يمق “راجع” إلى بلدية طرابلس بضوء أخضر… ومبادرة للصلح لا للاستقالة!

إسراء ديب
إسراء ديب

تحوّل ملف “رئاسة” بلدية طرابلس في الساعات الماضية إلى مادّة سجال “دسمة” بيْن بعض أعضاء المجلس البلديّ من جهة، والمتابعين لتفاصيل الملف من جهة ثانية، وذلك بسبب التطوّرات التي سجّلتها هذه القضية التي تعود إلى الواجهة من جديد بعودة رياض يمق “رسمياً” إلى سدّة رئاستها، بعد موافقة كلّ من وزير الدّاخلية والبلديات القاضي بسام مولوي وتوقيع محافظ طرابلس والشمال القاضي رمزي نهرا على قرار الطعن الصادر عن مجلس شورى الدّولة منذ أكثر من عام والذي يقضي بإبطال رئاسة أحمد قمر الدّين للبلدية واعادتها الى رئيسها “الشرعيّ” رياض يمق.

تُشكّل عودة يمق إلى البلدية نقطة خلاف كبيرة بين أعضاء المجلس البلديّ، في وقتٍ طُرحت فيه تساؤلات مختلفة على المستويين الرسميّ والشعبيّ، حول سبب تنفيذ القرار أو إعادة تفعيله في هذا التوقيت تحديداً، إذْ تلفت معلومات إلى أنّ وزير الداخلية كان أصدر ما يُشبه “التوصية” أو المذكّرة لنهرا للعمل على تفعيل قرار المجلس على المستوى القانوني باتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة.

مصادر سياسية توضح لـ “لبنان الكبير” أنّ سيناريوهات عدّة، قد تُفسّر سبب الموافقة على قرار الطعن حالياً، منها ما يرتبط بأهمّية “حفظ ماء الوجه” لدى القاضيين مولوي ونهرا اللذين تخلّفا قانونياً عن تنفيذ القرار والموافقة عليه بعد تجاهله لأكثر من عام وتعمّد التسويف فيه، في ظلّ الحديث عن مواجهة المهندس قمر الدّين لقضيتين جزائيتين مرتبطتين بيمق، إحداها صدر الحكم فيها، فيما لم يصدر الحكم في الأخرى، وبالتالي إنّ صدور الحكم قد يُؤدّي إلى الكشف عن عدم البتّ في هذه التفاصيل القضائية من قاضيين شمالاً، وذلك وفق المصادر التي تلفت إلى سيناريو ثانٍ يرتبط بحال قمر الدّين الصحية، إذْ تعرّض لوعكتين صحتين، آخرها كانت في العراق، وبالتالي قد تُؤخذ هذه الأمور الصحية في الاعتبار.

أمّا السيناريو الثالث المطروح، فيُشير إلى أنّ الموافقة جاءت بإيعاز من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لمولوي، وذلك بعد تحرّكات ونشاطات سياسية قد يكون مصدرها النائب فيصل كرامي عبر حلفائه الذين تواصلوا مع ميقاتي، وذلك حسب المصادر التي توقّعت وجود تحرّكات أخرى محتملة على المستوى الشماليّ أدّت إلى تفعيل القرار.

ويقول الوكيل القانونيّ ليمق المحامي نوفل عبّود في حديثٍ لـ “لبنان الكبير”: “إذا صحّ ما تمّ تداوله عن تبلّغ المحافظ مذكّرة أو أمراً تنفيذياً بوجوب اتخاذ الاجراءات الآيلة إلى إعطاء قرار مجلس  شورى الدّولة مفاعيله القانونية والذي يؤول إلى كفّ يدّ السيّد أحمد قمر الدّين وتنحيه عن رئاسة بلدية طرابلس، فإنّ هذا يُعدّ انتصاراً لمبدأ الشرعية ولحكم القانون واستعادة لهيبة القضاء ودوره، وهو يُجسّد الممارسة الصحيحة لسلطة الرقابة الادارية ممثلة بوزير الداخلية  لمبدأ المشروعية ولمبدأ سياده القانون اللذين يُعدّان همزة الوصل بين سلطة الرقابة والبلديات”.

وحسب معطيات “لبنان الكبير”، وصل إلى مبنى البلدية منذ ساعات، كتاب قضائيّ يُؤكّد صحّة تسلم يمق لرئاسة البلدية وذلك بتبليغ من المحافظ رسمياً، وتضمّن هذا الكتاب، القرار والتوقيعات عليه ليكون نافذاً، لكن يُقال انّ أحد الأعضاء، رفض تسلم التبليغ والتوقيع عليه، مع العلم أنّ التوقيع لا يُؤثر في تنفيذ القرار من عدمه.

