الهجمات الايرانية على أربيل: تحديات وفرص

حسناء بو حرفوش

ما الذي يمكن توقعه بعد هجوم الحرس الثوري الايراني على أربيل؟ وفقاً لخبراء في موقع المجلس الأطلسي (Atlantic council)، يمثل هذا الهجوم مجموعة من التحديات والفرص على حد سواء للولايات المتحدة الأميركية.

ويشكل هذا التصعيد وفقاً للتحليل، “تحدياً كبيراً وربما فرصة للولايات المتحدة لتقويض النفوذ الاقليمي الايراني وتعزيز علاقاتها مع العراق. ففي حين أن المنشآت الأميركية لم تكن هدفاً على الأرجح، يرجح أن تزيد هذه الهجمات المخاوف الشعبية من توسع رقعة الصراع نتيجة للتوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة وإيران. ومن شأن هذه المخاوف أن تحفز المساعي لوضع حد للوجود الأميركي في العراق بالكامل. ويتجلى هذا القلق بأشكال أخرى من شأنها أن تفرض ضغوطاً على العلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة والعراق.

ووضعت الديناميكية الحالية الولايات المتحدة في مأزق، بحيث تواجه إما خيار تحمل الهجمات أو المخاطرة بالإجبار على الانسحاب. ولا يعتبر أي من الخيارين الأمثل بطبيعة الحال. ومع ذلك، قد تمثل الضربات الايرانية ضد أهداف إسرائيلية مفترضة في كردستان فرصة، وفقاً للمحلل. وبغض النظر عن مزاعم طهران بشأن الوجود الاسرائيلي في كردستان، لا يمكن التغاضي عن حقيقة أن الصواريخ أصابت مناطق مدنية إلى حد كبير، وتسببت في أضرار جانبية كبيرة. وكشفت الهجمات عن ثغرات في قدرة بغداد على الدفاع عن سيادتها ضد أي هجوم خارجي، ما يجعلها أكثر عرضة للضغوط الايرانية.

وبالتالي، تشير التحديات والفرص إلى التدابير قصيرة المدى التي يمكن أن تحسن العلاقات الأميركية – العراقية وتغير الديناميكية المختلة الحالية. ومن أجل حل مسألة الضغوط المتعلقة بانسحاب القوات الأميركية، يمكن للولايات المتحدة عرض زيادة الدعم لقوات الدفاع الجوي العراقية لمواجهة الهجمات الصاروخية والمسيرات، والتي تزايدت منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. ومن شأن ذلك أن يقلل من فاعلية الهجمات المدعومة من إيران ويخفف الحاجة الى تدابير أكثر نشاطاً. ومن جانبها، ينبغي على بغداد أن تغتنم هذه الفرصة لزيادة الضغط على الميليشيات لوقف الهجمات المزعزعة للاستقرار. مع الاشارة إلى أن الحكومة العراقية لم تحقق في الماضي، نجاحاً كبيراً في السيطرة على الميليشيات. ومع ذلك، مع قيام إيران الآن بمهاجمة الأراضي العراقية بصورة مباشرة، قد يكون لدى هذه الميليشيات بعض الحوافز للنأي بنفسها عن إيران.

استمرار الحرب في الظل

وبعد أن قام الحرس الثوري الايراني بإطلاق عمليته الأكثر شمولاً حتى الآن، عاش أسبوعاً حافلاً، بحيث استهدف سوريا والعراق وباكستان. وبحسب قائد القوة الجوية للحرس الثوري الايراني، استهدفت العمليات قاعدة تجسس تابعة للموساد في أربيل مستخدمة للتخطيط للإرهاب في المنطقة، وتحديداً ضد إيران، ومعاقل داعش في سوريا. بالاضافة إلى ذلك، أفيد الثلاثاء، عن ضربات استهدفت مقر جيش العدل في بلوشستان الباكستانية.

هذه الاجراءات تسمح لطهران بادعاء تحقيق إنجازات رداً على سبيل المثال على اغتيال القيادي في الحرس الثوري رضي موسوي مؤخراً، والتصدي للهجمات التي زعم تنظيم داعش مسؤوليته عنها في كرمان ويعزو بعض المسؤولين الايرانيين الهجوم الأول إلى إسرائيل. كما قد تجد طهران في ذلك فرصة لتوجيه رسالة إلى المنطقة الكردية في العراق، المتهمة بإيواء المخربين المناهضين لإيران.

علاوة على ذلك، ومن خلال تجنب استهداف الأميركيين والبنية التحتية الأميركية، تستطيع طهران استعراض قدراتها الصاروخية والمسيرات من دون تصعيد التوترات الاقليمية. وأكدت أدريان واتسون، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، أنه لم يتم استهداف أي أفراد أو منشآت أميركية. من وجهة نظر طهران، تعد هذه الهجمات بمثابة إشارة استعداد لكل من الجماهير المحلية والدولية، ما يشير إلى أن إيران تمتلك الوسائل والارادة للرد على التهديدات ضد الايرانيين والبلاد، من دون المخاطرة بصورة كبيرة بصراع إقليمي أوسع يشمل الولايات المتحدة.

ولن تكون هذه الاجراءات الأخيرة من جانب الايرانيين، لأنها تتماشى مع استراتيجية طهران المتمثلة في الاستمرار بضرب الأعداء المتصورين.

ومع ذلك، يخلص المقال إلى أن من الحكمة أن تنتبه الولايات المتحدة والحلفاء الغربيون إلى هذه التفاصيل الدقيقة، مع الاعتراف بحاجة إيران الى استعراض القوة في حين تعرب في الوقت نفسه عن إحجام واضح عن التصعيد إلى حرب مع الغرب. وينبغي للمحللين الذين يدعون إلى رد أكثر قوة على إيران أن يلتفتوا إلى هذه الاعتبارات”.

وكان الحرس الثوري الايراني قد قصف فجر الثلاثاء ما سماها بـ”مراكز تجسس وتجمعات لجماعات إرهابية مناهضة لإيران” في العراق وسوريا. وكشف قائد قوات الجوفضائية في الحرس الثوري العميد أمير علي حاجي زاده عن إطلاق 15 صاروخاً باليستياً دقيقاً في المرحلة الأولى من العملية.

شارك المقال