وثيقة نتنياهو توجّه إدارة بايدن؟

حسناء بو حرفوش

إنتقادات بالجملة طالت الخطة الرسمية التي كشف عنها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لفترة ما بعد حرب غزة. ومن جملة الانتقادات أن الخطة تخضع لاعتبارات سياسية وهي أبعد من أن تقدم استراتيجية ملموسة للمستقبل.

ووفقاً لقراءة في موقع “أن بي سي” الالكتروني، “يعتبر الخبراء أن اقتراح نتنياهو يتعلق بالمواقف السياسية أكثر بكثير مما يبحث عن استراتيجية ملموسة للأشهر والسنوات المقبلة. ويظهر ذلك من خلال شكل الوثيقة في سطور معدودة وتوقيت صدورها بين ليلة وضحاها.

الانتقادات أتت من الخبراء الاسرائيليين أيضاً، حيث علق الباحث جدعون رهط، أستاذ في قسم العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس بالقول إن الوثيقة تبعث على السواء بالايجابية والسلبية، فالخبر السار هو وجود خطة للمستقبل لكن الخبر السيء هو أنها لا تتضمن فعلياً الكثير”.

وتنص الوثيقة على “استمرار الوجود العسكري الاسرائيلي واستمرار الأعمال في المنطقة العازلة شمال غزة، والتي عارضتها إدارة بايدن منذ إنشائها. وتؤكد الخطة، التي تنقسم إلى أهداف فورية ومتوسطة وطويلة الأجل، طموحات نتنياهو الأكثر إلحاحاً: تجريد غزة من السلاح بصورة كاملة، وإنهاء حكم حماس، وإطلاق سراح الرهائن الذين ظلوا محتجزين منذ 7 أكتوبر.

وعلى المدى المتوسط، تدعو الخطة الى إصلاح شامل للادارة المدنية في غزة والتي ستعتمد على عناصر محلية ذات خبرة إدارية. ولا تذكر الخطة السلطة الفلسطينية، التي قال الرئيس جو بايدن سابقاً إنها ستحكم في نهاية المطاف، غزة والضفة الغربية المحتلة، باعتبارها هيئة مُعاد تنشيطها.

كما ينص الاقتراح على الاقفال الجنوبي على الحدود مع مصر لمنع أي تراكم لاعادة تسليح العوامل الارهابية، ويدعو إلى إدخال برنامج شامل لمكافحة التطرف وإغلاق وكالة الأونروا التابعة للأمم المتحدة في نهاية المطاف. 

رفض إسرائيل الاملاءات الدولية

هذا يعني أن الهدفين الوحيدين على المدى الطويل في الخطة يدوران حول رفض نتنياهو الاملاءات الدولية في ما يتعلق بالتسوية الدائمة مع الفلسطينيين فضلاً عن معارضته لأي اعتراف أحادي الجانب بالدولة الفلسطينية، وهو ما صنفته الوثيقة بمثابة اعتراف أحادي الجانب بالدولة الفلسطينية مكافأة للارهاب، كما ذكر التحليل. وعلى الرغم من دفع الولايات المتحدة من أجل حل الدولتين للصراع الاسرائيلي الفلسطيني لعقود من الزمن، إلا أنها لم تعترف رسمياً بالدولة الفلسطينية المستقلة نفسها. كانت إدارة بايدن تستكشف الخيارات لوضع خطة الدولتين بعد الحرب، حسبما قال مسؤول كبير في الادارة لشبكة إن بي سي نيوز في وقت سابق من هذا الشهر. 

توجيه إدارة بايدن

وحسب دوف واكسمان، مدير مركز Y&S Nazarian للدراسات الاسرائيلية التابع لجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، قد يهدف نشر خطة نتنياهو جزئياً الى استباق أي اقتراح يحدد وجهات نظر إدارة بايدن بشأن ما يجب أن يحدث بمجرد انتهاء الحرب. ولم ترد إدارة بايدن على الفور على طلب من شبكة إن بي سي نيوز للتعليق في هذا السياق.

وأكد جون كيربي، منسق الاتصالات الاستراتيجية في البيت الأبيض، في مؤتمر صحافي افتراضي الجمعة، أن بايدن لا يزال ملتزماً بصورة كاملة بالسعي إلى حل الدولتين. وبدورها، انتقدت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية خطة نتنياهو، قائلة إنها تعني إعادة احتلال قطاع غزة وعرقلة الجهود الأميركية والدولية لإقامة دولة فلسطينية.

وفي نهاية المطاف، لا تحقق خطة نتنياهو الكثير، حسب ما جزم نمرود غورين، الباحث في الشؤون الاسرائيلية في معهد الشرق الأوسط في حديث لـ”ان بي سي”، مضيفاً: “في ما يتعلق بالديبلوماسية، ما قدمه نتنياهو لا يشبه وثيقة تدفع الأمور إلى الأمام. كما أنه لا يحدث فارقاً على المدى الطويل، ببساطة لأن السياسات على المدى الطويل ستتحدد في نهاية المطاف من قيادة وحكومة مختلفة”.

وهذا ما تؤكده لغة الوثيقة العبرية حصراً “والموجهة حسب غورين، إلى حد كبير للجمهور الاسرائيلي، بهدف إعطاء نتنياهو بعض الشرعية الداخلية التي يفتقر إليها حالياً مع استمرار انخفاض الدعم في استطلاعات الرأي والتدقيق المتزايد الذي يتولاه اليمينيون في الحكومة”. ويؤيد رهط هذه القراءة معتبراً أن الخطة وضعت على الأرجح لتبعث لادارة بايدن “برسالة مفادها أن مخاوف نتنياهو حول مستقبل غزة مرتبطة إلى حد كبير بالأمن”.

حرب مستمرة

ويأتي الاعلان عن هذه الوثيقة في ظل استمرار المفاوضات حول الهدنة والرفض الفسلطيني لاقتراح نتنياهو. وكان موقع “أكسيوس” قد كشف السبت، بعض تفاصيل المقترح الجديد خلال الاجتماع في العاصمة الفرنسية باريس، بحضور ممثلي الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر وقطر. وتستمر الغارات الاسرائيلية العنيفة على الرغم من الدعوات الدولية الى الهدنة الانسانية، وآخرها دعوة 26 من أصل 27 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي إلى “هدنة إنسانية فورية” تفضي إلى “وقف مستدام لاطلاق النار” في غزة.

شارك المقال