عون يناور مع عويدات ليهرب من رفع الحصانات

رواند بو ضرغم

أبلغ رئيس الجمهورية ميشال عون المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات استعداده المطلق للإدلاء بإفادته في قضية انفجار المرفأ إذا رغب المحقّق العدلي بالاستماع اليه، مؤكداً أن “لا أحد فوق العدالة مهما علا شأنه، والعدالة تتحقّق لدى القضاء المختص الذي تتوافر في ظلّه الضمانات”.

في الظاهر يتخيل للبعض أن رئيس البلاد ورمز وحدة الوطن يترفع عن امتيازاته الدستورية ويضع نفسه في خدمة القضاء لتحقيق العدل وكشف الحقيقة في جريمة انفجار مرفأ بيروت… ولكن في المضمون، فسيبقى الأمر شكلياً ولن يستطيع المحقق العدلي الادعاء على رئيس الجمهورية ولا توقيفه في حال ثبوت أنه أخل بواجباته الوظيفية ولم يقم بالإجراءات للحؤول دون انفجار المرفأ.
فرئيس الجمهورية ميشال عون أطل على الإعلام بعد انفجار المرفأ وأقر أنه استلم تقرير أمن الدولة بوجود نيترات الأمونيوم في العشرين من تموز، وحوله إلى مستشاره المختص بالأعمال العسكرية الذي أبلغ بدوره المعنيين لإجراء اللازم، وقال الرئيس عون أن لا صلاحية مباشرة له في المرفأ ولا سلطة إجرائية له… ولكن هل منع رئيس الجمهورية حصول الانفجار بتحويله ملف النيترات إلى المستشارين؟! ألم يكن الأجدى به دعوة المجلس الأعلى للدفاع إلى الانعقاد الطارئ لاتخاذ القرار بوجود النيترات وإزالتها فوراً من منطقة حيوية مأهولة؟! فهل من سلطة إجرائية أعظم من هذه السلطة التي يتمتع بها رئيس البلاد؟

ولكن بالعودة إلى استعداد رئيس الجمهورية للمثول أمام القضاء العدلي لإعطاء إفادته، فتقول مصادر مقربة إلى الرئيس عون لموقع “لبنان الكبير” أن رئيس الجمهورية وهو أعلى سلطة دستورية الذي يستفيد من اللامسؤولية الجزائية والحصانة وفقاً للمادة 60 من الدستور، يعرب عن استعداده للمثول أمام القضاء إن ارتأى المحقق العدلي الاستماع إلى إفادته، فلماذا لا يمتثل النواب الوزراء المدعى عليهم أمام القاضي بيطار؟ فماذا يحصل إذا ائتمنوا القضاء الذي يشكل ضمانة للقضاة والمتقاضين معاً على ما تقول المادة 20 من الدستور؟ فإن جريمة انفجار المرفأ أُحيلت إلى المجلس العدلي المؤلف من كبار القضاة، فليضعوا أنفسهم بتصرف القضاة ولتنتهي كل هذه السجالات والحملات المغرضة من تعديل دستور وتعليق مواده وكلام لا مرتكز قانونياً له ولا دستورياً..

النائب علي حسن خليل، الوزير السابق المدعى عليه في قضية انفجار المرفأ اعتبر أنه “إنسجاماً مع ما اعلنه فخامة رئيس الجمهورية، نؤكد كما قلنا منذ اليوم الأول استعدادنا للمثول أمام المحقق العدلي في جريمة المرفأ للاستماع إلينا والخضوع للتحقيق أمام القضاء المختص وبالتالي لم يعد مبرراً عدم القبول برفع الحصانات عن الجميع من دون استثناء”. وهنا بيت القصيد، إذا كان رئيس الجمهورية يطمح إلى الحقيقة الكاملة من غير استنسابية أو تمييز، ويعتبر أنه قام بالإجراءات التي كان يجب أن يقوم بها بعد علمه بوجود النيترات، فلماذا لا يمضي بإسقاط الحصانة عن الجميع بدءاً منه وصولاً إلى آخر موظف تسهيلاً لسير العدالة؟

إقرأ أيضاً: إنفجار المرفأ… البحث عن عدالة دولية

وفق المصدر المقرب إلى رئيس الجمهورية فإن للمحقق العدلي الحق يحفظه له الدستور في الاستماع إلى رئيس الجمهورية، إلا أن سلطة الاتهام والادعاء والمحاكمة فمن اختصاص مجلس النواب، لأن لدى رئيس الدولة حصانة وليس عليه مسؤولية جزائية بل فقط سياسية. ففي الجرم الجزائي، يقول المصدر المقرب إلى عون للبنان الكبير، إن مجلس النواب هو من يحاكم رئيس الجمهورية، إلا أن الرئيس عون تخطى امتيازاته الدستورية وطلب الاستماع اليه في قضية المرفأ، وليكتب القاضي بيطار تقريره، في حال ثبوت مسؤوليته، وليتهم رئيس الجمهورية بالإخلال الوظيفي مثلاً أو القصد الاحتمالي بالقتل، وعلى مجلس النواب أن يقرر، بعد تشكيل لجنة برلمانية والتحقيق معه ومحاكمته أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء…

كلام المقربين من رئاسة الجمهورية هذا، يصب في صالح الوزراء المدعى عليهم، حيث في طياته إقرار ضمني بأن المرجعية هي مجلس النواب، الذي من شأنه محاكمة الوزراء المدعى عليهم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وذلك بعد اكتشاف مسؤولية المدعى عليهم..

شارك المقال