سنتان من عمر البلد… الحريري راجع

آية المصري
آية المصري

قرارٌ صائب اتخذه دولة الرئيس سعد الحريري، فهو مغامر يهوى لبنان، لكنه سئم من هذه الطبقة العاجزة عن تحمل مسؤولياتها تجاه اللبنانيين، سئم من تحميله مصائبها وكوارثها، سئم من افلاسها السياسي وجبروتها تجاه الشعب، وفسادها ومحاصصاتها التي تتراكم يوماً بعد يوم.

خلال العامين اللذين مرا منذ تعليق الرئيس الحريري عمله السياسي، لم تبقَ كارثة الا ووقعت على رأس هذا البلد من فساد مستشرٍ وبيع وشراء بمصالح الشعب، هيمنة على موقع الرئاسة الثالثة ومحاولات السطو عليها، شغور طال غالبية مؤسسات الدولة، الى طوابير الذل الذي عاشه الشعب اللبناني أمام المستشفيات، الصيدليات، الأفران ومحطات الوقود، في ضوء الانهيار غير المسبوق للعملة الوطنية والارتفاع الخيالي للدولار، باختصار انهيار ما بعده إنهيار، بحيث انعدمت الطبقة الوسطى وبات اللبنانيون يترحمون على أيام العز والـ1500 ليرة، فالأوضاع انعكست سلباً على جميع الفئات، فما بالك بحال السنة في ظل غياب مرجعيتهم وزعيمهم؟

“السنة باتوا يتامى” هذه العبارة رددها كثيرون على مدار عامين متواصلين، فلم تعد هناك مرجعية توّحدهم، تائهون لا يعلمون ما حلّ بهم، وهم يرون شخصيات تحاول خطف الأنظار وتنصيب نفسها زعمية على هذه الطائفة، وكل واحد بات يحسب نفسه الوصي عليها، ويحاول استقطاب أكبر شريحة ممكنة من خلال استغلال ظروفها المعيشية الصعبة، معتقداً أن بامكانه بالفريش دولار السيطرة على عقول اللبنانيين وقلوبهم.

ورأى البعض أن كثيرين حاولوا السيطرة على ارث الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ونصّبوا أنفسهم أولياء أمور السنة، وحاولوا تقليد خطابه المتزن والمحب للبنان وخوفه على عدم ابقاء مصلحته أولاً لكنهم فشلوا، فيما عزا البعض الآخر فشل خصوم الحريري الى الفئة المحبة لمدرسته التي رفضت أن يعبّر عن أفكارها ومبادئها دخلاء يعتقدون أن بامكانهم الامساك بزمام الامور، فلا الأموال ساعدتهم ولا الاعلانات والخدمات الفردية وغيرها نفعتهم.

أجل، السنة، والشيعة، والمسيحيون، والدروز، الجميع إفتقدوا سعد رفيق الحريري، والمطالبة بعودته لسان حالهم، فالخصوم قبل المحبين يطالبون بأن يعود عن قرار تعليق العمل السياسي، ويعترفون علناً أن غيابه شكل علامة فارقة من الصعب تخطيها.

سنتان ولبنان يعيش الفراغ والنكد السياسي وحرب البيانات التي لم تنتهِ بين الكتل والمحاولات المستمرة لضرب رئاسة الحكومة ورئيسها بالشخصي، فما من معيل ينقذ الشعب من هذا المأزق الذي تزداد صعوبته يوماً بعد يوم. سنتان وكل يوم نتأكد أن الحريري كان على حق في قراره كونه كان أكثر المضحين بكل ما يملك تجاه لبنان وخسر الكثير لخيره. سنتان والمبادرات الدولية تجاه لبنان خجولة جداً ولا تطبق بالصورة المطلوبة، لأن رجل المهمات الصعبة يعلق عمله السياسي، وفئة كبيرة تتمنى أن تكون عودته قريبة لأنها إشتاقت اليه.

شارك المقال