قرار استقالة أعضاء بلدية طرابلس على المحكّ… والمدينة تغرق في دوامة!

إسراء ديب
إسراء ديب

يضغط بعض نواب مدينة طرابلس لإرساء الأوضاع المتوترة باستمرار وتهدئتها في بلديتها، بحيث يبدو أنّ الأعضاء الثمانية الذين كانوا لوّحوا باستقالاتهم منذ أيّام في حال عودة الرئيس رياض يمق إلى رئاسة البلدية، ما زالوا يتمسّكون بقرارهم الذي سيُؤدّي حتماً إلى حلّ المجلس البلديّ ليتسلّم فيما بعد محافظ طرابلس والشمال القاضي رمزي نهرا شؤون البلدية وإدارتها.

وفي وقتٍ يرفض فيه طرابلسيّون فكرة تسلّم نهرا للبلدية وتحدّث بعضهم عن أهمّية التحضير لتحرّك شعبيّ للتنديد بالقرار البلديّ “إنْ نُفذ” خوفاً من عواقبه، لا يُخفي الأعضاء الذين تقدّموا باستقالتهم فعلياً بعد تسجيلها لدى كاتب العدل وتسليمها الى مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمّد إمام قبيل تسليمها الى المحافظة، أنّ التعاون مع يمق لا يُمكن أنْ يحدث، في ظلّ اعتراضهم الدائم على أسلوب تعاطيه معهم ومع ملفات البلدية التي تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم.

ومنذ أيّام، لوّح 7 أعضاء من أصل 20 باستقالتهم في حال عودة يمق، وانضمّ إليهم بعد عودته، عضو إضافي ليُصبحوا 8 أعضاء وهم: أحمد قمر الدّين، نور الأيوبي، توفيق العتر، محي الدّين البقار، عبد الحميد كريمة، سميح حلواني، باسل الحج وأحمد المرج، وبالتالي فإنّ هؤلاء (الذين تُشير أوساط طرابلسية إلى احتمال ارتفاعهم بعد تقديم عضوين إضافيين استقالتهما في القريب العاجل)، توجهوا مغرب يوم الجمعة للقاء مفتي طرابلس الذي يرونه (نظراً الى ثقتهم بحكمته ورؤيته) الأجدر بتحمّل هذه المسؤولية التي لا يغفلون عن خطورتها في حال تنفيذها جدّياً، لذلك عمدوا الى تسليم استقالاتهم الجماعية له رفضاً لمبادرة “الاقناع” أو “الاصلاح” القائمة على إقناع يمق بتغيير أدائه، بل وضعت هذه الاستقالات لمدّة 10 أيّام عند المفتي ليسعى إلى إيجاد الحلّ الأنسب لها قبيل تسليمها الى المحافظة.

ووفق معطيات “لبنان الكبير”، فإنّ المفتي إمام كان أبدى إيجابية في تعاطيه مع الأعضاء الثمانية لأنّه يُدرك صعوبة هذا الملف، معتبراً أنّ “من الجيّد أنّ تصل هذه الأوراق إلى يديه قبل توجهها إلى مكانٍ آخر، لأنّ الصلح خير لصالح المدينة وأبنائها”.

أمّا الأعضاء، فتُؤكّد المعطيات أنّهم لا يُشدّدون على التهديد بالاستقالة ليُعيدوا رئاسة البلدية إلى أحمد قمر الدّين كما يُروّج البعض، إذْ يرون أنّ المعركة ليست لصالح أحد، بل هم يرغبون في إقناع يمق بالاستقالة واستبداله بشخصية أخرى، وهذا ما تمّ تأكيده أمام المفتي الذي وعدهم بإيجاد حلول لهذا الموضوع بدءاً من يوم الاثنين المقبل حين سيلتقي يمق الذي يشعر الأعضاء المستقيلون أنّه “لن يقبل بالتنازل حتماً”.

وفي حال لم يُوافق يمق على التنحي عن منصبه، يُؤكّد مصدر بلديّ لـ “لبنان الكبير” أنّ عدم استقالته تدفع بأصحاب الاستقالة إلى تسليمها إلى المحافظ بحيث يُمكن للأخير أن يُكلّف الأكبر سناً لادارة البلدية أيّ قمر الدّين، تماماً كما حدث خلال فترة سحب الثقة من يمق وإعادة الانتخاب.

