واشنطن تدرس الرد “الملائم” على إيران 

لبنان الكبير

تجد الولايات المتحدة نفسها، مع مقتل ثلاثة جنود أميركيين بضربة في الأردن، تنجر أكثر فأكثر إلى حرب بالوكالة مع إيران كان الرئيس جو بايدن يأمل في تفاديها ولا يزال يسعى الى احتوائها منعاً لاشتعال المنطقة.

فبعد الهجوم بطائرة مسيّرة الذي استهدف الأحد 28 كانون الثاني، قاعدة في الأردن قرب الحدود السورية واتهمت واشنطن فصائل مدعومة من إيران بالوقوف خلفه، اشتدّ الضغط على بايدن الذي توعد برد “ملائم”.

وقال غوردن غراي الأستاذ في جامعة جورج واشنطن لوكالة “فرانس برس”: “هذا ما كان العديد منا يخشاه على ما أعتقد، وما كانت الادارة تخشاه بالتأكيد، وما كان حلفاء الولايات المتحدة سواء عرب أو غير عرب يخشونه: أن تقوم إيران بحسابات خاطئة، أن ترتكب خطأ كهذا وترغم الولايات المتحدة على الرد بمستوى أعلى بكثير”.

وهذه أول مرة يُقتل فيها جنود أميركيون في الشرق الأوسط منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في 7 تشرين الأول، ما يبدل الوضع حتماً. وجاءت الضربة بعد أكثر من 150 هجوماً بمسيرات وصواريخ نفذتها مجموعات موالية لإيران على القوات الأميركية في العراق وسوريا.

وتبنت معظم هذه الهجمات “المقاومة الاسلامية في العراق” المؤلفة من فصائل مدعومة من إيران والتي تعلن التحرك دعماً للفلسطينيين وتطالب برحيل القوات الأميركية من العراق.

كذلك يصعّد الحوثيون اليمنيون المدعومون من إيران أيضاً، هجماتهم على السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، ما يشدد الضغط على الولايات المتحدة للرد، وهو ما فعلته بشن هجمات على أهداف للمتمردين في اليمن.

وكان الرد الأميركي حتى الآن مدروساً، واقتصر بصورة أساسية على ضربات ترمي إلى إضعاف قدرات هذه المجموعات على إطلاق صواريخ وقذائف ومسيّرات.

وبعد الضربة في الأردن، رأى أليكس بليتساس من مركز “المجلس الأطلسي” للدراسات في العاصمة الأميركية أن واشنطن أمام “تحدّ، هو أن تضمن بأن يكون الرد على قدر كاف من القوة لمنع أي هجمات جديدة على القوات الأميركية، من دون أن يتسبب باندلاع حرب جديدة في المنطقة”.

ويردد المسؤولون الأميركيون باستمرار أنهم لا يريدون تصعيداً وما زالوا يأملون في احتواء النزاع الذي يهدد بالتمدد.

وأكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي أمس الاثنين تعليقاً على الهجوم الأخير “لا نسعى إلى حرب مع إيران”.

من جهتها، نفت إيران أي ضلوع لها في الهجوم، محذرة من تصعيد في المنطقة. لكن أليكس فاتانكا من معهد الشرق الأوسط في واشنطن قال: “إننا أمام منعطف”. ورأى أن هدف إيران منذ هجوم حركة “حماس” على إسرائيل الذي أشعل الحرب في قطاع غزة، هو “تفادي الحرب مع إسرائيل والولايات المتحدة، ولكن اغتنام هذه الفرصة للضغط على البلدين في إطار خطة أبعد مدى”، مشيراً الى أن “الولايات المتحدة على غرار إيران، غير مهتمة بتصعيد إقليمي” لا تكون عواقبه محسوبة.

وأعلن بايدن عند دخوله البيت الأبيض أنه يؤيد حواراً مع إيران ولا سيما لإحياء الاتفاق الدولي المبرم معها لاحتواء برنامجها النووي والذي انسحب منه سلفه دونالد ترامب من طرف واحد. غير أن الحوار لم يفضِ إلى نتيجة وتم التخلي عنه عملياً بعد حملة القمع التي قابلت بها السلطات الايرانية موجة الاحتجاجات غير المسبوقة إثر وفاة الفتاة مهسا أميني في أيلول 2022.

ويجد الرئيس الأميركي المرشح لولاية ثانية، نفسه الآن أمام خيار صعب ما بين الاستمرار في سياسة ردع، أو تسديد ضربة قوية بما تنطوي عليه من مخاطر تصعيد.

واعتبر غوردون غراي أن الولايات المتحدة قد ترد بضرب “هدف عسكري أو هدف للحرس الثوري داخل إيران”. وشدد على أن إدارة بايدن “حرصت على عدم إبداء رد فعل مسرف وتمرير رسالة بأن الهجمات لن تكون مقبولة”، لكنه تابع أن “القادة الإيرانيين لم يفهموا هذه الرسالة للأسف، وأعتقد أن هذا يزيد فرص حصول مواجهة عسكرية”.

شارك المقال