انتهاء مهلة المفاوضات في شباط… واسرائيل بدأت العدّ العكسي!

جورج حايك
جورج حايك

حذّر قادة اسرائيل مرات عدة من أن مهلة المساعي الديبلوماسية والمفاوضات من أجل تطبيق القرار 1701 سلمياً لن تكون مفتوحة، ويبدو أن الوقت بدأ ينفد، واسرائيل تستعد لتوسيع الحرب بإتجاه لبنان لإرغام “حزب الله” على الانسحاب من جنوب الليطاني.

هذا ما يعبّر عن مخاوف الادارة الأميركية وفرنسا اللتين تسعيان بقوة الى تجنّب توسّع الحرب، وعدم اعتماد الخيار العسكري “الخشن”، إلا أن المعطيات تشير إلى أن رسائل اسرائيل للأميركيين تؤكّد أن الأيام باتت معدودة لبدء حملة عسكرية كبيرة ضد “الحزب”. لذا، ستشهد الأيام المقبلة وحتى أواخر كانون الثاني جهداً ديبلوماسياً مكثّفاً لإبعاد الكأس المرّة عن لبنان، علماً أن “الحزب” لم يُقفل الباب أمام أي تسوية حدودية إلا أنه ربطها بوقف الحرب على غزة. هذا “المنطق” لا يلاقي قبولاً من حكومة الحرب الاسرائيلية، ما يعني أن “الحزب” يلعب على حافة الهاوية، وخصوصاً أن الاشتباكات الميدانية التي تتصاعد وتيرتها جنوباً لا تدعو إلى الاطمئنان.

يعرف الديبلوماسيون أن التهديدات الاسرائيلية جديّة، وهذا ما حاول الموفد الأميركي آموس هوكشتاين إبلاغه إلى المسؤولين اللبنانيين الرسميين، بل حاول إفهامهم أن الكلام بعد نهاية شهر كانون الثاني أي مطلع شباط سيصبح للعمليات العسكرية مع تراجع اللغة الديبلوماسية.

واللافت أن المساعي الديبلوماسية الناشطة حتى اليوم، تركّزت على المطالب الاسرائيلية التي ركّزت على ثلاث نقاط: أولاً تراجع “الحزب” إلى شمال نهر الليطاني، ثانياً انتشار الجيش اللبناني و”اليونيفيل” في المنطقة الحدودية الجنوبية على نحو فاعل، ثالثاً إنشاء منطقة عازلة حتى يعود سكّان شمال اسرائيل إلى بيوتهم مطمئنين.

يصطدم الأميركيون في مفاوضاتهم غير المباشرة مع “الحزب” بمسألة التوقيت، إذ يصرّ على أنه قابل للنقاش في أي تسوية بعد وقف اطلاق النار الدائم في غزة، وقد فهم الأميركيون أنه لا يريد حرباً شاملة مع اسرائيل، وهذا انعكاس لإرادة إيرانية بعدم المجازفة بوضعية “الحزب” في لبنان.

وتلفت مصادر ديبلوماسية لبنانية إلى أن “الحزب” لن يقبل بأي تسوية من دون ثمن في المقابل، على الأقل إرضاء لبيئته المُنهكة، وقد يكون هذا الثمن ترسيم الحدود البرية مع اسرائيل وتحرير بعض المناطق المحتلة، مثل الجزء الشمالي من قرية الغجر. ومن شأن تطبيق القرار 1701 أيضاً أن يجبر إسرائيل على التوقف عن استخدام المجال الجوي اللبناني لشن هجمات على أهداف في سوريا.

وعلى الرغم من أن التصعيد الميداني مستمر في الجنوب، ورفض “الحزب” تطبيق القرار الدولي قبل وقف الحرب في غزة، تعتبر المصادر الديبلوماسية أن الاتصالات بين هوكشتاين وبعض المسؤولين اللبنانيين الرسميين لم تتوقف، وشروط “الحزب” العالية، لا تُجبر أركان الدولة اللبنانية على وقف المفاوضات مع الأميركيين، إلا أن الجانب اللبناني يشترط أيضاً وجوب أن يتضمن أي إتفاق مع اسرائيل سلّة متكاملة، يُوافق عليها “الحزب”. وتضيف المصادر: “لكن أي اتفاق سيحتاج إلى توقيع رئيس الجمهورية اللبناني وبالتالي هذا ما يزيد في تعقيد القضية”.

وليس سراً أن الاسرائيليين يعتقدون أنهم يخوضون مواجهة مفتوحة مع طموحات إيران في المنطقة، لذلك يعتبرون أن المواجهة مع “الحزب” المدعوم إيرانياً حتميّة، ولا ينكر الأميركيون ذلك، بل يضعونه في الخانة الاستراتيجية، ووجود حاملات الطائرات الأميركية في البحر الأحمر له دوره في هذا الصراع.

ولن يستطيع الرئيس الأميركي جو بايدن الذي لا يحبّذ الخيارات الديبلوماسية لحل ألأزمة، أن يمنع اسرائيل لفترة طويلة من اللجوء إلى الخيار العسكري، لأن مسألة نزوح سكّان شمال اسرائيل تضغط بقوة، على الرغم من أن الحرب قد تدفع كل الأذرع العسكرية الايرانية في المنطقة الى أن تهب لمساعدة “الحزب”.

ويوافق الخبير العسكري والاستراتيجي العميد خالد حمادة على أن هناك مهلة زمنية للمفاوضات الديبلوماسية لتطبيق القرار 1701، وهذه ترتبط بمعركة الانتخابات الأميركية التي ستبدأ في مطلع آذار، والأميركيون لا يمكنهم أن يتعايشوا مع كل هذه المشكلات خلال سنة الانتخابات، لذا من المتوقع أن يكون هناك سقف زمني للأزمة في غزة وجنوب لبنان وذلك قبل شهر آذار.

لا يولي حمادة أهمية لأي قرار تأخذه اسرائيل أو “حزب الله” بل الأمر يتعلق بواشنطن وطهران، ويرى أن التصعيد سيأخذ منحى دراماتيكياً على الجبهة الجنوبية بعد فترة، ونموذج الاغتيالات الذي تعتمده اسرائيل سيصبح أكثر كثافة، إلا أنه لن يكون هناك أي اجتياح بري، بل ضربات نوعية في العمق، بمعنى استهداف البنية التحتية العسكرية لـ”الحزب” أو أهداف ثمينة.

من جهة أخرى، يوضح حمادة أن لا شيء مستبعد أن تتلقّف إيران الرسالة وتذهب إلى نوع من الاتفاقات لها طابع الاستدامة، وحتماً لا أقصد تراجع “الحزب” خمسة كيلومترات أو ما شابه، فهذا لا معنى له. فالولايات المتحدة تريد أن ترسم شروط الاستقرار حول اسرائيل، وليس حلولاً جزئية. ومن المتوقع أن لا تُجازف إيران بمكتسبات “الحزب” في لبنان، وما يجري في المنطقة يؤكّد أن الأميركيين لا يريدون تجديد الدور الذي كان مُسنداً الى ايران.

ويختم حمادة أن توسّع اسرائيل في الحرب، سيعجّل الحل الديبلوماسي، بمعنى أنه لن يأتي على البارد، وهذا ما هو مُتوقّع.

شارك المقال