.

من هنا، يتضح أن زيارة الموفد الرئاسي الى بيروت ربطت بين حتمية صدور موقف رسمي لبناني بالاستعداد لبدء مفاوضات بشأن ترسيم الحدود البرية، مقابل تعهد إسرائيلي بتبريد جبهة الجنوب، وأن الادارة الأميركية ماضية في ممارسة المزيد من الضغوط المتنوعة، تثبيتاً لما تسعى إليه. إلا أن المؤكد أن موضوع الترسيم غير وارد بالنسبة الى “حزب الله”، لا سيما أن الأخير وضع محددات أساسية تتعلق بالتصعيد وربط ذلك بإنهاء الحرب في غزة.

شارك المقال