ومن هذا المنطلق، يعود قمر الدّين مكلّفاً بصلاحيات محدودة للغاية من دون مجلس بلديّ والذي يتمسّك ببقائه بعض نواب طرابلس وأبرزهم: فيصل كرامي، إيهاب مطر وأشرف ريفي، في ظلّ غياب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، مع العلم أنّ الحديث عن “همروجة” الاستقالة يُقال انّ ميقاتي كان أعطى الضوء الأخضر بتنفيذها للضغط على يمق الذي قد تُؤدّي استقالته، إلى تكليف الأكبر سناً أيضاً لكن ببقاء المجلس وعدم حلّه.

وعن سبب عدم إجراء انتخابات لرئاسة البلدية عوضاً عن مسألة التكليف، يُؤكّد المصدر أنّ التكليف سيكون قائماً، “لأنّ أقلّ من 6 أشهر تفصلنا عن موعد الانتخابات البلدية، لكن في حال كان موعد الاستحقاق بعيداً لمدّة تزيد عن 6 أشهر، يُمكن للمحافظ الدّعوة قانوناً إلى إجراء جلسة انتخاب”.

إلى ذلك، وفي وقتٍ تُواجه فيه البلدية معركة شرسة حول المنصب مع محاولة يمق إبداء حسن نيّته منذ عودته (التي لم تُسجّل مشكلة خاصّة عند التسليم والتسلّم)، وتحدّث بعض المقرّبين منه عن محاولته إحياء مشاريع طرابلسية وآخرها يرتبط بتحرّكه ضدّ أزمة النفايات، تلفت معطيات إلى توجّه موظفي البلدية وعمالها إلى إعلان إضرابهم عن العمل بدءاً من يوم الاثنين لاستحصال حقوقهم، في ظلّ تحدّث البعض عن وجود “نيّة” لديهم بإعلان إضراب قد يكون مفتوحاً، ولكن يرتبط برفض عودة يمق إلى كرسيه بصورة غير مباشرة.

أزمات

في الواقع، تُواجه المدينة أزمات لا تُعدّ ولا تُحصى خصوصاً في الفترة الأخيرة في ظلّ انشغال أعضاء البلدية بخلافاتهم، منها الكلاب الشاردة والطليقة التي هاجمت منذ ساعات الطبيب طه بازرباشي الذي فوجئ بأربعة كلاب تهجم عليه ليقوم أحدها بعضّ سرواله وتمزيق أسفله، مع تعرّض مواطنيْن آخريْن إلى جروح في قدميهما بسبب تهجم الكلاب عليهما عند شارع المئتين، في ظلّ تأكيد من المتابعينّ أنّ بعض الكلاب الجائعة يُعاني من داء الكلَب الذي لم تتلقّ الكلاب لقاحاً لعلاجه، ولا يُمكن أيضاً إيجاد أدوية مناسبة لعلاج الانسان المصاب به مع فقدان الأدوية، ويعزو بعض مهندسي المدينة هذه الظاهرة إلى تعاظم العجز المالي عند البلدية التي تواصل معها الطبيب عقب الحادثة، وأيضاً إلى عدم اعتياد المواطنين وتأقلمهم مع بيئة الكلاب التي باتت منتشرة بكثرة مع تخلّي أصحابها عنها.

أمّا المشكلة “الأعظم” التي لم تجد حلّاً جذرياً لها منذ أكثر من عام، فترتبط بأزمة النفايات التي ملأت شوارع المدينة وتكدّست إلى جانب المستوعبات منذ ساعات، وذلك بسبب إضراب شركة “باتكو” المشغّلة للمكبّ والتي لم تتلقَ مستحقّاتها منذ شهر تشرين الأوّل 2023 بسبب تعليق الأوراق بين مجلس الانماء والاعمار ووزارة المالية لتسهيل دفع المستحقّات، ما دفعها إلى إقفال أبواب المكب التي كان يُغلقها العمّال تارة، والادارة تارّة أخرى لأشهر، وبسبب اتصالات الرسميين مساءً بمدراء الشركة تمّت فيها تحديد المراجعات والتوصيات، فتحت الشركة أبواب المكبّ مرّة أخرى صباحاً.

من هنا، يتمنّى رئيس اتحاد نقابات العمّال والمستخدمين في الشمال شادي السيّد في تصريح لـ “لبنان الكبير”، على مجلس الانماء والاعمار والمالية دفع المستحقات لشركة “باتكو” ليعود الحقّ إلى أصحابه والعمّال، وأن يجد المفتي إمام الحلّ المناسب لتتمكّن طرابلس من إيجاد الرئيس الذي يهتمّ بها ويُدير شؤونها بعيداً عن فكرة التمسّك بالمنصب، لأنّها تحتاج إلى من يُساندها في ملفاتها خصوصاً في ملف النفايات الذي لا يُقفل أبداً في مدينة لا تتحمّل وأبناؤها هذا الوزر الذي يتفاقم مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك.

شارك المقال