إسرائيل تتوعد بعملية “قوية” في رفح غير آبهة بالضغوط الدولية المتزايدة

لبنان الكبير

شنت إسرائيل اليوم الخميس غارات مكثفة على جنوب قطاع غزة حيث توعدت بتنفيذ عملية برية “قوية” في مدينة رفح المكتظة بالنازحين على الرغم من الضغوط الدولية المتزايدة والمطالبة بعدم شن العملية نظراً إلى تبعاتها المدمرة المحتملة. في وقت تواصل الدول الوسيطة مفاوضاتها في القاهرة لمحاولة التوصل إلى هدنة وإطلاق الرهائن المحتجزين في غزة.

وبعد أكثر من أربعة أشهر من الحرب على “حماس” في كل أنحاء قطاع غزة المحاصر، يسعى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الى تدمير “المعقل الأخير” للحركة في رفح، المدينة التي أصبحت الملاذ الأخير لمئات آلاف المدنيين الذين فروا من القتال.

وذكرت صحيفة “واشنطن بوست” أن الولايات المتحدة تعمل مع مجموعة من حلفائها العرب على خطة لإرساء سلام دائم بين إسرائيل والفلسطينيين، على أن تشمل وقف القتال وإطلاق الرهائن ووضع جدول زمني لإقامة دولة فلسطينية في نهاية المطاف.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين وعرب أن تنفيذ هذه الخطة سيبدأ بوقف لاطلاق النار “يتوقع أن يستمر ستة أسابيع على الأقل” على أمل التوصل إلى اتفاق قبل 10 آذار، موعد بدء شهر رمضان.

إلا أن هذه الخطة لقيت استنكاراً من وزيرين إسرائيليين من اليمين المتطرف اعتبرا أن “دولة فلسطينية تشكل تهديداً وجودياً لدولة إسرائيل”.

وبعدما أبدت الولايات المتحدة، حليف إسرائيل الرئيسي، معارضتها لشن هجوم على رفح من دون “ضمانات” بشأن أمن المدنيين، حذّرت أستراليا وكندا ونيوزيلندا اليوم الخميس اسرائيل من النتائج “الكارثية” لمثل هذا الهجوم.

“لا مكان آخر يذهبون إليه”

وحضت دول الكومنولث الثلاث في بيان مشترك نادر من نوعه حكومة نتنياهو “على عدم سلوك هذا المسار”، مؤكدة أن “نحو 1,5 مليون فلسطيني لجأوا إلى هذه المنطقة (…) ولا يوجد ببساطة أمام المدنيين أي مكان آخر يذهبون إليه”.

لكن نتنياهو كتب على حسابه الرسمي على تطبيق “تلغرام”: “سنقاتل حتى النصر الكامل، وهو ما يتضمن تحركاً قوياً في رفح، وذلك بعد السماح للسكان المدنيين بمغادرة مناطق القتال”.

ويتجمع بحسب الأمم المتحدة نحو 1,4 مليون شخص، معظمهم نزح بسبب الحرب، في هذه المدينة التي تحولت إلى مخيم ضخم، وهي الوحيدة في القطاع التي لم يقدم الجيش الاسرائيلي حتى الآن على اجتياحها برياً. وتعد رفح أيضاً نقطة الدخول الرئيسية للمساعدات الانسانية من مصر والتي تسيطر عليها إسرائيل وهي غير كافية لتلبية حاجات السكان المهددين بالمجاعة والأوبئة.

واستهدفت غارات اليوم الخميس مدينة خان يونس الواقعة على مسافة كيلومترات قليلة شمال رفح والتي تحولت إلى ساحة خراب حيث يتركز حالياً الهجوم الاسرائيلي.

وأعلنت وزارة الصحة في حكومة “حماس” عن سقوط 107 قتلى معظمهم من النساء والأطفال جراء القصف الليلي على قطاع غزة، مشيرة الى أن القصف الذي استهدف مستشفى ناصر في خان يونس خلف قتيلاً وعدداً من الجرحى جراء قصف طال قسم العظام .

وقالت اليوم منظمة “أطباء بلا حدود” التي يواصل فريقها العمل في المستشفى إن معظم النازحين فروا في الأيام الأخيرة استجابة لأمر إخلاء من الجيش ليجدوا أنفسهم “بلا مكان يذهبون إليه”، في “مشهد مروع” بحيث أصبح القصف “جزءاً من الحياة اليومية”.

“إننا خائفون”

وقالت جميلة زيدان (43 عاماً) التي نزحت مع عائلتها من بلدة خزاعة إلى شرق خان يونس لوكالة “فرانس برس”: “غادر زوجي وابني محمد أمس (الأربعاء) مع آلاف آخرين، لكن لا أدري ما حلّ بهم، انقطع الاتصال بيننا”.

وتابعت اللاجئة التي بقيت مع بناتها الستّ في المستشفى خوفاً مما ينتظرهنّ في الخارج: “إننا خائفون. لم يعد لدينا طعام منذ أيام، ونشرب ماء ملوّثة”.

وأعلن الجيش الاسرائيلي اليوم “مواصلة غاراته المستهدفة” في خان يونس، مشيراً الى أن سلاح الجو الاسرائيلي نفذ “سلسلة من الضربات” دعماً للقوات البرية في أنحاء القطاع وصلت إلى “منشآت تحت الأرض وقواعد عسكرية ونقاط إطلاق نار تابعة لحماس”.

وأعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الخميس مجدداً عن “قلقها البالغ على حياة وسلامة الرهائن المحتجزين في غزة منذ أكثر من أربعة أشهر”.

وعلى جبهة أخرى، نفذت إسرائيل الأربعاء غارات جوية على جنوب لبنان أوقعت عشرة قتلى على الأقل من بينهم مسؤول في “حزب الله” وفق مصادر لبنانية ومصدر أمني، بعد مقتل جندية في شمال الدولة العبرية جراء صاروخ أطلق من الجانب الآخر من الحدود، وسط دعوات دولية الى تفادي اتساع رقعة الحرب.

وقال رئيس أركان الجيش الاسرائيلي هرتسي هاليفي بعد لقائه قادة عسكريين قرب الحدود اللبنانية: “إن الحملة المقبلة لاسرائيل ستكون هجومية للغاية”

“مطالب وهمية”

في الأثناء، تتواصل المفاوضات بوساطة قطرية ومصرية سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و”حماس” تشمل إطلاق سراح رهائن جدد.

وبعد اجتماع الثلاثاء في القاهرة شارك فيه مدير وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) وليام بيرنز ورئيس “الموساد” ديفيد برنيع ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ومسؤولون مصريون، تتواصل المفاوضات حتى الجمعة.

وقال نتانياهو الأربعاء في بيان: “أصر على أن تتخلى حماس عن مطالبها الوهمية. وعندما تتخلى عن مطالبها، سنكون قادرين على المضي قدماً”، من دون كشف المزيد من التفاصيل.

شارك المقال