هدنة محتملة؟

زاهر أبو حمدة

يحاول جيش الاحتلال السيطرة على خان يونس، بأسرع وقت ممكن، وذلك للضغط على المقاومة الفلسطينية أكثر ميدانياً لناحية قبولها بأي شيء يمكن أن يفرض عليها. فالسيطرة على خان يونس تعني أن الخطوة المقبلة ستكون رفح وخط فيلادلفيا الفاصل بين مصر وقطاع غزة. وبالتوازي مع المسار الميداني يسير مسار آخر هو المفاوضات المتعثرة. وهنا يتأثر المساران ببعضهما البعض لا سيما وأن المقاومة تشترط وقف إطلاق النار والانسحاب من القطاع وتقديم ضمانات لدخول المساعدات وإعادة الاعمار.

في المقابل، يمكن أن تكون شروط المقاومة معكوسة، أي القبول بهدنة يتم فيها تبادل الأسرى ومن ثم الانسحاب من القطاع مع هدنة طويلة تصل إلى أكثر من 10 أعوام. لكن المعضلة الأساسية بالنسبة الى الاحتلال هي بقاء “حماس” ومشاركتها في الحكم لاحقاً بصيغ مختلفة. ووسط الاستعصاء الميداني والسياسي، سيرسل الرئيس جو بايدن، مدير وكالة المخابرات المركزية للمساعدة في التوسط. ويمكن اعتبار الاجتماع المقبل في أوروبا، بين مدراء المخابرات الأميركية والاسرائيلية والمصرية ورئيس الوزراء القطري حاسماً، لأن الاحتلال للمرة الأولى يقدم مبادرة كشفت عنها وسائل اعلام إسرائيلية، وتتألف من 4 نقاط: إطلاق سراح الأسرى الاسرائيليين من غير الجنود، وقف إطلاق النار لفترة طويلة، انسحاب تكتيكي لجيش الاحتلال من عدة مناطق في قطاع غزة، ومن ثم إطلاق سراح أسرى فلسطينيين من السجون الاسرائيلية.

ويبدو أن “حماس” مستعدة للتركيز على مسألة التبادل الجزئي وليس الكلي للأسرى، لذلك هي تطلب حالياً الافراج عن مئة أسير فلسطيني مقابل كل أسير إسرائيلي، لكنها لن تقبل بأي خطوات لا تنتج الانسحاب الشامل ووقف إطلاق النار. ويقول مصدر مصري: “إن عملية اقناع حماس بقبول هدنة لمدة شهر يعقبها وقف دائم لإطلاق النار تسير على ما يرام”، لكن مصدراً في حركة “حماس” يؤكد أنها “تطالب بضمانات لتنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق من أجل الموافقة على الهدنة الأولية، وهذا لأن لا ثقة مع الاحتلال”.

يحتاج الاحتلال الى الهدنة أو الشروع في خريطة عمل سياسية، لا سيما وأن ضغط أهالي الأسرى الاسرائيليين يكبر عبر التظاهرات اليومية، إضافة إلى أن الموقف المصري من السيطرة على خط فيلادلفيا يبدو حاسماً بالرفض، وهذا ما عبّر عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي برفضه استقبال أي مكالمة هاتفية من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو. أما المقاومة فهي تحتاج الى الهدنة لتخفيف المعاناة الانسانية في القطاع لا سيما وسط الأمطار والبرد والشح في المواد الغذائية والمياه والأدوية.

ويمكن القول إن الهدنة أصبحت ضرورية دولياً واقليمياً، لأن ما يحصل في البحر الأحمر والعراق حاجة أميركية لوقف العمليات العسكرية ضد قواعدها وسفنها وعدم توسيع رقعه الحرب. وكذلك يريد الاحتلال تجميع قواه السياسية والعسكرية للتعامل مع الجبهة اللبنانية والضفة الغربية وسط تقارير أمنية إسرائيلية عن أن انفجار الضفة مسألة وقت لا سيما مع اقتراب شهر رمضان المبارك.

شارك المقال