معركة رفح… تهويل الاحتلال ورسائل مصرية

زاهر أبو حمدة

يتوقع جيش الاحتلال أن يسيطر على مدنية خان يونس خلال أسبوع، لكن مصدراً في المقاومة الفلسطينية يؤكد أن “السيطرة النارية لا تعني السيطرة الميدانية، وأن محاولات تقدم جيش الاحتلال نحو عمق خان يونس لا سيما في الجهة الغربية فشلت في أكثر من مرة”. من هنا، يبدو العجز الكبير تجاه خان يونس يستعاض عنه بالتهويل حول رفح وما تحمله من رسائل ضاغطة على المقاومة بسبب النازحين وعلى الوسطاء لا سيما مصر وما يمثله محور فيلادلفيا ومعبر رفح.

وتشير مصادر مصرية إلى أن القاهرة نقلت رسائل شديدة اللهجة عبر قنوات ديبلوماسية واستخبارية أن “بدء معركة في رفح سيكون بداية أزمة مصرية إسرائيلية، وأن الجانب المصري لن يسمح بذلك ويرفض نقل معبر رفح إلى معبر كرم أبو سالم”. وتفيد صحيفة “إسرائيل هيوم” بأن “عبور لاجئين فلسطينيين من غزة إلى سيناء من شأنه أن يعرض اتفاق السلام بين البلدين للخطر”. وقال مصدر آخر إن “الرسالة المصرية كانت أكثر ليونة، وهي أنه إذا مر لاجئ واحد، سيُعلّق اتفاق كامب ديفيد”. وهذا يوضح أن مصر لن تسمح بحل الأزمة الاسرائيلية على حساب الأمن القومي المصري إن كان باللاجئين أو بمحاولة تصفية القضية الفلسطينية.

ويتركز حالياً نحو 1.4 مليون في رفح من أصل 2.2 مليون فلسطيني في غزة. وتخشى مصر أن تؤدي عملية إسرائيلية في المدينة إلى لجوء جماعي إلى سيناء. وبما أن إسرائيل تمنع الفلسطينيين من العودة إلى ديارهم في شمال قطاع غزة، فإنها لن تترك لهم خياراً سوى التوجه جنوباً. ولكن لماذا يريد الاحتلال السيطرة على رفح؟

باختصار، لم يحقق الاحتلال حتى أي انجاز يمكن أن تسوقه حكومة بنيامين نتنياهو، وكذلك تشكل منطقة رفح منطلقاً أساسياً للمقاومة بالعدة والعديد، ففيها لواء عسكري لـ “كتائب القسام” يضم أربع كتائب، ويتهم الاحتلال المقاومة بأنها تُهرب الأسلحة والبضائع من سيناء إلى غزة بين رفح المصرية ورفح الفلسطينية. والأخطر من كل ذلك، أن السيطرة على معبر رفح وهو المنفذ الوحيد المتبقي يعني نهاية السيادة الفلسطينية على غزة لما يمثله المعبر من سلطة فلسطينية على أرض فلسطينية، إضافة إلى زيادة الحصار الممنهج.

ومع دخول العدوان على غزة شهره الخامس، يبقى السؤال حول معركة رفح بتوقيتها ونتائجها؟ هنا التوقيت مرتبط بمفاوضات الهدنة وما طرحه اجتماع باريس، فهذا التهويل جزء من الضغط السياسي على المفاوض الفلسطيني. يضاف إلى ذلك، أن جيش الاحتلال لم يستطع حتى الآن السيطرة التامة على شمال غزة أو وسطها وكذلك يعاني في خان يونس، فكيف سيفتح معركة في محور مهم مثل رفح؟ وإذا كان قادة جيش الاحتلال يفكرون في إعادة نقل النازحين إلى وسط غزة وشمالها، فهذا يعني أن الهدف الضمني للحرب وهو التهجير خارج القطاع فشل تماماً، لا بل إن قتال المقاومة في رفح سيكون مختلفاً لا سيما وأنها ستكون أكثر من “كسر عظم” لأنها اكتسبت خبرات كثيرة في معارك المدن السابقة.

وإذا كان الأميركيون يبحثون عن مخرج للمأزق الكبير قبل شهر رمضان المقبل خوفاً من انفجار القدس والضفة الغربية، فهل سيسمحون للاحتلال بالتوجه نحو رفح؟ بكل تأكيد: لا. لكن مفاجآت “طوفان الأقصى” الكبيرة لم تبدأ بعد.

شارك المقال