تحضيرات طرابلسيّة عشية ذكرى 14 شباط… عودة الحريري باب فرج للجميع

إسراء ديب
إسراء ديب

تشهد الساحة الطرابلسية والشمالية في الفترة الأخيرة، حراكاً سياسياً ملحوظاً قبيل حلول ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وعلى الرّغم من تمسّك الشماليين بهذه الفعالية الوطنية سنوياً، إلا أنّهم يشعرون أنّ الذكرى هذا العام لن تكون كسابقاتها، إذْ يعود الرئيس سعد الحريري إلى البلاد هذه المرّة، من دون مدّة زمنية واضحة أو قصيرة، كتلك التي حدّدها العام الفائت أيّ التي اقتصرت على زيارة “خاطفة” استغرقت ثلاثة أيّام لزيارة الضريح واستقبال القياديين في التيّار وغيرهم فقط، بحيث تتوقّع مختلف الفئات سواء أكانت تلك التي تعرف الشؤون السياسية أم تجهلها، أنْ يتراجع الحريري عن فكرة تعليق عمل تيّاره السياسيّ، وهذا ما يدفعها إلى محاولة التجمّع بأكبر عددٍ ممكن، لإيصال هذا المطلب في لقاء “جماهيري” تُؤكّد المعطيات أنّه سيُبدّل أو يُعدّل المشهد السياسيّ “المتبلّد” حالياً.

ابتداءً من منطقة الهري شمالاً أيّ قبل الوصول إلى طرابلس بدقائق، يُلاحظ الزائرون انتشار اللافتات التي وضعت عليها صور الحريري مع وسم أو “هاشتاج”: “تعوا_ننزل_ليرجع”، مروراً بعاصمة الشمال التي وضعت في مختلف مناطقها وأحيائها صور كلّ من رفيق وسعد الحريري. وفي وقتٍ انتشر بعض اللافتات بتوقيع وإهداءٍ معيّن باسم محبّين أو مناصرين دعوا الناس إلى “المشاركة بكثافة يوم 14 شباط 2024 أمام مسجد الأمين في بيروت”، وجدت لافتات أخرى لم يوضع عليها أيّ اسم أو إشارة الى صاحبها.

ويُؤكّد مطّلعون لـ “لبنان الكبير” أنّ “هذه الذكرى التي تمسّ الطرابلسيين بصورة مباشرة (بعد سخطهم أو قهرهم المتواصل من عملية اغتيال الشهيد بصورة غادرة وغير لائقة وطنياً وسنياً)، تنعشهم سياسياً وتُشعرهم بالحماس السياسيّ الذي افتقدوه في وقتٍ سابق، ويُمكن القول إنّ نشر اللافتات في طرابلس، لا يُعدّ أمراً مستفزاً لأحد على خلاف لافتات أخرى قد ترتبط بسياسيين آخرين”.

ويعتبر المطّلعون أنّ غياب الحريري عن العمل السياسيّ، فرض المزيد من الخسارات، فيما يرى البعض الآخر أنّ عودته لن تُغيّر شيئاً بسبب تفاقم الأزمات وتدهورها، حتّى أنّ قسماً من هذه الفئة يُبدي قلقاً من هذه العودة خوفاً من إقحامه في أزمات لم يتسبّب فيها، بينما يتحدّث عدد كبير من المواطنين عن فكرة “تجديد البيعة” من جديد للتيّار ورئيسه، خصوصاً عند شعورهم بالغبن والهيمنة السياسية التي فرضت واقعاً صعباً وبعيداً عن الإنقاذ الاقتصادي والانفتاح على العالم، أو عن المبادرات الديبلوماسية الاقليمية منها والدّولية، ما أدّى إلى تدهور الأوضاع بصورة أكبر، معتبرين أنّ الشخصية التي تمكّنت من إنجاح مؤتمر “سيدر 1” أو “باريس 4” والحصول على 11 مليون دولار سابقاً، ستتمكّن من تحسين صورة لبنان الخارجية بعد جهدٍ بذلته للمّ شمل التيّار وترتيب البيت الدّاخلي فيه بصورة مضبوطة أكثر.

واستعداداً للذكرى، عقدت منسقية تيّار “المستقبل” في طرابلس، لقاءات عدّة مع كوادر التيّار، لتحقيق “أوسع مشاركة في الذكرى التاسعة عشرة، ولإيصال رسالة حبّ ووفاء ومطالبته بالعودة إلى الحياة السياسية لملء الفراغ الذي تركه إثر تعليق عمله السياسي”.

عضو المكتب السياسيّ في التيّار ناصر عدرة، يلفت في حديثٍ لـ “لبنان الكبير” إلى أنّ الاجتماعات انطلقت فعلياً بصورة مكثفة لحضور جماهيري أكبر يتمكّن من الالتقاء بالحريري ومناشدته العودة إلى العمل السياسيّ من جديد. ويقول: “شعر الجميع بالفراغ السياسي الذي تركه الحريري ولم يتمكّن أحد من استبداله أو ملء مكانه، لذلك ستكون المشاركة الشعبية (التي لا نحصي عددها فعلياً في الوقت الحاليّ وهي رهن التحضيرات) حاشدة كما نتوقّع، لا من طرابلس فحسب بل من كلّ الشمال، وستسمح لنا بإيصال الفكرة والرغبة بوضوح”.

لا يُخفي عدرة أنّ غياب رئيس تيّار “المستقبل” مع غياب نواب التيّار عن المدينة، انعكس على طرابلس أيضاً، “لكنّنا نعلم أنّ قرار تعليق العمل السياسي اتُخذ لظروف وأجواء سياسية دفعت الحريري إلى اتخاذه، لذلك سنعمل على فكرة حثه على التراجع عنها (وهي فكرة تتضح لنا أنّها تروق للخصوم والحلفاء على حدّ سواء)، عبر مساعدتنا عدداً من المناصرين لنقلهم إلى بيروت، أو بوجود نقليات مختلفة قد تسبق وصولنا إلى نقطة اللقاء، في وقتٍ كان ولا يزال يتمّ تأمين هذه النقليات عبر مبادرات من محبّين”.

ويُضيف: “الواقع يُؤكّد أنّ البلاد تحتاج إلى أمثال الرئيس سعد الحريري، فهو حاجة وطنية ومناطقية تدفع الجميع إلى العودة لخيمته، خصوصاً في ظلّ أزمات سياسية، اقتصادية ومعيشية ملموسة من الجميع، لذلك قد تكون عودته باب فرج وإنماء للجميع، لكن الأهمّ من كلّ ما سبق هو مطلب العودة الذي يُعدّ سياسياً ووطنياً، لأنّنا على ثقة تامّة به وبأنّه سيأخذ الخطوة المناسبة والقرار الأصح في هذه اللحظات العصيبة التي تُواجهها البلاد”.

شارك المقال