تصعيد الوضع جنوباً بديل عن حرب رفح “المحظورة”!

زياد سامي عيتاني

في وقت تتكثّف الجهود الدولية لمنع اندلاع صراع أشمل بين لبنان وإسرائيل، وترتيب الوضع الحدودي بين البلدين، بعدما بات مرتبطاً عضوياً بالحرب الدائرة في غزة والتي دخلت شهرها الخامس، إلا أن المواجهات تتصاعد وتتوسع لتصل إلى العمق اللبناني. فقد طالت الضربات الاسرائيلية، مؤخراً، عدة بلدات لبنانية، بينها الصوانة وعدشيت وصليا والشهابية، يبعد بعضها عن الحدود مسافات تصل إلى 25 كيلومتراً، وأدت إلى مقتل نحو 10 لبنانيين بينهم أطفال. إلا أن الغارات الاسرائيلية وصلت أمس الى بلدة الغازية التي تبعد حوالي 60 كيلومتراً عن الحدود، رداً على هجوم مسيرة لـ “حزب الله” على طبريا، بحسب المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي دانيال هاغاري.

وكان الطيران الحربي الاسرائيلي شنّ سلسلة غارات على محيط بلدات العديسة ويارين والبستان وميس الجبل، كما استهدفت المدفعية محيط بلدة كفرشوبا، في القطاع الشرقي من جنوب لبنان. وفي وقت سابق من يوم الاثنين، أعلن جيش الاحتلال إغلاق 4 محاور رئيسة للطرق في الجليل الأعلى والمناطق المتاخمة للحدود مع لبنان. وأوضحت هيئة البث الاسرائيلية الرسمية أن الطرق هي مفرق مالكيا، ومفرق يشع، وتقاطع مدخل مارغليوت، وتقاطع جيبور. وأشارت الى أن القرار اتخذ بعد تقويم أجراه الجيش الاسرائيلي للأوضاع، من دون أن تكشف عن طبيعة هذا التقويم أو النتائج التي خلص إليها.

وفي هذا السياق، أفاد موقع “إسرائيل اليوم” بأن الانفجار في منطقة إربيل، قرب بحيرة طبريا، ناجم عن تحطم طائرة مسيّرة أطلقها “حزب الله” من لبنان، موضحاً أن هذه المسيّرة تحطمت على بعد 30 كيلومترا من الحدود، من دون وقوع أضرار أو إصابات. وأشار إلى أن صافرات الانذار التي انطلقت صباح الاثنين في كريات شمونة، ووصفها الجيش الاسرائيلي فيما بعد بأنها إنذار كاذب، كانت مرتبطة بهذا الحادث. ولفتت صحيفة “إسرائيل اليوم” إلى تقديرات بأن “حزب الله” سيطر على مسيرة تابعة لمجلس بلدة المطلة على الحدود اللبنانية ونقلها إلى لبنان. في المقابل، أعلن “حزب الله” أن مقاتليه استهدفوا موقعي ‏بركة ريشا والسماقة الاسرائيليين قبالة الحدود اللبنانية، وحققوا إصابات مباشرة، كما استهدفوا موقع الرمثا، في مزارع شبعا المحتلة.

ووسط التصعيد المتمادي، أعلنت القناة الـ12 الاسرائيلية أن المستويات السياسية والعسكرية تستعد لاحتمال مهاجمة مواقع إستراتيجية وانقطاع للكهرباء، في حال فتح جبهة في الشمال. ونقلت القناة عن وزير الطاقة إيلي كوهين قوله إن منشآت الطاقة مهددة، والوزارة تعمل بالتعاون مع البحرية وقوات الأمن والشرطة لحمايتها. وأضاف كوهين: “ان الحكومة تستعد لمختلف السيناريوهات في حال نشوب حرب، بما في ذلك انقطاع التيار الكهربائي”، على حد تعبيره.

إزاء تسارع التصعيد المتبادل على الحدود اللبنانية الاسرائيلية وزيادة وتيرته وتوسعه، السؤال الذي يفرض نفسه: هل إختراق قواعد الاشتباك، يعني سقوط مفاعيل القرار 1701، وبالتالي فإن التطورات مرشحة للإنفلات؟ يستبعد أحد الديبلوماسيين العاملين في لبنان الوصول الى حرب شاملة بين لبنان وإسرائيل، معتبراً أن الأخيرة تدرك أن انزلاق الجبهة نحو المواجهة سيعني سقوط الكثير من المحاذير التي كان يختفي خلفها. ويرى الديبلوماسي أن التصعيد الاسرائيلي جنوباً هو بمثابة رد من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو على ما يتعرض له من ضغوط أميركية وأوروبية تمنعه من فتح معركة رفح، كما كان يخطط.

وتواصلت المواقف الدولية لثني الاحتلال الاسرائيلي عن شن هجوم بري على رفح جنوبي قطاع غزة. وفي وقت سابق حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن في اتصال هاتفي مع نتنياهو من شن إسرائيل عملية في رفح من دون وجود خطة لحفظ سلامة المدنيين. وقال البيت الأبيض في بيان: “إن بايدن كرر موقفه لناحية أن عملية عسكرية يجب ألا تتم من دون خطة موثوقة وقابلة للتنفيذ تضمن أمن المدنيين في رفح”.

ويضع الديبلوماسي العدوان الاسرائيلي على بلدة الغازية في اطار رسالة تهديد من نتنياهو الى الادارة الأميركية والمجتمع الغربي بشن حرب شاملة مع “حزب الله”، رداً على موقفهما من الحرب التي ينوي شنها على رفح.

شارك المقال