نتنياهو يحاول جر حلفائه إلى حرب مع لبنان… الأمر ليس سهلاً

محمد شمس الدين

توسعت اسرائيل في هجماتها على جنوب لبنان في الأيام الاخيرة بخرق واضح لـ “قواعد الاشتباك” أو “الحرب المضبوطة”، غير المعلنة، منذ الطوفان في 7 تشرين الأول الماضي.

يأتي ذلك في ظل خلاف أميركي – اسرائيلي حول الحرب في غزة، حيث يضع رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو نصب عينيه “النصر التام” على حركة “حماس” كالانجاز الوحيد الذي يمكن أن ينقذ مستقبله السياسي، فيما تريد الادارة الأميركية وقف الحرب كونها أصبحت تشكل احراجاً دولياً للغرب بسبب المجازر الاسرائيلية، وهو أمر يرفضه نتنياهو مخالفاً حليفته الولايات المتحدة، لدرجة اعلانه أنه لم يتحدث مع الرئيس جو بايدن منذ أن انتقد الأخير العمليات العسكرية الاسرائيلية.

وتعاني الدولة العبرية من التهديد من جهة الشمال، أي جنوب لبنان و”حزب الله”، الذي أصبح يشكل عامل اهتزاز الثقة بالحكومة الاسرائيلية والجيش، بل بالكيان الاسرائيلي ككل، فعلى الرغم من تحقيق بعض العمليات النوعية في لبنان إلا أنها لا تردع استهداف المستوطنات الحدودية، بل لا تردع استهداف العمق الاسرائيلي بالصواريخ الدقيقة والذكية، وتهدد اسرائيل بشن حرب شاملة على لبنان لتحييد هذا التهديد.

وفيما تعمل الديبلوماسية الدولية لتجنب الحرب، يحاول نتنياهو فرضها بالقوة عبر خرق “قواعد الاشتباك”، واستفزاز الحزب، الا أن محاولاته لم يكتب لها النجاح حتى الآن.

ويرى مصدر مطلع على جو الممانعة أن كل “التهديد الاسرائيلي هباء منثور، فنتنياهو لن يجرؤ على شن حرب على لبنان من دون دعم أميركي، لأن نتيجتها ستكون كحرب تموز، وهذا يعني أن مصيره سيكون مشابهاً للرئيس الاسرائيلي في تلك الفترة ايهود اولمرت، الذي انتهى مستقبله السياسي بسبب الاخفاق في الحرب، وفتحت ملفاته وتم سجنه”.

ويستبعد المصدر “أن توافق أميركا على حرب على لبنان، وهي لن تنضم اليها، إن كان بسبب الرفض العربي والأوروبي لذلك، أو لجهة ما تعرضت له القوات الأميركية في لبنان في السابق، فعلى الرغم من أن توازن القوى هو لصالح أقوى دولة في العالم، إلا أن المقاومة تستطيع توجيه ضربات موجعة الى أميركا، إن كان في الداخل اللبناني أو في الخارج، بل حتى في الداخل الأميركي، كون محور المقاومة أسس خلايا في أميركا الجنوبية، يطلقها في اللحظة التي يريد فيها توجيه ضربات موجعة رداً على شن حرب ضده، وهذا الأمر تعرفه أميركا جيداً، وتجري حرب الاستخبارات محاولة ملاحقة هذه الخلايا”.

في السياق، يلفت مصدر أمني متقاعد، في حديث لـ “لبنان الكبير” إلى أن “اسرائيل وأميركا وغيرهما يعلمون تماماً أن المقاومة مشروعة في لبنان، إن كان وفق تفاهم نيسان، أو البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة، ما أعطى حزب الله حرية حركة على الأراضي اللبنانية كافة استطاع من خلالها الاعداد لأي حرب تشن ضده حتى لو كانت من الناتو، وهو على الأرجح جهز خط دفاع أولاً وثانياً، بل وعاشراً، وقد يكون هناك لبنان آخر تحت الأرض، وقد تكون الأنفاق أكبر من أنفاق غزة، عدا عن احتمال أن تكون ممتدة الى سوريا كخطوط امداد، الأمر الذي يمكن الحزب من الصمود لأشهر طويلة ان لم يكن بضع سنوات، ما يدفع أي قوة في العالم الى التفكير مرتين بل ثلاث قبل شن حرب عليه”.

كل هذا الكلام هو عن خوض الحزب المعركة وحده من دون مساندة حلفائه في “محور المقاومة”، الذين بالتأكيد لن يقفوا متفرجين على حرب تشن عليه، ولعل أميركا واسرائيل في الموازين العسكرية أقوى وأكثر تطوراً، إلا أن ذلك لا يعني أن أي حرب ضد الحزب والمحور من خلفه لن تكون صعبة، بل من المرجح أن تكون صعبة وشرسة جداً، لا سيما أن أميركا لن تقبل حرباً وفق استراتيجية الأرض المحروقة، بسبب التنوع الذي يحظى به لبنان.

شارك المقال