طوفان في الأقصى

زاهر أبو حمدة

لم يستمع بنيامين نتنياهو الى تحذيرات الأجهزة الأمنية، ووافق على مقترح وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير تقييد دخول فلسطينيي الـ48 والقدس إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان. وكشفت القناة الـ13 الاسرائيلية أن من المتوقع أن يُتخذ قرار نهائي رسمي بهذا الشأن خلال الأيام القليلة المقبلة، ومن المرجح أن تصادق حكومة الاحتلال على ذلك لأسباب عدة منها الحفاظ على تماسك حكومة اليمين.

وأفادت هيئة البث الاسرائيلية أن المقترح لم يلقَ قبولاً لدى جيش الاحتلال وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك)، خوفاً من التصعيد في القدس والضفة. واقترح “الشاباك” والجيش السماح للفلسطينيين في عمر الـ45 فما فوق بدخول المسجد الأقصى، في حين اقترحت الشرطة السماح فقط لمن تتجاوز أعمارهم 60 عاماً بالدخول. ونقلت القناة الـ12 الاسرائيلية عن “قادة في الجيش تحذيرهم من انفجار الأوضاع في الضفة الغربية، ومن المتوقع الوصول إلى ذروته مع حلول شهر رمضان، وأن من الممكن في حال حصوله نقل قوات من قطاع غزة إلى الضفة أو إعادة استدعاء جنود الاحتياط الذين تم تسريحهم”. وفي كل الأحوال سيُمنع دخول المصلين تحت عمر 40 عاماً إلى الحرم القدسي، على الأقل في الأسبوع الأول من شهر رمضان.

ومنذ بداية حرب الابادة على قطاع غزة في 7 تشرين الأول الماضي حدَّ الاحتلال من وصول الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى لا سيما يوم الجمعة، بالتوازي مع تصعيد عمليات اقتحام المستوطنين للمسجد بغطاء أمني من حرس الحدود الاسرائيلي.

يكمن خوف الأجهزة الأمنية الاسرائيلية في أن عملية “طوفان الأقصى” حملت اسم المسجد لقدسيته الدينية، وهذا يعكس رد الفعل الفلسطيني تجاه أي أمر يتعلق بالمسجد المبارك لا سيما في شهر رمضان. وجاءت هذه التحذيرات بعد مطالبة بن غفير، بحظر كامل لدخول الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى المسجد خلال رمضان.

والأهم من كل ذلك، أن جيش الاحتلال سجل ارتفاعاً بنسبة 350% في العمليات الفدائية في الضفة الغربية عام 2023 مقارنة مع العام 2022. وأشارت معطيات الجيش الى تسجيل 608 عمليات إطلاق نار ودهس وطعن وإلقاء عبوات حدثت السنة الماضية في الضفة المحتلة، مقابل 170 عملية كهذه حدثت عام 2022. وأوضح الجيش أنّ نحو 300 من الأحداث هي عمليات إطلاق نار، وأنّه الرقم الأعلى منذ الانتفاضة الثانية.

من هنا يمكن لأحداث داخل مسجد الأقصى أن تؤدي إلى طوفان بشري داخله وحوله. ولذلك، يشن جيش الاحتلال حرباً استباقية باغتيال الناشطين والمقاومين أو اعتقالهم. وتفيد هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير أن حصيلة الاعتقالات منذ السابع من تشرين الأول الماضي ارتفعت إلى أكثر من 7120 أسيراً من الضفة والقدس.

وتوازياً، يمكن لأي هجوم للاحتلال على رفح مع بداية شهر رمضان وارتكاب المجازر أن يجعلا الأمور تتفلت وتتحول إلى حرب دينية واضحة. وفي الأثناء، تسارعت مخططات الاحتلال الاستيطانية ومصادرة الأراضي في القدس والضفة، وهذا ستكون له مفاعيل إضافية على الأرض، حيث كشفت منظمة “عير عميم” الحقوقية الاسرائيلية أن حكومة الاحتلال تستغل العدوان على قطاع غزة، لتثبيت المزيد من الوقائع في المناطق الفلسطينية شرق القدس، وهذه المرة في مستوطنة “نوفي رحيل” وستُبنى على المدخل الرئيسي لحي أم طوبا جنوب شرق القدس، لتشمل حوالي 650 وحدة استيطانية جديدة. وقالت المنظمة الحقوقية الاسرائيلية، في تقرير لها إنه منذ 7 تشرين الأول الماضي، تم تقديم 17 مخططاً هيكلياً للاسرائيليين داخل الخط الأخضر شرق القدس، بمجموع أكثر من 8400 وحدة استيطانية. أربعة من تلك المخططات هي عبارة عن مستوطنات جديدة بالكامل ستقام داخل الأحياء الفلسطينية أو بالقرب منها. وأشارت إلى أن أعين العالم عندما تتجه نحو غزة والشمال خلال فترة الحرب الحالية، يتم الترويج لمشاريع في أحياء شرق القدس بسرعة غير مسبوقة والتصديق عليها بسرعة في نظام التخطيط.

ويتضح أن حكومة الاحتلال تتجه نحو حسم الملفات كافة، لا سيما الأمنية والسياسية، فهي ترفض إقامة دولة فلسطينية وتريد تقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً ومن ثم السيطرة عليه، إضافة إلى السيطرة الأمنية على الضفة وغزة حسب ما قال نتنياهو، وهذا سيؤدي إلى الانفجار الكبير في فلسطين من البحر إلى النهر، وعملية الفدائي فادي جمجوم الأخيرة في كريات ملاخي “بروفا” لما يمكن أن يحدث في شهر رمضان.

شارك المقال