استقالة أم خطّة؟

وبعد “الخضّة” التي أحدثتها الموافقة، يُمكن التأكيد أنّ ما يُؤرق أهالي المدينة حالياً يكمن في الحديث عن توجّه بعض أعضاء المجلس البلديّ إلى التلويح بتقديم استقالتهم، الأمر الذي قد يُطيح المجلس الحاليّ وبالتالي تسليم البلدية إلى المحافظ ما يُعدّ هاجساً للطرابلسيين، في وقتٍ لم يصدر فيه أيّ بيان رسمي أو تصريح شخصي لأيّ منهم لتوضيح وجهة نظرهم في هذه المسألة وصحّة هذه المعطيات.

ويُلوّح 7 أعضاء من أصل 20 باستقالتهم في حال عودة يمق وهم: أحمد قمر الدّين، نور الأيوبي، توفيق العتر، محي الدّين البقار، عبد الحميد كريمة، سميح حلواني وأحمد المرج، وينقصهم عضو إضافي ليتمكّنوا من حلّ المجلس.

ويُقال انّ التباين حول ملف “رئاسة” البلدية خرج اليوم عن إطاره الاداريّ، ليدخل في “البازار” السياسي، إذْ يُؤكّد متابع للملف أنّ الرئيس ميقاتي تدخل في هذه المسألة الطرابلسية، ويقول لـ “لبنان الكبير”: “حين يصل عددهم إلى ثمانية أعضاء، قد يتمكّنون من تقديم استقالة شكلية بضمانة من الرئيس ميقاتي، لتكون هذه الاستقالة بمثابة ورقة ضغط تدفع بيمق إلى الابتعاد أو ستكون نتيجتها تسليم البلدية للمحافظ إنْ لم يتنازل عن منصبه، في وقتٍ يشعر فيه بعض الأعضاء بالقلق من احتمال عدم تراجع يمق مع غياب الضمانات”.

وبعد الحديث عن الاستقالات في حال عودة يمق، يوضح الأخير لـ “لبنان الكبير” أنّ “كلّ عضو يحق له اتخاذ القرار الذي يُريده، والقرارات الملتوية لا سبيل لها، لأنّ القانون نُفّذ وكلّ ما يُمكن أن يصبّ في مصلحة المدينة سنقوم به، ولم أخالف مصلحة البلدية قطّ، ولو كنت ضدّ هذه المصلحة لما حوربت…”.

أما عضو المجلس البلديّ البروفيسور خالد تدمري فيرى أنّ الاستقالة غير واردة، “لأنّنا نتحمّل مسؤولية كبرى أمام من انتخبنا، وهذه الانتخابات تفرض علينا عدم الجلوس جانباً كما عدم التهرّب من المسؤوليات أو الاستقالة مثلاً”، مضيفاً لـ “لبنان الكبير”: “لا نرغب في الاستقالة لأنّنا نبتغي المصلحة العامّة، وندعو فعلياً إلى التعالي على الخلافات الشخصية والتمسّك بالأمانة التي نحملها من المجتمع الطرابلسيّ الذي أعطانا صوته لنمثله ولنجنّبه ما حدث في بعض البلديات المنحلّة وعلى رأسها بلدية الميناء”.

إنّ ما يخشاه بعض الأعضاء من عودة يمق، يرتبط بأدائه الذي يصفه بعضهم بـ “العنيد”، إذْ يرون أنّه “خذلهم” بعد اتفاقهم معه مسبقاً على ميثاقيْن وبقسم على القرآن، أوّله أن يكون الأمر بينهم بالشورى لتحقيق الانجازات، وثانيه يرتبط بأهمّية تنحيه في حال طلبت منه الأكثرية ذلك بعد عدم موافقتها على ممارساته، وهذا ما لم يحدث، بل وقعت خلافات وفوضى عارمة دفعتهم سابقاً إلى اللجوء لمفتي طرابلس والشمال الشيخ محمّد إمام قبيل جلسة سحب الثقة، وهي تدفعهم اليوم إلى اللجوء من جديد للمفتي كي يتدخل بمبادرة قائمة على اجتماع يُعقد في دار الفتوى، يجمع فيه الأعضاء السبعة بيمق للاتفاق على تغيير الأداء عوضاً عن الاستقالة أيّ للمصالحة.

هذه الجلسة التي قد تحدث بحضور بعض نواب طرابلس الذين كثفوا اتصالاتهم في هذا المجال أخيراً منهم: فيصل كرامي، طه ناجي، أشرف ريفي فضلاً عن ميقاتي، قد تستدعي حصول اجتماع أو لقاءٍ سياسيّ آخر يرأسه نواب المدينة (بعيداً عن اجتماع دار الفتوى) للبتّ في هذه القضية المستمرّة منذ أعوام.

شارك المقال