الرئاسة… إستحقاق مسيحي أم وطني؟

لينا دوغان
لينا دوغان

بين خطة آموس هوكشتاين ومجموعة “الخماسية”، يعيش لبنان آخر مستجدات الملف الرئاسي، الذي لا يزال حتى الساعة يراوح مكانه، لا بل أكثر من ذلك بات مرتبطاً بالتسوية في المنطقة خصوصاً بعد حرب غزة، فبات توقيت حلحلة الملف الرئاسي مرتبطاً بغزة من جهة والترتيب الاقليمي من جهة ثانية.

تحريك الملف كان بين رئيس مجلس النواب نبيه بري واللجنة الخماسية، وقد سادت اللقاء أجواء إيجابية لجهة توفير مناخات ملائمة في موضوع الاستحقاق الرئاسي.

وفي هذا الاطار، يقول الأستاذ في القانون الدولي الدكتور أنطوان صفير: “هناك شد حبال على الصعيد الاقليمي في لبنان، وهذا لا ينتهي الا باتفاق اللجنة الخماسية بموافقة ايران، وهذا لب الموضوع، لأن الأمور في الشأن المحلي اللبناني أساسية ولكنها ليست حاسمة، وهناك جو إقليمي غير مؤاتٍ يتمظهر في جو داخلي غير ملائم، إضافة الى الخلافات السياسية والخلافات المسيحية وعدم احترام الدستور”.

إذاً، وعلى الرغم من إعادة تحريك ملف الاستحقاق الرئاسي اللبناني بعد تجميده جراء الحرب على غزة منذ 7 تشرين الأول، إلا أن الانفراجات قد لا تكون قريبة في ما خص هذا الاستحقاق، طالما أن فريق الممانعة منهمك في الحرب على إسرائيل وعدم الانفتاح على خيارات أخرى.

هنا يرى د.صفير أن أزمة الرئاسة هي أزمة وطنية لأن الموضوع يتعلق بنظام سياسي كلما وصلنا الى مواقيت دستورية منها انتخاب رئيس جمهورية ومنها تشكيل حكومة نصل الى مأزق يصل لأشهر وربما لسنة، وهذا بسبب عدم المسؤولية السياسية والتي تقع على عاتق الفرقاء السياسيين.

واذا كان فريق الممانعة منخرطاً في تخفيف الضغط عن غزة كما يقول، فهناك فريق يقابله ويعارضه في فكرة هذه الحرب وفي مرشحه للرئاسة سليمان فرنجية. فهذه المعارضة بمجملها مسيحية وقد سمعنا على لسانها أكثر من مرة معارضتها لمرشح الممانعة وأن لها الأولوية في اختيار الرئيس خصوصاً أنه ينتمي الى الطائفة المارونية، ومن هنا تطرح مسألة الرئاسة على أنها أزمة مسيحية، وهذه الأزمة المسيحية معناها كما يقول د.صفير، أن المسيحيين ليست لهم كلمة أساسية في انتخاب الرئيس الذي يمثلهم في السلطة باعتبار أننا في نظام توافقي يقوم على القيد الطائفي الذي يؤمن الطائفية ويحميها في لبنان. لكن القول بأن الازمة الرئاسية هي أزمة مسيحية فقط، هو قول خاطئ، لأن الأزمة صحيح أن فيها جزءاً مسيحياً، لكنها في الأساس موضوع دستوري وطني.

يعتبر معظم المسيحيين أن أي مبادرة تتحدث عن حوار وطني ينتهي بانتخاب رئيس للجمهورية، ليس إلا محاولة لاستدراج الكتل والنواب إلى فخ انتخاب رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، لكنهم في المقابل لم يتوصلوا الى الاتفاق على إسم مرشح يجمعهم، فارتأوا التقاطع، ليتقاطعوا من دون أن يتفقوا، على إسم جهاد أزعور، الا أن المسيحيين بهذه الطريقة لم ينجحوا لا في ايصال مرشحهم ولا في الوقوف بوجه الممانعة وقفة صلبة. وهنا يعلق د.صفير بالقول: “لو كان هناك حد أدنى من التفاهم بين الغالبية المسيحية أو اجماع مسيحي، لكان من الممكن أن يكون له تأثير أو على الأقل يسرّع في عملية انتخاب الرئيس، عن طريق المساهمة في بلورة تسوية معينة، وما حصل مع المرشح جهاد أزعور يبقى في نطاق الأخذ والرد وليس في نطاق الحسم في الخيارات المسيحية”.

يختم د. صفير: “إن الرئاسة أولاً هي موضوع دستوري، لأن الدستور اللبناني قد نص على النظام المعتمد في لبنان كنظام برلماني، ورئيس الجمهورية هو جزء أساسي من السلطة الاجرائية التي تضمه اضافة الى مجلس الوزراء، اذاً هناك أزمة دستورية في موضوع الرئاسة وفي الشغور الرئاسي وهذا لا يجوز، كما لا يجوز لأي نائب أن يتغيب عن أي جلسة لمجلس النواب مخصصة لانتخاب الرئيس، لأن الزامية حضور النائب واجب دستوري”.

الحل الداخلي بات شبه مستحيل وانجاز الإستحقاق بات بحاجة إلى تدخل خارجي، وهو على ما يبدو سيكون ضمن تسوية شاملة، الأرجح أنها تحضر في المطابخ السياسية على نار هادئة.

شارك المقال