مفاوضات القاهرة تتواصل “في أجواء إيجابية” وسط ترقب الهجوم على رفح

لبنان الكبير

تتواصل اليوم الأربعاء في مصر المفاوضات للتوصّل إلى هدنة بين إسرائيل و”حماس” في قطاع غزة مع توجه وفد من الحركة الفلسطينية إلى القاهرة، فيما لا يزال نحو مليون ونصف المليون فلسطيني يواجهون تهديد هجوم على رفح التي تشكل ملاذهم الأخير. في حين أفادت وزارة الصحة التابعة لـ”حماس” بأنّ 104 أشخاص لقوا حتفهم خلال الليل في الهجمات الاسرائيلية، معظمهم من النساء والأطفال.

واستضافت مصر الثلاثاء، مدير وكالة الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز ورئيس “الموساد” ديفيد برنيع ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني لإجراء محادثات بشأن هدنة تشمل إطلاق سراح رهائن جدد. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية اليوم الأربعاء أنّ الوفد الإسرائيلي غادر القاهرة بعد ذلك.

وجرت المناقشات “في أجواء إيجابية”، وفق ما نقلت قناة “القاهرة الاخبارية” عن “مسؤول مصري رفيع المستوى”، قال في نهاية الاجتماع: “ستستمر المفاوضات خلال الأيام الثلاثة المقبلة”.

ويرأس مسؤول المكتب السياسي لحركة “حماس” خليل الحية وفداً إلى القاهرة لإجراء لقاء محتمل اليوم الأربعاء مع رئيسي الاستخبارات المصرية والقطرية، حسبما أفاد مصدر في الحركة لوكالة “فرانس برس”.

ويأتي ذلك فيما يستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم في القاهرة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أحد أبرز منتقدي الحملة العسكرية الاسرائيلية، في زيارة تهدف الى ترسيخ المصالحة بعد قطيعة استمرّت أكثر من عقد. وأوضح إردوغان أنّ هذه الرحلة إلى مصر، وكذلك إلى الامارات سابقاً، تنبع من اهتمام أنقرة بفعل “كل ما في وسعها لوقف إراقة الدماء”.
وفي السياق، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مساء الثلاثاء في واشنطن: “نعمل بشكل مكثّف مع مصر وقطر بشأن مقترح للإفراج عن الرهائن”.

نزحوا من الشمال إلى الجنوب

وسبق أن أمر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الجيش الاسرائيلي “بالتحضير” لهجوم على مدينة رفح الواقعة عند الحدود مع مصر، والتي تعدّ “آخر معقل لحركة حماس”، على حدّ تعبيره. في حين بدأ الكثير من الفلسطينيين مغادرة الخيم وجمع أمتعتهم، بينما اتجه آخرون إلى شمال القطاع مع أمتعتهم التي تكدّست على أسطح سياراتهم.

وقالت أحلام أبو عاصي: “نزحنا من غزة إلى الجنوب ثم (…) إلى رفح”، مضيفة: “لا مال ولا مكان آمناً”. وأكدت أنها لن تعود إلى غزة (شمال) إلا إذا تأكدت أنها “آمنة”، مشيرة الى أنها تفضل “الموت هنا. الناس يموتون هناك من الجوع”.

وكان منسق الأمم المتحدة للشؤون الانسانية مارتن غريفيث حذّر الثلاثاء من أنّ العمليات العسكرية الاسرائيلية في رفح “يمكن أن تؤدي الى مجزرة في غزة”، داعياً إسرائيل إلى عدم “الاستمرار في تجاهل” نداءات المجتمع الدولي.

“حياً أو ميتاً”

ومساء الثلاثاء، عرض الجيش الاسرائيلي للمرة الأولى مقطع فيديو قال إنه يظهر رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” في قطاع غزة يحيى السنوار داخل نفق في العاشر من تشرين الأول، أي بعد ثلاثة أيام من الهجوم الذي شنّته الحركة على جنوب إسرائيل.

وأشار المتحدث باسم الجيش دانيال هغاري في مداخلة متلفزة، الى أنّ المشاهد التي تظهر السنوار الذي تعتبره الدولة العبرية العقل المدبر لهجوم السابع من تشرين الأول، يسير داخل نفق مع أفراد من عائلته، مصدرها كاميرا مراقبة عثر عليها خلال عملية للقوات الخاصة. وقال: “إنها نتيجة مطاردتنا، هذه المطاردة لن تتوقف حتى نعتقله (السنوار) حياً أو ميتاً”.

على الرغم من تحذيرات أطلقتها دول كثيرة، يصرّ نتنياهو على مواصلة “الضغط العسكري حتى تحقيق الانتصار الكامل” على “حماس” وتحرير الرهائن. غير أنّه أكد الأحد أنّ إسرائيل ستفتح “ممرّاً آمناً” يمكن السكان من مغادرة رفح، من دون أن يحدّد الوجهة.

وتعارض الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لاسرائيل، شنّ عملية واسعة النطاق من دون ضمان سلامة المدنيين العالقين عند الحدود المغلقة مع مصر في أقصى جنوب القطاع.

وفي هذا الاطار، حضّ الرئيس الأميركي جو بايدن مجدّداً إسرائيل على وجوب وضع “خطّة ذات صدقيّة وقابلة للتنفيذ” لحماية المدنيين في أيّ هجوم على رفح.

كذلك، حضّت الصين إسرائيل الثلاثاء على وقف عمليتها العسكرية في مدينة رفح “في أقرب وقت ممكن”، محذّرة من “كارثة إنسانية” في حال تواصل القتال.

ودعت ألمانيا إسرائيل الى توفير “ممرات آمنة” للمدنيين في رفح، حيث أعلنت قناة “الجزيرة” القطرية الثلاثاء إصابة إثنين من صحافييها بجروح خطرة في قصف إسرائيلي.

وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية أن إسرائيل ستقترح إنشاء 15 مخيماً يضمّ كلّ منها 25 ألف خيمة في جنوب غرب قطاع غزة، كجزء من خطة الإخلاء.

ورفح التي تحولت إلى مخيم ضخم، هي نقطة الدخول الرئيسية للمساعدات الانسانية الشحيحة التي لا تكفي لتلبية احتياجات السكان المهددين في ظل البرد بالمجاعة والأوبئة، بحسب برنامج الأغذية العالمي التابع للامم المتحدة.

شارك المقال