لا رئيس لا بخماسية ولا بسداسية… وبدء الحديث عن فصل الجبهتين

ليندا مشلب
ليندا مشلب

حتى اليوم لم يستجد أي معطى يرفع منسوب التفاؤل أو يلامسه لاستشراف العهد الجديد للرئيس اللبناني السادس بعد الطائف، فالحركة التي انطلقت في لبنان منذ حوالي الشهر على مستوى سفراء دول اللجنة الخماسية لا تزال تنتظر موعد اجتماع اللجنة، الذي وبحسب معلومات موقع “لبنان الكبير” لن يحصل قريباً وسيستعاض عنه بجولة للموفد الفرنسي جان ايف لودريان الى كل من مصر والسعودية وقطر يليها خط مفتوح بينه وبين مسؤول كبير في الخارجية الأميركية للتشاور قبل أن يحط في بيروت. هذه الجولة وبحسب مصدر سياسي رفيع لموقع “لبنان الكبير” ستؤكد فصل مسار الملف الرئاسي اللبناني عن غزة، وهذا ما تم التوافق عليه بين سفراء “الخماسية” والرئيس نبيه بري في اجتماعهم الأخير منذ أسبوعين في عين التينة. كما سينطلق من مسلمات ليست بالنسبة إلى المسؤولين اللبنانيين الا ارباكات وهي: اعتبار الملف لبنانياً، والقرار لبنانياً، لا فيتو على أحد، ولا مرشح لـ “الخماسية” بل يدعمون من تتفق عليه الكتل النيابية بعد التشاور.

وفي رأي المصدر أن الملف الرئاسي لم يتحرك والحراك الأخير أعطى اعادة احياء للحراك القديم ليس الا، ولكن من دون آليات جديدة، مؤكداً أن لودريان سيأتي مجدداً بمواصفات خالية من الدينامية.

أما المؤشر الايجابي الوحيد فهو أن سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري زخم نشاطه ولكن ليس بصورة كافية، والكل ينتظر حصيلة التشاور الداخلي الذي لم يبدأ بعد، ولا آلية واضحة له بحيث ستحتاج هذه الخطوة الى دعم الدول “اللي بتمون على ناسها” بحسب تعبير المصدر، كاشفاً أن أحد السفراء اقترح أن يجري التشاور في الخارج، فكان رد الرئيس بري أن الكتل موجودة والمجلس مفتوح واذا كنت أشكل حساسية لأحد فليترأس الجلسات نائب الرئيس.

ويقول المصدر: “الأفكار نفسها تتداول ولا قوة دفع تنفيذية لها، ولو أخذ بخاري على عاتقه متابعة الملف لقلنا ان خرقاً ما سيحصل قريباً، فلن يقترب الفول من المكيول الا اذا أمسك السعودي بالملف والأميركي فوّض طرفاً أو شخصية ما لمتابعته، والاثنان أولويتهما في مكان آخر، فهذا الملف يحتاج الى حراك غير علني، حتى تتوافر معطيات ملموسة والثنائي منفتح وحريص على ابقاء العلاقات مع المملكة جيدة، والكل يريد انهاء الفراغ والحل، لأننا نعيش أزمة على مستوى الحكومة والمجلس النيابي والحياة السياسية”.

