علاقة تاريخية بين الحريرية والجنبلاطية… مشوار مستمر؟

آية المصري
آية المصري

علاقة عائلية تاريخية بدأها الرئيس الشهيد رفيق الحريري مع زعيم المختارة وليد جنبلاط واستكملها الرئيس سعد الحريري مع “البيك” ونجله تيمور جنبلاط، علاقة نضال سيادية كانت وستبقى الأقوى على الرغم من محاولات البعض الحثيثة لزعزعتها من دون جدوى.

ولطالما كانت تسيطر على العلاقة الصداقة الحميمة التي ربطت قيادات الحزب “التقدمي الاشتراكي” بالرئيس الحريري، وهذه العلاقة تعود الى مرحلة الثمانينيات وتطورت أكثر عبر التعارف الصادق والتضامن لتصبح علاقة عائلية بامتياز. ثم جاءت الأحداث وبرز دور الرئيس الحريري المسالم دائماً والساعي الى وقف النار واطلاق المبادرات الوفاقية، بحيث كان من أوائل الشخصيات التي دفعت الى مشروع المصالحة الوطنية في الجبل واعادة المهجرين، وكان رفيق الدرب في كل المؤتمرات والحوارات من جنيف الى لوزان الى الاتفاق الثلاثي والطائف وحتى تشكيل الحكومات، وصولاً الى المرحلة التي واجه فيها الطرفان النظام السوري بموقف معادٍ بسبب موضوع اعادة تموضع القوات السورية في لبنان واعادة انتخاب الرئيس اميل لحود.

وفي هذه المرحلة كان “التقدمي” والرئيس رفيق الحريري معاً، ومستهدفان من القوى الممانعة، وخلال العهد المشترك والمسار الطويل الذي أدى الى اتفاق الطائف وانخراط الطرفين فيه، بحيث كانا أول من قبل بتسليم السلاح وحل الميشيليات بعد الاتفاق. وتخللت العلاقة نقاط خلاف تتعلق بالمشاريع الاقتصادية ولم تكن في السر بل علانية فكان جنبلاط يفاتح الحريري دائماً، والأخير يحاول اقناعه انطلاقاً من نهجه الاقتصادي، وعلى الرغم من التباينات بقيا في صف واحد، وشهدت العلاقة محطات قوية وتعاوناً كبيراً قبل اغتيال الرئيس الشهيد وكانت المسيرة جيدة جداً.

وعند اغتيال “الرفيق” لم يترك وليد جنبلاط الرئيس سعد الحريري فوقف الى جانبه وقاما بعمل جاد وخاضا نضالاً كبيراً بجرأة متناهية في حقبة 14 آذار. واستمرت العلاقة مع الرئيس الحريري مبنية على الصداقة، على الرغم من بعض التباينات في وجهات النظر التي تخللتها أحياناً. وبرز الخلاف في العام 2009، عندما ألمح وليد جنبلاط قبل الانتخابات النيابية الى أن من الممكن ان يُعيد تموضعه وهذا ما حدث فعلاً بعد الانتخابات، بحيث خرج من 14 آذار لكنه لم ينتقل الى 8 آذار بل تحوّل الى بيضة القبّان بين القوتين الأساسيتين.

وبقيت العلاقة بين الجانبين مستمرة وفي كل مرحلة انتخابية تشكل قوائم مشتركة فتلتقي القيادات والجماهير في أماكن مشتركة، ولم يغب زعيم المختارة عن احياء ذكرى استشهاد “رفيق” دربه فكان دائماً أول من يزور الضريح و”بيت الوسط”. وتبقى فوق كل إعتبار العلاقة المميزة التي جعلت من “التقدمي” وتيار “المستقبل” حليفين متراصيّن عملا تحت جناح إتفاق الطائف دفاعاً عن إستقلال لبنان وعروبته وحرياته، ذلك أن الرئيس الشهيد تعاطى مع كل المكونات اللبنانية على أنها لبنانية وعربية ولم يحرم أي مكوّن من خيراته على البلاد ومساعداته على الصعد كافة، الصحية والتربوية والمعيشية والاجتماعية.

اما ما يحصل من خلافات في الآونة الاخيرة فهي ليست سوى “حادث صغير على الطريق” لن ينهي مسيرة تعاون وتضامن كبيرة عاشها “التقدمي” و”المستقبل”، بحيث شدد الرئيس سعد الحريري عام 2018 على أنه سيكمل المشوار مع وليد بيك نظراً الى العلاقة التاريخية والعائلية قبل السياسية التي جمعتهما.

اما في حال قرر الرئيس الحريري العودة عن قراره بتعليق العمل السياسي فلن يكون “التقدمي” و”اللقاء الديموقراطي” بعيدين عنه فهما كانا وسيبقيان من الأصدقاء، وبالتالي العلاقة لا تزال جيدة والاحترام متبادل من الطرفين، بحسب ما أشارت مصادر من “اللقاء الديموقراطي” عبر “لبنان الكبير”.

شارك المقال