حرب غزة وعقم الديبلوماسية

حسناء بو حرفوش

بعد مرور أكثر من مائة يوم على حرب غزة، عبّر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو عن عدم نيته الاستماع الى أي توجيهات من أي دولة، بما في ذلك أقرب حلفائه وهذا ما يدفعنا الى الاعتقاد بأن الوضع ربما قد يشهد تصعيداً باتجاه الأسوأ.

ووفقاً لقراءة فرنسية في موقع WorldCrunch.com، “تبنى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لهجة تحد الأحد متوعداً بأن أحداً لن يوقف إسرائيل، لا لاهاي (في إشارة إلى محكمة العدل الدولية)، ولا محور المقاومة وبالتحديد إيران. وكان بإمكان نتنياهو أن يضيف: ولا الولايات المتحدة… بحيث أنه يقاوم بوضوح ضغوط صديقه وحليفه، الرئيس الأميركي جو بايدن.

وهذا ما يترجمه استمرار الحرب بلا هوادة في غزة على الرغم من الضغوط المتكررة من الأميركيين، في ظل الكارثة الانسانية الحقيقية التي تهدد نحو مليوني فلسطيني: 23 ألف قتيل، بما في ذلك آلاف الأطفال، و85% من النازحين، وبداية المجاعة ومساعدات إنسانية غير كافية. وقال المفوض العام الأونروا فيليب لازاريني، في هذا السياق إن هذه الحرب تلطخ إنسانيتنا المشتركة. وفي كل الأحوال، يطرح السؤال: هل حققت إسرائيل أهدافها؟

يتوقف ذلك على كيفية تحديد تلك الأهداف. لقد دمر الجيش الاسرائيلي البنية التحتية لحماس في شمال غزة، على الرغم من صعوبة التعامل مع الجنوب المزدحم. لكن قادة حماس ما زالوا هدفاً للمطاردة، ولا سيما زعيم الحركة يحيى السنوار، المتهم بأنه العقل المدبر لهجوم 7 أكتوبر. وقُتل قيادي مهم في الحركة الاسلامية الفلسطينية في إطلاق نار مستهدف في بيروت. إلا أن ما تخسره حماس عسكرياً قد تكسبه سياسياً بين الفلسطينيين، وخصوصاً في الضفة الغربية.

وتعد إسرائيل بأشهر أخرى من الحرب، لكن هل سيكون هناك ما يكفي من الوقت؟ ظل الأميركيون يناشدون منذ أسابيع تغيير الاستراتيجية الاسرائيلية لتحييد المدنيين. ومع ذلك، فقد اكتشفوا مدى ضآلة تأثيرهم على الائتلاف الاسرائيلي الذي يعتبر يمينياً متطرفاً بصورة ملحوظة.

ولكن حتى متى؟ إن استمرار الحرب في غزة يعني استمرار التصعيد الاقليمي، على الرغم من الجهود الأميركية لاحتوائه. وعلى الجبهة الشمالية مع حزب الله، والأهم من ذلك كله في البحر الأحمر مع الحوثيين في اليمن، يتوسع نطاق الصراع يوماً بعد يوم.

فهل يمكن تجنب الصراع واسع النطاق؟ يبقى هذا هو هدف الولايات المتحدة، حتى لو كان قصف منشآت الحوثيين في اليمن خلال الأيام الثلاثة الماضية لا يبشر بكثير من الانفراج. وتجدر الاشارة إلى أن فرنسا، على عكس المملكة المتحدة، لم تشارك في هذه العمليات، مفضلة الموقف الدفاعي.

لا شك في أن تصرفات الحوثيين في البحر الأحمر قد عطلت حركة الملاحة البحرية، وحولت مسار ألفي سفينة شحن عبر رأس الرجاء الصالح. ومع ذلك، لم يقم الأميركيون، في دخولهم هذه الحرب، إلا بتعزيز صورتهم كحماة لاسرائيل. وبينما يزعمون أنهم يطالبون بحماية المدنيين في غزة، يبقون في الحقيقة عالقين في تناقض خطير فاقمته إيران وحلفاؤها. فكيف يمكن لواشنطن الخروج من هذا الموقف؟ يجب أن تكون الأولوية لوقف الحرب في غزة، وتحرير الرهائن، وإنقاذ المدنيين الفلسطينيين من العقاب الجماعي. لكن العالم عاجز عن فرض ذلك، وهو مجزأ إلى الحد الذي لا يسمح له بالمطالبة به بصورة جماعية. ختاماً ومع الأسلف، في اليوم الـ101 للحرب في غزة، يبدو أن لا نهاية تلوح في الأفق”.

شارك المقال