ويشدد المصدر في أكثر من محطة على الدور المركزي للمملكة في لبنان والمنطقة، حيث لا يمكن لها أن تقوم بحراك اقليمي اذا لم تكن لديها نقطة ارتكاز في لبنان، ونقطة الارتكاز في لبنان هي الجو السني والجو السني ضعيف، حتى أن السعودي قادر على لعب دور حقيقي في الوسط الشيعي وليس السني فقط، وقادر على أن يكون دولة مؤثرة في المفاوضات التي تحصل على الحدود الجنوبية وما يمكن أن يبنى مستقبلاً بين لبنان وسوريا. ونحن نرى أن لا استقرار في المنطقة اذا لم يلعب السعودي دوراً بارزاً وكبيراً في التسوية الكبرى، ولو أنها مستبعدة قبل الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة. التسوية الشاملة تحتاج الى الاسرائيلي والفلسطيني وعلى ضفافها تدخل الدول الأخرى، والسعودي يمكن أن يلعب دوراً محورياً في هذا الاطار خصوصاً أن اتفاقه مع ايران وضع في قاعة الانتظار لمدة ٤ أشهر، لن تحصل خلالها مشكلات بين البلدين لا بالمباشر ولا بالانابة، ولعل كلام رئيس الاستخبارات الاميركية وليام بيرنز في حديثه الى الـforeign affairs خير دليل على تحول الأمور عندما قال ان التعامل مع ايران هو مفتاح أمن اسرائيل والاستقرار في المنطقة.

ويعود المصدر الى الملف الداخلي فيؤكد أن شيئاً لن يحدث في المدى المنظور ولا رئيس للبنان لا بخماسية ولا بسداسية، فقد أصبحنا بطريقة أو بأخرى وبواقعية مرتبطين بالحل في المنطقة.

وحول الحرب في الجنوب، يكشف المصدر أن معظم الأطراف يريد حلاً حتى لو لم نصل الى اطلاق نار شامل في غزة، فاذا كان الاسرائيلي لديه استعداد يمكن أن تتوقف جبهة الجنوب، وهناك استعداد كبير ومتطور للسير في تفاهم أولي في الجنوب يهدأ من الحرب و”حزب الله” منفتح على هذا الحل الذي يعمل عليه جدياً الموفد الأميركي آموس هوكشتاين فهو يضع خطة تواكب مرحلة اعلان وقف اطلاق النار في غزة، يكون فيها مسار الحل قد انطلق في لبنان بالتوازي. هوكشتاين يريد أن يطمئن اسرائيل على المستوى السياسي بمواكبة واسعة للملف، تشمل الترسيم والـ ١٧٠١ والمرحلة المقبلة يعطي من خلالها ورقة للحكومة الاسرائيلية لمخاطبة جمهورها (١٠٠ ألف مستوطن خرج من المستعمرات الحدودية و”حزب الله” لا يزال على الحدود) وهو مصر على هذه الورقة والمعلومات التي وصلتنا أنه رفع سقف الطلبات التي طورها وتنطلق من ضرورة تراجع “حزب الله” وتحديداً فرقة “الرضوان” مسافة ما بين ٨ و١٠ كيلومترات الى الوراء بما يشبه المنطقة العازلة أو الخالية من السلاح، وهذا يحتاج الى إجراءات تعزز الجيش اللبناني و”اليونيفيل”.

كما يكشف المصدر أن هوكشتاين كان الأكثر اطمئناناً من أي مسؤول آخر لجهة عدم توسع الحرب وأن الأمور لا تزال تحت السيطرة وأن التهديدات هي لزوم الخطاب الداخلي، ولكن هناك وجهة نظر أميركية أخرى تجنح الى احتمال الحرب، اذ يمكن أن تنزلق الأمور في لحظة ما الى عملية عسكرية خاطفة لا تتعدى الثلاثة أيام، ولا تتجاوز حدود الليطاني تضرب فيها قواعد وأهداف لـ “حزب الله” وغارات على مدى ثلاثة أيام، لكن الأخطر سيكون رد فعل الحزب وايران، لأن ضرب “حزب الله” بالنسبة الى ايران مختلف عن أي أمر آخر وعن الضربات الأخرى في سوريا والعراق واليمن.

اذاً، بانتظار العودتين للودريان وهوكشتاين، ندور في الدوامة نفسها ونستنزف الجبهتين الجنوبية والرئاسية.. وكل يدور في فلكه فهل ينجح فصلهما عن غزة؟

شارك المقال