هل تطفئ العدالة نيران تفلت السلاح في خلدة؟

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

عندما تنعدم العدالة وتوضع العصي في دواليب القضاء، ويتحكم السلاح غير الشرعي بقرار الشارع ويعطل سيادة الدولة وبسط نفوذها وقرارها في كل المناطق اللبنانية وفق آليات تساوي بين الجميع، لا يكون هناك أمن بسمنة وأمن بزيت، يستطيع اللبناني أن يرتاح ويؤمن لحاكميه… لكن أين نحن من هذا الحلم الذي يجعل الدولة ملجأ لجميع المواطنين الذين يريدون تنفيذ العدالة.

لقد كبّر حزب الله الخسة في رؤوس بعض الشباب، ممن أطلق عليهم تسمية سرايا المقاومة، وصار كل أزعر يحتمي بسلاح يستخدمه لمآرب شخصية ويهدد به هنا أو هناك في هذا الحي أو ذاك، وقد عانت الكثير من المناطق من أحداث فتنوية هددت السلم الأهلي بفتن مذهبية، وكانت أهداف الحزب واضحة جداً في تعبيراتها لا سيما في مناطق خلدة والناعمة والسعديات وصولاً إلى برجا ووادي الزينة وغيرها، ففي هذه المنطقة عمل حزب الله على تنفيذ الأمر الواقع على أبناء هذه المناطق من خلال فتح حسينيات ومراكز يتواجد فيها مسلحون في محاولة للسيطرة على الطريق الساحلي والهيمنة الامنية في التلال المشرفة عليها، بطريقة تربط بين الضاحية الجنوبية والجنوب، ولطالما هدد خلال ثورة 17 تشرين وما قبلها وما بعدها من إقفال الطرقات وفتحها بقوة السلاح بذلك متجاوزاً كل الاعتبارات إلا استخدام القوة واللغة الفوقية والممارسات التي توصل إلى حوادث فتنوية كما حصل في خلدة وكما حصل سابقاً في السعديات والجية.

ولطالما كانت المعالجات قاصرة وغالباً ما كانت الفاعليات السياسية والدينية تتحرك لوأد فتن المتلطين بالسرايا والذين يتستر عليهم حزب الله ويهربهم من سيف العدالة، ويتم تجاوز الأمور بالكلام عن أهمية حفظ التنوع والسلم الأهلي والعيش المشترك، فإن أقفل باب الفتنة في منطقة انفتح باب آخر في منطقة أخرى لأن المشكلة الأساس لم تتم معالجتها والكل يعرف أنها مشكلة السلاح غير الشرعي الذي يتباهى حزب الله بملكيته وتوزيعه على حلفائه في السرايا، فيكون الرد طالما أن الدولة لا تحمينا فلنحمِ أنفسنا، وهو ما يفسر ما جرى أخيراً بين العشائر العربية وسراياه ما بين الجية وخلده والذي ترافق مع تهديدات وتصعيد يودي إلى فتنة كبيرة.

وقد بدا من الضروري بالنسبة إلى الجميع اللجوء إلى تأكيد مرجعية الدولة، رغم هشاشتها وعدم الثقة بقدرتها على تحقيق العدالة والأمثلة كثيرة، ولكن لا بد من المحاولة من جديد لمنع كل ما من شأنه تعكير صفو الأمن والرضوخ للاستفزازات التي تتكرر من قبل “صبية الأحياء” بوعي أو بغير وعي لما يمكن أن تحدثه بعض الصور ونشر ندبيات وأغنيات أو حتى تغريدات وتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي وكلها تشكل تحريضاً واستفزازاً لتعطيل الحياة الطبيعية وحتى لتوجيه الأنظار عن مشكلات يعاني منها البلد واستحقاقات لا بد من أن تحصل.

فإذا كان حزب الله لا يريد فتنة سنية ـــ شيعية كان عليه منع شبلي من العودة إلى المنطقة وهو المتهم بقتل الفتى من آل غصن من عرب خلدة ولم يجر تسليمه للعدالة، منعاً لانزلاق الامور إلى كارثة، من خلال السماح لموكب تشييع شبلي المسلح وهو ما أزهق ارواحاً جديدة، كان من الممكن تلافي ذلك منعاً لتداعيات خطيرة ظل أهل اقليم الخروب متخوفين من امتدادها إلى مناطق جديدة طوال يوم الأحد الفائت.

إقرأ أيضاً: رصاصة سلاح غير شرعي تشل ابنة الـ 8 سنوات

أما عرب خلدة من جهتهم فكان واضحاً أنهم لم يسمحوا لحزب الله بخرق صفوفهم بواسطة عملاء وهم نبهوا شبلي من العودة إلى المنطقة وتمسكوا بوجودهم في خلدة متسلحين بالتضامن الاجتماعي الذي يجمعهم وأجهضوا محاولات الحزب لطردهم، لكن لا بد من معالجة المشكلة باللجوء إلى الدولة أو بقاياها وعدم فتح أحد باب الثأر لأن ذلك سيرتد سلباً على الجميع، وقد تذهب الأمور نحو قرارات مدمرة لبنان بغنى عنها في ظل ما يعانيه الناس من أزمات.

يبقى أخيراً أن الهدوء ومعالجة الأمور بصبر وأناة مطلوباً خصوصاً وأن كثيرين يحذرون من المستهدف من أحداث خلدة يوم 4 آب لإفشاله حيث من المنتظر أن يكون مطلب العدالة صرخة الجميع.

شارك المقال