فلنتذكر لماذا غادر

الراجح
الراجح

في الرابع والعشرين من كانون الثاني 2022، أعلن الرئيس سعد الحريري تعليق عمله في الحياة السياسية، في كلمة هذا نصها:

“بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وقع الخيار علي لمواصلة مشروعه السياسي… لمواصلة مشروع رفيق الحريري، وليس لكي تبقى عائلة الحريري في السياسة، بغض النظر عن المشروع والمبادئ والظروف.

ومشروع رفيق الحريري يمكن اختصاره بفكرتين: أولاً: منع الحرب الأهلية في لبنان، وثانياً: حياة أفضل للبنانيين. نجحتُ في الأولى، ولم يُكْتَب لي النجاح الكافي في الثانية.

لا شك أن منع الحرب الأهلية فرض علي تسويات، من احتواء تداعيات 7 أيار إلى اتفاق الدوحة الى زيارة دمشق إلى انتخاب ميشال عون إلى قانون الانتخابات، وغيرها.

هذه التسويات، التي أتت على حسابي، قد تكون السبب في عدم اكتمال النجاح للوصول الى حياة أفضل للبنانيين. والتاريخ سيحكم.

لكن الأساس، أن الهدف كان وسيبقى دائماً تخطي العقبات للوصول إلى لبنان منيع في وجه الحرب الأهلية، ويوفر حياة أفضل لكل اللبنانيين.

هذا كان سبب كل خطوة اتخذتها، كما كان سبب خسارتي لثروتي الشخصية وبعض صداقاتي الخارجية والكثير من تحالفاتي الوطنية وبعض الرفاق وحتى الاخوة.

قد أكون قادراً على تحمل كل هذا، لكن ما لا يمكنني تحمله هو أن يكون عدد من اللبنانيين الذين لا أرى من موجب لبقائي في السياسة سوى لخدمتهم، باتوا يعتبرونني أحد أركان السلطة التي تسببت بالكارثة والمانعة لأي تمثيل سياسي جديد من شأنه أن ينتج حلولاً لبلدنا وشعبنا.

ومن باب تحمل المسؤولية أيضاً، ولأنني مقتنع بأن لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الايراني والتخبط الدولي، والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة أعلن التالي:

أولاً: تعليق عملي في الحياة السياسية ودعوة عائلتي في تيار المستقبل الى اتخاذ الخطوة نفسها.

ثانياً: عدم الترشح للانتخابات النيابية وعدم التقدم بأي ترشيحات من تيار المستقبل أو باسم التيار”.

أكتفي بهذا القدر من كلمة الرئيس سعد الحريري وأتمنى من كل الذين يدعونه الى العودة أن يقرأوا جيداً مضمون كلمته وأن يسألوا أنفسهم ماذا تغيّر من أسباب تعليقه للعمل السياسي كي تدعونه الى العودة؟

رفضاً لما جرى في 7 أيار، ورفضاً قاطعاً لاتفاق الدوحة ولتداعياته التي نعيشها الآن، وكي لا نعاود زيارة دمشق في ظل نظام القتل والتهجير والسجن، وكي لا نرى أسوأ من ميشال عون في رئاسة الجمهورية – على الرغم من صعوبة ذلك إلا أنها قد تحصل!

نسأل شباب ثورة 17 تشرين، وخصوصاً الممَثَلون منهم في مجلس النواب، ماذا فعلتم لتغيير قانون الانتخابات الذي قامت الثورة من أجل تغييره؟

ماذا عن النفوذ الإيراني في لبنان، وماذا عن انقسام القوى “السّيادية” وعدم قدرتها على تشكيل جبهة معارضة حقيقيّة في وجه منتهكي القانون والدستور، ما أدى إلى اهتراء الدولة… وإلى آخر كلمة من رسالة الرئيس سعد الحريري حول هذه الأمور؟

كونوا “كتار” للتصدي لكل ما كان سبباً في تعليق الرئيس لعمله السياسي وليس ليوم واحد بل لكل المرحلة القادمة. حينها، نستطيع، إذا كنا “كتار”، أن نعيد استقلالية القرار اللبناني. حينها، باعتقادي، لا حاجة الى دعوة الرئيس للعودة لأنه سيكون حكماً في وسط العمل وخلفه وأمامه لاسترداد الوطن!

 

شارك المقال