١٤ شباط هذا العام… خطوة متقدمة لعودة الحريري حاملاً مبادرة إنقاذية

زياد سامي عيتاني

ليس حدثاً عابراً أن تشخص الأنظار نحو عودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان، لإحياء الذكرى 19 لاغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وبالتالي أن تتحول هذه العودة إلى حدث إستثنائي، يعوّل عليه على الصعيد الوطني العام، وليس على الصعيد السني فقط، على الرغم من القلق الشديد الذي يحيط بلبنان جراء الجبهة المشتعلة على حدوده الجنوبية، خصوصاً وأن في الأفق تلوح السيناريوات السود، التي ترسم لها احتمالات شديدة التفجّر. وهذه العودة المتجددة ليس في المظهر وحسب، بل في الجوهر، تدفع الجميع (الأوساط السياسية والشعبية) الى التساؤل: هل نضجت لدى الرجل المعطيات التي تدفعه الى كسر قرار الاعتكاف السياسي، الذي اعتمَدَه منذ 24 كانون الثاني عام 2022؟

ليس ممكناً التعاطي بصورة عابرة مع “مقدمات” هذه العودة، المغلفة بالطابع السياسي، التي تركزت على دعوته الى العدول عن قراره من مختلف الفرقاء (خصوماً قبل الحلفاء “المفترضين”!)، وما سيتخللها من لقاءات ومواقف وإلتفاف شعبي، إضافة إلى ما ستفضي إليه وقائع العودة من تظهير للقرار المنتظر أن يتخذه الرئيس الحريري، خصوصاً وأن سياقات العودة هذا العام أبعد من مجرّد الحضور الى لبنان لإحياء ذكرى 14 شباط، لا سيما أن الحريري عاد مرّتين منذ تعليق عمله السياسي للمشاركة فيها من دون أن تتخذ الزيارة هذا الطابع فوق العادي. فالمحللون والمتابعون يربطون بين “مظاهر” التغليف السياسي لإحياء ذكرى 14 شباط لهذا العام، التي تتجاوز العامل العاطفي والوجداني على غرار السنوات الماضية، وبين الأفق السياسي الذي يعمل عليه للمنطقة، وضمناً لبنان، حيث ينظر إلى الحريري بأنه عامل توازن وازن ومؤثر على صعيد المعادلة الداخلية، بعد الخلل الكبير الذي أصابها عندما إتخذ الحريري القرار “الاختياري – القسري” بتعليق العمل السياسي والاحتجاب عن مسرحه، بعد سلسلةِ خيْبات ومسار أقرب إلى التنكيل السياسي.

والعامل البارز هذا العام أيضاً إحياءً لذكرى الرئيس الشهيد، إنخراط تيار “المستقبل” تنظيمياً بكل منسقياته وقطاعاته وبمتابعة دقيقة ولصيقة من أمينه العام أحمد الحريري، تحضيراً للحشود الجماهيرية العريضة المرتقبة اليوم أمام ضريح الشهيد، رافعة شعار “هالمرة ممنوع تفلّ”، والتي مهد لها بحراك شعبي في أكثر من محافظة وعلى مواقع التواصل تحت عنوان “تعوا ننزل ليرجع” (الحريري) عن إعتكافه. ولكن، على الرغم من الاندفاعية الجديدة لتيار “المستقبل” وجمهوره من خلال المشهدية المتوقعة اليوم، فلا أحد حتى هذه اللحظة، يملك الجواب اليقين، بشأن القرار الذي لا يزال يحتفظ به لنفسه الرئيس سعد الحريري، بشأن طيّ صفحة الانكفاء تحت وطأة المطالبات بأن يعود إلى الحياة الوطنية.

إلا أن كل المعطيات والمؤشرات تشير الى أن هذه العودة للرئيس سعد الحريري، هي بمثابة “خطوة متقدمة” نحو العودة الفاعلة والمؤثرة إلى المسرح السياسي، في التوقيت الذي يراه مناسباً، الذي ربما لا يزال يحتاج إلى بعض الوقت لاكتمال ظروفه، ريثما تتضح الصورة الاقليمية بالكامل ومعها ما ينتظر لبنان، لأن الرئيس الحريري حريص كل الحرص على أن تكون عودته النهائية للإنخراط في المعادلة السياسية اللبنانية من خلال مبادرة وطنية إنقاذية، شبيهة بالمشروع الذي حمله ونفذه والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري عام 1992، عندما نقل لبنان من مرحلة الحرب إلى مرحلة السلام.

شارك المقال