الرئيس المقبل لن يحكم كل عهده

محمد شمس الدين

لطالما تمنى الساعون الى رئاسة الجمهورية منذ تأسيس الكيان اللبناني أن يذكر التاريخ عهدهم، حتى بعد التغيير في صلاحيات الرئاسة عقب اتفاق الطائف، بحيث سعى كل رئيس الى أن يقدم فريق عمله للحكم في فترة ولايته الرئاسية، ولكن بسبب الفراغ الرئاسي اليوم، وحلول الحكومة مكان الرئاسة الأولى، لن يتمكن الرئيس المقبل فعلياً من الحكم، على الأقل لفترة زمنية ليست قليلة من ولايته.

فيما يحكم الفراغ رئاسة الجمهورية وعلى الرغم من أن التعطيل المتعمد يشل عمل الحكومة، استطاعت الأخيرة تمرير موازنة عام 2024 وارسالها إلى المجلس النيابي، لتدرسها اللجان المختصة، وفعلاً أعلن رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان أول من أمس انتهاء اللجنة من درسها، وإقرار التعديلات على المواد المعلقة فيها، ومن المتوقع أن يقدم كنعان تقريره في اليومين المقبلين، وعلم “لبنان الكبير” أن رئيس مجلس النواب نبيه بري سيدعو إلى جلسة لمناقشة الموازنة في الهيئة العامة، توقعت مصادر المجلس أن تكون الأسبوع المقبل.

وأشارت المصادر إلى أن من المتوقع أن تحضر كل الكتل النيابية، حتى تلك التي ترفض التشريع في ظل الفراغ الرئاسي، بحيث تعتبر أن ملف الموازنة أساسي ويجب حضور الجلسة، وذلك كي لا يبقى الصرف بطريقة عشوائية، لا سيما أن النصاب للجلسة مؤمن في كل الأحوال.

وعلم “لبنان الكبير” أن جلسة الموازنة ستشهد نقاشاً اقتصادياً ومالياً كبيراً، اذ ان لكل الكتل وجهات نظر تريد طرحها، ومن المتوقع أن تكون لعدد من المستقلين طروح ستأخذ وقتاً لمناقشتها، وبالتالي الجلسة ستكون على عدة أيام للانتهاء منها.

في العادة، عندما ينتهي مجلس النواب من مناقشة الموازنة يحولها إلى الحكومة، وتقرها وتكون الكلمة الأخيرة فيها لرئيس الجمهورية، وفي حال الفراغ الذي يسيطر على الرئاسة، ستكون الكلمة الأخيرة للحكومة، كما تحصل الفتاوى منذ بدء الفراغ لتسيير شؤون البلد.

بالاضافة إلى الموازنة تستمر الاتصالات لتعيين رئيس للأركان، ويبدو أن التسوية اقتربت من التنفيذ، وسيتم التعيين في الحكومة، وعلم “لبنان الكبير” أن العشاء في كليمنصو الذي جمع كلاً من رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” السابق وليد جنبلاط ورئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية أول من أمس، تطرق إلى هذا الأمر، ويرجح مطلعون أن رادارات جنبلاط التقطت ارتفاع حظوظ فرنجية الرئاسية، ما دفعه إلى إعادة توطيد العلاقة معه، حتى لو لم ينتخبه، كون العلاقة بين المختارة وزغرتا لم تنقطع حتى في أحلك الظروف.

أي رئيس سينتخب قريباً لن يكون باستطاعته القول “هذا عهدي”، فلا هو وافق على الموازنة، ولا عيّن المجلس العسكري في الجيش، وليس متوقعاً أن يتم الاتفاق على اسم لحاكمية مصرف لبنان بسرعة بعد انتخاب رئيس، لا سيما أن الحاكم بالانابة وسيم منصوري يقوم بعمل جيد، وأصبح مقبولاً لدى الجميع تقريباً، ومركز الحاكمية لديه ارتباطات إقليمية ودولية يجب الأخذ بها قبل اختياره، والأمر بالتأكيد سيشكل تحدياً بعد الانتخابات الرئاسية.

كل هذا يعني أن الرئيس المقبل سيواجه تحديات جمة لن يستطيع تخطيها بسهولة، ولو كان رئيس تكنوقراط من الدرجة الأولى، ولن يستطيع أن يتبنى الانجازات ولا يلام على الاخفاقات على الأقل لنصف فترة ولايته، وكلما طال الفراغ أكثر قلت نسبة حكم الرئيس الفعلية في ولايته.

شارك المقال