رفض لموازنة بلا قطع حساب… وخطابات “شعبوية” لتضييع الوقت

آية المصري
آية المصري

جلسة بدايتها صراخ ومشكلات وشعبوية بإمتياز، أجل، انها الجلسة التشريعية الأولى للعام 2024 التي عُقدت في مجلس النواب وافتتحها نواب الأمة بخلافات حادة وكلام لا يليق بأي مكان، فما بالك ان كان تحت قبة البرلمان؟

النصاب تأمن بصورة سريعة نتيجة حضور غالبية الكتل هذه الجلسة الضرورية كونها ستبحث في موازنة 2024 في الوقت المناسب وفي ظل الفراغ الرئاسي المسيطر على البلاد. هذه الجلسة مفتوحة على مدار يومين ومن المتوقع أن تمتد حتى يوم غد الجمعة نتيجة كثرة كلام النواب، وبدايتها طلب أكثر من أربعين نائباً الكلام، وبدأ كل منهم يسترسل ويأخذ حوالي نصف ساعة لشرح موقفه من الموازنة بالتفصيل، لكن اللافت كان الصراخ الذي هيمن على بداية الجلسة بعد صراع حاد قبل تحدث رئيس لجنة المال والموازنة ابراهيم كنعان، بحيث طلب النائب التغييري ملحم خلف الاذن بالكلام ورد الرئيس نبيه بري بأنه سيسمح له بالتحدث ولكن بالنظام، ليرفض خلف ويبدأ الصراخ بينه وبين نواب كتلة “التنمية والتحرير” وعلى رأسهم علي حسن خليل.

البعض اعتبرها موازنة كارثية من السيء إقرارها، والبعض الأخر رأى أنها جلسة تشغيلية لأمور البلاد وأوضاع الشعب خصوصاً وأنها أتت في ظل أزمات متواصلة مهيمنة على البلاد.

صحيح أن “القوات اللبنانية” حضرت الجلسة وستناقش بنودها بالتفصيل لكنها لن تصوّت عليها، وهذا ما أكدته مصادر تكتل “الجمهورية القوية” لموقع “لبنان الكبير”، مع العلم أن “التيار الوطني الحر” الذي تقدم بسابقة غير دستورية حضر الجلسة ويبدو أنه سيصوّت على بنودها.

ويبقى اللافت نقاط الخلاف حول عدة بنود جرىت اضافتها في اللحظة الأخيرة على هذه الموازنة والمتعلقة بالمواد 92, 93, 94 و95، وأول هذه الخلافات هو طرح الموازنة من دون قطع حساب، وهذا ما ترفضه كتل المعارضة وتعمل “القوات” على إسقاطها، وهذه المواد متعلقة بعدم وجود قطع حساب للموازنة. النقطة الأخرى متعلقة بتعويضات نهاية الخدمة للقطاع الخاص ما يضر المصانع والشركات، وهناك أيضاً المادة المتعلقة برسوم البلديات والتي لا يجب التدخل فيها”، بحسب ما أكدت المصادر عينها.

وتعقيباً على هذا الكلام، قال رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان عبر “لبنان الكبير”: “أنا من اكتشف قطع الحساب وما حدا يزايد عليي، وانا تحدثت في العام 2009 بقطع الحساب، كان الكل مصدقاً على الموازنات، من 1993 حتى العام 2009 على موازنات بلا قطع حساب، وانا من اكتشفها وأوقفها ودخلنا في صراع طويل لاعادة تكوين الحسابات المالية وتكوينها حتى العام 2017 وحولنا على ديوان المحاسبة تقريراً بـ27 مليار دولار من الأموال مش معروف وينها، وانا آخر من يُسئل عن موضوع الحسابات المالية لأنني من تابعها”.

صحيح أن أكثر من 40 نائباً طلب الكلام، لكن في الجلسة المسائية كانت الكلمة الأساس لرئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الذي أكد فيها أن “إقرار الموازنة هو من أساس العمل التشريعي والحكومة أقرت موازنة كارثية من دون رؤية وبرنامج إصلاحي وهي حكومة مستقيلة لا يحق لها أن تجتمع أصلاً”، مشيراً الى أن “لا خلاف على مبدأ إقرار الموازنة بالصيغة التي طرحتها لجنة المال والموازنة بل على شرعية الجهة التي أقرتها، وهناك فوضى دستورية تجعل حكومة تصريف الأعمال تستولي على صلاحيات رئيس الجمهورية”.

واعتبر باسيل أن “عدم وجود رئيس للجمهورية هو تغيير غير معلن للنظام وهدم لإتفاق الطائف وضرب الشراكة الوطنية وتهديد للدولة اللبنانية”، لافتاً الى أن “الفراغ الرئاسي هو شغور ميثاقي وليس شغوراً إدارياً كما يراه البعض والتسوية في المنطقة لن تغير موازين الداخل”.

وتوجه باسيل الى الرئيس بري قائلاً: “دولة الرئيس لماذا تعتبر نفسك مسؤولاً عن كل شيء؟ علماً أن ملائكتك موجودة في كل مكان”.

وما إن انتهى من مداخلته حتى غادر باسيل القاعة العامّة لمجلس النوّاب، وتابع النواب الباقون كلامهم ومنهم عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب غادة أيوب التي علقت على ما جاء على لسان باسيل بالقول: “وانقلب السحر على الساحر، من عطّل كثيراً جاءنا اليوم يشكو من التعطيل، وكنت أتمنى على من ساهم في ضرب الدستور ألّا يحدّثنا اليوم عن اقتراح قانون لتقديم موازنة باقتراح قانون، أكبر ضربة في تاريخ الجمهورية هي هذه الضربة للدستور اللبناني”.

وعاد زميلها في التكتل زياد حواط التحدث عن المخالفات التي تعتري هذه الموازنة.

وما يمكن إستنتاجه أن نوابنا يحبون الكلام ولا يعلمون أن “خير الكلام ما قل ودل”، فبدلاً من اضاعة الوقت على النظريات وتبرئة أنفسهم من المسؤولية فليبدأوا بالاقتراحات والنقاش الحقيقي حول بنود هذه الموازنة التي يتخللها الكثير من الضرائب الجديدة التي ستقع على رأس المواطن العاجز عن تخطي أزماته.

شارك المقال