إيران – الغرب: لعبة حافة الهاوية في مياه ساخنة

علي البغدادي

مع استلام ابراهيم رئيسي مقاليد الرئاسة الإيرانية دخلت طهران في معركة لي أذرع مع المصالح الغربية وخاصة الولايات المتحدة وبريطانيا وسط الأمواج المتلاطمة للخليج العربي الذي باتت مياهه تزداد سخونة تقترب من مرحلة الغليان العسكري.

ومع أي إيران والدول الغربية يخوضان في أجواء معتدلة، عكس اجواء الخليج الحارة، مباحثات بطيئة الإيقاع حتى الآن، في فيينا من أجل إحياء الاتفاق النووي الذي انسحبت منه واشنطن إبان ولاية الرئيس السابق دونالد ترمب وعلى هذا الأساس تشهد المنطقة تصعيداً على أكثر من مسار وفي أكثر من بؤرة توتر.

ويمثل الزخم الإعلامي المصاحب لتصريحات الساسة في بريطانيا والولايات المتحدة وحتى إسرائيل باكورة تحركات لتحشيد عالمي قد يسهم في جانب منه بتوفير بيئة لشن ضربات منتقاة على أهداف عسكرية في إيران فضلاً عن استهداف حلفائها أو أذرعها المسلحة، أو الدفع بمزيد من الضغط على إيران لتقديم تنازلات في مفاوضات فيينا وقبول الشروط الأميركية وخاصة ما يتعلق بملف الصواريخ والطائرات المسيرة أو ملف دعم الفصائل الموالية لها في الشرق الأوسط .

واعتادت إيران ممارسة لعبة حافة الهاوية منذ أربعة عقود في التعامل مع الغرب والتصعيد حد اقتراب الانفجار ثم التراجع لاحقاً مع تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وحتى عسكرية، وهي سياسة مكنتها من بسط نفوذها في أربع عواصم عربية ومحاولة التغلغل في عواصم أخرى.

وقال النائب العراقي ظافر العاني نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي ورئيس لجنة العلاقات السياسية في البرلمان العربي في تغريدة في حسابه على “تويتر” أنه “ليست المرة الأولى التي تتنصل فيها إيران من عمل عسكري تقوم به في المنطقة هي أو ميليشياتها فقد اعتادوا دبلوماسية الإنكار”.

وأضاف العاني أن “عدم تحملها (إيران) المسؤولية في قصف باخرة صهيونية يكشف للجميع أنها ليست سوى نمر من ورق يخاف ردة فعل الصهاينة، وتذكّرنا بالصبية الذين اعتادوا الأكاذيب لكي لا ينالهم العقاب.”

ويبدو أن الهجوم الذي وقع قرب سواحل الفجيرة الإماراتية واستهدف ناقلة نفط سنغافورية ارتطمت بلغم بحري، وخروج سفينتين أخريين عن السيطرة جراء تعرضها لهجوم سيبراني أو اختطافها، يؤشر إلى أن هناك تصعيداً قادماً في ثلاث ساحات مهمة، هي مياه الخليج والعراق وسوريا، حيث ستختار كل من إيران وإسرائيل الميدان الذي يناسبها.

وأوضح الدكتور فراس الياس المتخصص بالشؤون الاستراتيجية والأمنية أن “إيران تبدو متهيئة لأي سيناريو للتصعيد عبر نصب العديد من صواريخ أس 300 ومنظومات دفاع جوي في محيط العديد من المواقع النووية، إلى جانب تفعيل منظومة الدفاع الساحلي، فضلاً عن ذلك؛ قامت إيران مؤخراً بنصب العديد من منظومات الرادار على الحدود العراقية – السورية إلى جانب تغيير مواقع بعض نقاطها العسكرية داخل سوريا، كإجراء احترازي لأي ضربة تشنها إسرائيل في الأيام المقبلة”.

وأضاف الياس أن “الهجوم السيبراني يطرح نفسه خياراً مهماً في منظومة الرد على إيران كما تحاول إسرائيل استغلال الفرصة عبر ضرب عصفورين بحجر واحد، من خلال عرقلة مفاوضات فيينا وتوجية رسالة ردع لإبراهيم رئيسي الذي يتسلم الرئاسة قريباً”.

وأشار المتخصص بالشؤون الاستراتيجية والأمنية إلى أن “العراق وسوريا هما الميدان الأبرز للمواجهة، حيث شهدت الأيام الماضية تحركات عسكرية مهمة من قبل إيران، أما إسرائيل فهي الأخرى أجرت تحديثات على خططها العسكرية على طول حدودها الشمالية.”

إقرأ أيضاً: إيران: استفحال أزمة قطاع النفط و”فاقد الشيء لا يعطيه”

وتتحرك إيران سواء في المنطقة وخصوصاً في العراق وسوريا بدقة وبخطوات مدروسة لاسيما أن الفصائل الشيعية المسلحة دخلت في وضع تأهب مع احتمالات المواجهة.

وتداولت مصادر إعلامية وحسابات على مواقع التواصل أنباء عن قيام “ميليشيات حزب الله والنجباء وسيد الشهداء والعصائب بالدخول في حالة انذار ج (أقصى حالات التأهب) لمدة 48 ساعة وإخلاء مقراتها الرئيسية في بابل وكربلاء والبصرة والأنبار والتهيؤ لأي أمر طارئ خلال اليومين المقبلين”، مشيرة إلى أن “أي عمل عسكري يستهدف إيران أو الميليشيات في العراق وسوريا رداً على استهداف سفينة إسرائيلية أو سفن أخرى سيكون رد الميليشيات سريعاً وسيتم استهداف مواقع لم تستهدفها الميليشيات من قبل، ولن تستثنى البعثات الدبلوماسية من ذلك”، موضحة أن “الإنذار جاء بعد أن وصلتهم تحذيرات من مسؤولين عراقيين بأن سبب غلق القنصلية الأميركية في البصرة مخطط له مسبقاً ويأتي قبل تنفيذ هجمات ضد إيران وأذرعها في سوريا والعراق، وأن التركيز سيكون على بابل وكربلاء والبصرة والأنبار”.

شارك المقال